الكويت: غضب من خط الداخلية للإبلاغ عن "مزوري ومزدوجي الجنسية"

16 مارس 2024
الخطوة تثير جدلاً كبيراً داخل الكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وزارة الداخلية الكويتية أطلقت مبادرة لتخصيص خط ساخن للإبلاغ عن تزوير الجنسية وازدواجها، مؤكدة على سرية المعلومات واعتبار الإبلاغ واجبًا وطنيًا.
- الإعلان تلقى انتقادات شديدة من شخصيات سياسية وناشطين، معتبرينه يحول المواطنين إلى "مخبرين" ويهدد النسيج الاجتماعي ووحدة البلاد.
- بعض الأفراد والمسؤولين دافعوا عن الإجراء، مشيرين إلى أهميته في حماية الهوية الوطنية ومكافحة جرائم الجنسية، واعتبروا الانتقادات محاولة لعرقلة جهود الدولة.

أثار إعلان وزارة الداخلية الكويتية، مساء أمس الجمعة، تخصيص خط ساخن للإبلاغ عن حالات تزوير أو ازدواج الجنسية عاصفة من الردود الأفعال الغاضبة لدى الشارع السياسي في البلاد، الذين هاجموا الوزارة واعتبروا إعلانها محاولة لتوظيف الناس "مُخبرين" عند أجهزة الأمن، كما طاول هجومهم رئيس الحكومة الشيخ محمد صباح السالم الصباح، ووزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف السعود الصباح.

وقالت وزارة الداخلية، عبر منصاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، إنّ مباحث الجنسية أعلنت عن "خط ساخن للإبلاغ عن مزوري ومزدوجي الجنسية"، من أجل الإدلاء بكل المعلومات الجديّة بشأنهم، وذلك "من منطلق الواجب الوطني، وحفاظاً على الهوية والمصلحة الوطنية، وتجسيداً لمقولة كل مواطن خفير".

وتابعت أنها تتعامل مع جميع المعلومات المرسلة إليها "بسرية تامة"، مؤكدةً مواصلة الإدارة العامة للجنسية "ضبط المزورين والمزدوجين".

وتوالت ردود الأفعال الغاضبة في الكويت على إعلان وزارة الداخلية، من ممثلي التيارات والقوى السياسية، والشخصيات العامة البارزة والمؤثرة، بالإضافة إلى الناشطين المدنيين، وروّاد مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت.

وإثر موجة الردود الغاضبة ضد إعلان وزارة الداخلية، أصدرت الأخيرة بياناً جديداً، عصر اليوم السبت، أوضحت من خلاله أنها استندت في إعلانها الصادر أمس، على "القانون الذي من شأنه مكافحة الجريمة والفساد والحفاظ على الهوية الوطنية والصالح العام، حيث إن كل شخص علم بوجود جريمة ملزم بالإبلاغ عنها وفقاً للقانون".

وبيّنت أنه "تنص المادة (14) من قانون 17 لعام 1960 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، على أن كل شخص شهد ارتكاب جريمة، أو علم بوقوعها، عليه أن يبلغ بذلك فوراً أقرب جهة من جهات الشرطة أو التحقيق، ويعاقب من امتنع عن التبليغ، ممالأة منه للمتهمين، بعقوبة الامتناع عن الشهادة، ولا يجري هذا الحكم على زوج أي شخص له يد في ارتكاب هذه الجريمة أو على أصوله أو فروعه".

وأكّدت وزارة الداخلية الكويتية أنّ "كل القرارات المتخذة تلتزم التزاماً بالدستور والقوانين والاعتبارات الأمنية حماية للمصلحة العامة، كما أن جميع الأرقام الخاصة بالوزارة هي للإبلاغ عن جميع الجرائم".

وقال أمين عام "حركة العمل الشعبي" (حشد)، المعارض السياسي البارز في الكويت مسلّم البراك، إنّ بيان وزارة الداخلية "بيان كارثي يهدم قيم الدولة، ويؤجج العنصرية ويمزق المجتمع، ويثير الفتنة والشقاق بين أبناء الوطن الواحد". وأضاف: "إذ نستنكر هذه الأفعال المشينة من وزير الداخلية، فإننا نحمّل رئيس الوزراء الشيخ محمد الصباح المسؤولية كاملة عن ممارسات وزير الداخلية التدميرية، التي تشكل تهديداً كبيراً للدولة وتضرب وحدتها الوطنية في مقتل، وتجعل من الدولة راعياً رسمياً لضرب مكونات المجتمع بعضها ببعض".

وشدد البراك، في منشور له على "إكس"، على أنّ "أقل ما يمكن أن تقوم به الحكومة لغسل سمعتها بعد هذه الفعلة الشنعاء هو سحب البيان المشين، وإصدار بيان رسمي يحمل اعتذاراً واضحاً عن هذا المسلك الذي يجعل من ملف الجنسية مادة للتجسس وبوابة للفتنة".

من جانبه، كتب نائب رئيس مجلس الأمة (البرلمان) المنحلّ أخيراً، محمد براك المطير، على حسابه في "إكس": "لسنا ضد تطبيق القانون، لكن التعامل مع هذا الملف يجب أن يكون وفق أسس قانونية ودستورية، لا على سلوك الدول البوليسية"، مضيفاً: "على الحكومة واجب وطني لا يحتمل التأخير بإلغاء هذه الدعوة الصريحة للتجسس، التي تتنافى مع الثوابت الشرعية، وأخلاق أهل الكويت ووحدتهم الوطنية".

بدوره، كتب أستاذ القانون النائب السابق عبيد الوسمي: "الأخ وزير الداخلية لا يليق بوزارة الداخلية أن تجعل من الهوية الوطنية مادة للسجال ولا من اللائق أن يُجنّد جزء من الشعب مُخبرين بطلب من الوزير، الذي تنازل لهم عن صلاحياته". وتابع: "أصبح من الواجب الحتمي فرض رقابة القضاء على مسائل الجنسية حتى لا يصدر من الدولة مثل هذا البيان الشاذ".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وقال النائب في البرلمان المنحلّ سعود العصفور، إنّ "وضع الناس موضع الشبهة وتحريضهم على التجسس بعضهم على بعض هي من صور العبث الذي يضر بالبلاد والعباد، والتعامل مع ملف حساس ومهم مثل ملف الجنسية بهذه العقلية البائسة أمر خطير، واستمرار من يتبنى هذا الأسلوب مرفوض".

في المقابل، كتب رئيس كلية القانون الكويتية العالمية (جامعة أهلية)، محمد المقاطع: "نشكر الحكومة ووزير الداخلية على هذه الخطوة الوطنية الجبارة لكشف المزورين والمزدوجين والمرتكبين لأبشع الجرائم والمخالفات القانونية التي تهدد الوطن وسيادته". واعتبر أنّ "كل من يعترض على هذا الموضوع مرتكب لجريمة التحريض على استمرار جرائم التزوير والازدواج، ويجب اتخاذ كل إجراءات التحريض في حقه".

من جهته، قال اللواء الركن المتقاعد مشهور السعيدي: "لا أعرف كيف يتم الدفاع عن هؤلاء الخائنين لضمائرهم للأعمال المحرمة شرعاً وقانوناً، ويجب على من يعتقد أن الكويت وطنه أن يتخلى عن الجنسية الأخرى قبل فوات الأوان، ويجب أن تُدعم أجهزة الدولة لكشف الحقائق، وكفى نفاقاً من الانتهازيين الذي يقدمون مصالحهم على الدين والدولة".

المساهمون