كشفت مصادر ليبية رفيعة النقاب عن بدء المجلس الرئاسي اتصالات مع قادة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة من أجل تضييق هوة الخلافات بينهم؛ للتوافق على التشريعات اللازمة لإجراء الانتخابات الوطنية في موعدها المحدد يوم 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وسط تحضيرات حثيثة لقمة وزارية دولية تستضيفها العاصمة الليبية، نهاية الشهر الجاري، لطرح مبادرة استقرار ليبيا.
وجدد المجلس الأعلى للدولة رفضه قوانين الانتخابات التي أقرها مجلس النواب، مؤكداً أنها صدرت بطريقة غير توافقية، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الأعلى للدولة.
وطالب المجلس الأعلى بـ"الإسراع باتخاذ الخطوات العملية لإنجاز العملية الانتخابية والتمسك بموعد الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول بقوانين توافقية، ورفض مخالفات مجلس النواب المتكررة للاتفاق السياسي، ومنع تفرده بتفصيل قوانين الانتخابات"، مشيراً إلى أن المجلس عازم على توضيح رؤيته الخاصة بالتشريعات الانتخابية للأطراف المحلية والدولية.
جاء ذلك بعد موافقة مجلس النواب، خلال جلسة يوم أمس الإثنين، على التعديلات التي اقترحتها المفوضية العليا للانتخابات في قانون الانتخابات الرئاسية، الذي أقره يوم 18 أغسطس/آب الماضي، وفي قانون الانتخابات البرلمانية، الذي أقره في الرابع من الشهر الجاري.
وفي سياق دوره لحلحلة الخلافات بين المجلسين؛ قالت مصادر ليبية رفيعة لـ"العربي الجديد" إن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بدأ اتصالات مع قادة المجلسين بهدف تضييق هوة خلافاتهما حول التشريعات الانتخابية اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر، مشيرة إلى أن مقترحاته للطرفين تدور حول إمكانية الإبقاء على القوانين الانتخابية التي أقرها مجلس النواب وإجراء تعديلات طفيفة عليها، مع إمكانية ضمها في قاعدة دستورية واحدة.
ويسابق المجلس الرئاسي الزمن لتطوير عدة مقترحات لتقريب وجهات النظر بين عدة أطراف ليبية مختلفة في الوقت الذي يعمل فيه على الإعداد لمؤتمر دولي لطرح مبادرة ليبية تناقش قضايا تتعلق بإمكانية إيجاد مقاربة مناسبة لمصالح الدول المتدخلة في البلاد، وفقاً للمصادر.
وكشفت المصادر عن شكل الخلاف بين المجلسين، موضحة أن الخلاف بينهما لا يدور حول القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب ونصوصها؛ بل يدور حول موعد إجراء الانتخابات، ففيما قرر مجلس النواب أن تكون الانتخابات يوم 24 ديسمبر/كانون الأول للانتخابات الرئاسية، وتأجيل البرلمانية ثلاثين يوماً بعدها، طالب المجلس الأعلى بعكس ذلك؛ أي إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً وتأجيل الرئاسية ثلاثين يوماً بعد الأولى.
ويدرك المجلس الرئاسي، وأطراف دولية قريبة من مسار الانتخابات الليبية، أن الخلافات بين المجلسين ليست قانونية بقدر ما تتعلق بسعيهما لضمان مكاسبهما السياسية ومرور شخصيات يصطفون وراءها للمرحلة السياسية المقبلة، بحسب المصادر، التي لمحت إلى محاولة المجلس الرئاسي البحث عن ضمانات أخرى للطرفين من أجل إنجاز اتفاق سريع بينهما من خلال التعويل، أيضاً، على الضغوط الدولية على المجلسين لفرض مقترح بديل، كان المنفي قد صرح به في السابق، ويتضمن استبعاد الشخصيات السياسية النافذة في المشهد الحالي من الترشح للانتخابات.
وفي سياق هذه الاتصالات، قال المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي إن رئيسه المنفي التقى نائب رئيس المجلس الأعلى للدولة، عمر أبو شاح، مساء الإثنين، وبحث معه "الآليات القانونية والدستورية للانتخابات"، وإمكانية وضع مقترحات عملية تلبي تطلعات كافة الليبيين، وتقبل بنتائجها جميع الأطراف، دون أي تفاصيل أخرى.
وعلى الرغم من الخلافات الجديدة داخل الحكومة، بعد بيان أصدره النائب الأول لرئيس الحكومة، حسين القطراني، الأحد؛ فإن المصادر ترجح انتهاء الخلافات داخل الحكومة بانتهائها بين مجلسي النواب والدولة، خاصة وأن بيان القطراني حمل مسمّى "مسؤولي برقة بالحكومة"، ما يشعر بوقوف شخصيات مقربة من مجلس النواب أبرزها خليفة حفتر الذي يضغط من أجل السماح له بالانخراط في الانتخابات المقبلة.
وفي سياق قريب، اجتمع الدبيبة باللجنة التحضيرية لمؤتمر استقرار ليبيا، التي تضم عدداً من وزراء الحكومة، من بينهم وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش التي أجرت زيارات لعدد من العواصم العربية، مؤخراً، وقدمت لها دعوة للمشاركة في المؤتمر.
ووفقاً لبيان المكتب الإعلامي للحكومة؛ فإن المنقوش قدمت للدبيبة، خلال الاجتماع، شرحاً حول الإجراءات المتخذة بشأن الاستعدادات السياسية واللوجستية من قبل وزارتها لعقد المؤتمر، فيما حث الدبيبة كافة الوزارات بحكومته على التكاتف مع وزارة الخارجية لــ"إنجاح هذا الحدث".
ووفقاً للمصادر ذاتها فإن المؤتمر المزمع أن تستضيفه ليبيا نهاية الشهر الجاري؛ على مستوى وزراء خارجية عدد من الدول المعنية بالملف الليبي، يهدف لطرح رؤية ليبية تتضمن مقاربة حول مصالح الدول المعنية بالملف الليبي، سيما الإقليمية منها، بالإضافة لتصورها في ملف انسحاب المقاتلين الأجانب من البلاد والتأكيد على السيادة الليبية كأحد أهم السبل لدعم إنجاح الانتخابات الليبية المقبلة وضمان قبول الأطراف الليبية بنتائجها.
وكان الدبيبة قد أعلن عن عزم ليبيا إطلاق مبادرة لـ"استقرار ليبيا"، خلال مشاركته في مؤتمر برلين الثاني في يونيو/حزيران الماضي، قبل أن يعلن المنفي عن عزم بلاده على استضافة مؤتمر دولي لطرح المبادرة، خلال مشاركته في أعمال الدورة 67 للجمعية العامة الأمم المتحدة مؤخراً.