التقى وفد من "المجلس الوطني الكردي" السوري مساعد نائب وزير الخارجية الأميركية، المبعوث الخاص إلى سورية إيثان غولدريتش، أول من أمس الأربعاء، في مدينة أربيل، شمالي العراق. واستبق غولدريتش اللقاء، بإجرائه اجتماعات عدة في الآونة الأخيرة مع أغلب أطياف المعارضة السورية، في محاولة كما يبدو لتحريك العملية السياسية المتوقفة في سورية.
طبيعة اجتماع أربيل
وحول طبيعة اجتماع أربيل، كشف عضو مكتب العلاقات في "المجلس الوطني الكردي" إبراهيم برو، في حديث مع "العربي الجديد"، أن اللقاء "جاء بناء على رغبة المسؤول الأميركي"، مشيراً إلى أن النقاش "تطرق للعملية السياسية في سورية والأوضاع في الشمال الشرقي من البلاد، وإمكانية إحياء الحوار الكردي الكردي".
وتابع: "تحدثنا بالتفصيل عن الأوضاع المعيشية الصعبة في الشمال الشرقي من سورية والتجنيد الإجباري والتعليم". ووفقاً لبرو تطرق الحديث إلى "أوضاع النازحين من أهالي عفرين وتل أبيض وسري كانية (رأس العين) وإمكانية عودتهم إلى منازلهم، عبر الحوار مع الفصائل الموجودة في تلك المناطق والضغط على قوات سورية الديمقراطية (قسد) للسماح لهؤلاء النازحين بالعودة".
ونزح عدد كبير من سكان المناطق المذكورة من الأكراد، إثر سيطرة فصائل المعارضة السورية عليها خشية التعرض لانتهاكات.
إبراهيم برو: قسد تفرض على الأكراد مناهج تعليمية مؤدلجة
واعتبر برو أن "الإدارة الذاتية (التي تديرها قوات سورية الديمقراطية) في شمال شرق سورية تفرض على الأكراد مناهج تعليمية غير معترف بها ومؤدلجة".
ولفت إلى أن وفد المجلس دعا الجانب الأميركي لـ"ممارسة نفوذه للحد من هجرة سكان الشمال الشرقي من سورية عموماً والمناطق الكردية خصوصاً، من خلال معالجة الكثير من القضايا الملحة التي تدفع السكان للهجرة، مثل الأوضاع المعيشية الصعبة والتجنيد الإجباري والتعليم المؤدلج غير المعترف به".
وتفرض "قسد" التجنيد الإجباري على الشبان في منطقة شرق نهر الفرات، وهو ما يدفع الكثيرين منهم للهجرة إلى خارج سورية. كما يشتكي سكان المنطقة من سوء الأوضاع المعيشية فيها، على الرغم من غناها بالثروات النفطية والزراعية، مع قلة عدد السكان بسبب النزوح والهجرة المستمرة.
فيصل يوسف: المجلس الوطني الكردي مستعد للعودة إلى طاولة الحوار
من جهته، أكد المنسق العام لـ"حركة الإصلاح الكردي"، عضو "الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي" فيصل يوسف، في حديث مع "العربي الجديد"، استعداد "المجلس الوطني الكردي للعودة إلى طاولة الحوار مع الاتحاد الديمقراطي، وفقاً لاتفاقية دهوك (الموقعة في عام 2014) ووثيقة الضمانات الموقعة من الخارجية الأميركية ومن قائد قوات قسد، مظلوم عبدي"، في عام 2020.
حوار واتفاقية وضمانات
وكان الجانبان توصلا لـ"اتفاقية دهوك" غير أن "الاتحاد الديمقراطي" لم يلتزم بها، عندما سيطر لاحقاً على الشمال الشرقي من سورية. ونصت الاتفاقية على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل "حركة المجتمع الديمقراطي" (أحزاب الوحدة الوطنية الكردية وعلى رأسها الاتحاد الديمقراطي) فيها بنسبة 40 في المائة، و"المجلس الوطني الكردي" 40 في المائة، و20 في المائة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين.
كذلك تمّ الاتفاق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 32 شخصاً، ممثلين وفق الآتي: 12 من "حركة المجتمع الديمقراطي"، و12 من "المجلس الوطني"، وثمانية من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين.
وكانت واشنطن رعت حواراً بين "المجلس الوطني الكردي" وحزب "الاتحاد الديمقراطي" لتشكيل مرجعية سياسية للأكراد وللتشارك في إدارة الشمال الشرقي من سورية إلا أن الحوار تجمّد أواخر عام 2020 بعد عدد من الجولات.
ومرد التجميد إلى رفض "الاتحاد الديمقراطي"، مطالب المجلس، تحديداً لجهة "فك الارتباط بين الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني، وإلغاء التجنيد الإجباري، وحسم مصير المعتقلين والمختطفين، وإعادة النظر بالوضع التعليمي المفروض حاليا على المدارس في شمال شرق سورية".
في سياق آخر، يستعد "المجلس الوطني الكردي" منذ عدة أشهر لعقد مؤتمره الرابع في شمال شرق سورية. وتأجل المؤتمر مرات عدة خلال السنوات السابقة بسبب "الضغوط الأمنية التي مارسها حزب الاتحاد الديمقراطي، وفق إبراهيم برو.
من جهته، أكد فيصل يوسف في سياق حديثه مع "العربي الجديد" أن عقد المؤتمر الرابع للمجلس الوطني الكردي "بات قريباً جداً"، من دون تحديد موعد.
وتشكّل المجلس في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2011، في إقليم كردستان العراق من ائتلاف العديد من الأحزاب السورية الكردية. وانضوى لاحقاً في صفوف المعارضة السورية من خلال الانضمام إلى الائتلاف الوطني السوري. ويدعو المجلس في أدبياته السياسية إلى "تحقيق اللامركزية السياسية في الحكم في سياق وحدة الأراضي السورية".
كما يرى أن المسألة الكردية في سورية تحل في سياق الحل السياسي للقضية السورية، بعيداً عن أي مشروعات سياسية أخرى تتعلق بالأكراد في تركيا أو غيرها من البلدان.