المحاكمات فرصة لدونالد ترامب... حد أقصى من محاولات الاستغلال

29 اغسطس 2023
ترامب في مطار أتلانتا بعد خروجه من سجن مقاطعة فولتون، الخميس الماضي (جو رايدلي/Getty)
+ الخط -

تفرض المحاكمات التي يواجهها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نفسها بنداً رئيسياً على الانتخابات الرئاسية المنتظرة العام المقبل، لا سيما أن مواعيد هذه المحاكمات المتشعبة تتداخل مع الجدول الزمني للاستحقاق، وبالتالي تربك حملة ترامب الساعي لنيل ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية أولاً على أمل الفوز على المرشح الديمقراطي الرئيس الحالي جو بايدن للبقاء في البيت الأبيض.

وفي وقت تُعتبر قضية قلب نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020 والتي فاز بها الديمقراطي جو بايدن، الأكثر تشعباً وخطورة من بين التهم الأربع التي يواجهها، فإن الرئيس السابق استغل صورته الجنائية داخل سجن في ولاية جورجيا، التي تُعد سابقة لرئيس أميركي، لمصلحته، بعد الإعلان أنه تمكن من جمع أكثر من 7 ملايين دولار من التبرعات منذ نشر الصورة.

ومن المُنتظر أن يمثل ترامب أمام محكمة في جورجيا في 6 سبتمبر/أيلول المقبل في قضية قلب نتائج انتخابات 2020، وفقاً للقاضية الفيدرالية في واشنطن تانيا تشاتكن، التي عقدت جلسة استماع في القضية أمس الاثنين. وقال محامو ترامب أمس، إنهم سلموا معظم الأدلة في القضية والتي يبلغ مجموعها حوالي 12.8 مليون صفحة.

كما حددت القاضية نفسها الرابع من مارس/ آذار 2024 موعدا لبدء المحاكمة الجنائية لترامب بالتهمة نفسها على المستوى الفيدرالي وليس في القضية المرفوعة ضده في جورجيا.

وكان المدّعي الخاص الفيدرالي جاك سميث قد طلب، أخيراً، تحديد موعد بدء محاكمة الرئيس الأميركي الخامس والأربعين بتهم التآمر لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020 في الثاني من يناير/ كانون الثاني 2024. في المقابل، طلب محامو ترامب بدء المحاكمة في إبريل/ نيسان 2026، بعد حوالي عام ونصف العام من انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 التي يخوضها الملياردير الجمهوري سعياً ليكون الرئيس الأميركي المقبل للمرة الثانية.

ووُجهت تهم جنائية إلى ترامب في أربع قضايا خلال العام الحالي؛ اثنتان منها في واشنطن والثالثة في نيويورك والرابعة في ولاية جورجيا، فيما يواجه 91 تهمة عبر لوائح الاتهام الأربع. ومن المقرر أن يحاكم ترامب في مارس/ آذار المقبل في نيويورك بتهمة الكذب بشأن مبالغ مالية دفعها لممثلة أفلام إباحية لشراء صمتها قبل انتخابات 2016، وفي مايو/ أيار المقبل في فلوريدا في قضية إخفاء وثائق حكومية سرية.

كما يواجه ترامب مع 18 متهماً آخر في جورجيا تهماً بالابتزاز والتآمر لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولاية الجنوبية. ولم يحدد قاضي محكمة مقاطعة فولتون العليا في ولاية جورجيا، سكوت ماكافي، والذي يتولى هذه القضية واسعة التشعبات، موعداً حتى الآن لبدء المحاكمة.

ومحاكمة ترامب في قضية قلب نتائج الانتخابات في ولاية جورجيا قد تكون مفيدة له، بحسب "واشنطن بوست". فمن جهة، ستكون هذه المحاكمة متلفزة على الأغلب، ويقول خبراء إن تبكير موعدها قد يكون مفيداً لترامب، لأنه سيتعيّن على المدعية العامة لمقاطعة فولتون فاني ويليس، أن تُسرع بجمع أدلتها لإدانة ترامب، وهو ما سيعطي لباقي المتهمين في القضية وقتاً لتكييف دفاعاتهم وفقاً للحكم.

ويواجه ترامب في القضية المرفوعة أمام القاضية الفيدرالية تانيا تشاتكن، في واشنطن، بما يتعلق بقلب نتائج 2020، (نظراً لأن هذه القضية فيدرالية أيضاً)، اتهامات بالتآمر ضد الدولة الأميركية والتآمر لعرقلة آلية رسمية، على خلفية دوره في الهجوم الذي شنه أنصار له على الكابيتول (مقر الكونغرس) في 6 يناير/ كانون الثاني 2021 لمقاطعة جلسته لتثبيت بايدن رئيساً بعد انتخابات 2020. كما أن ترامب متهم في إطار هذه القضية التي يمثل فيها بمفرده، بحرمان ناخبين أميركيين من حقوقهم من خلال ادعائه بأنه فاز في الانتخابات.

وأصدرت القاضية تشاتكن التي عيّنها الرئيس الأسبق الديمقراطي باراك أوباما، بعض أشدّ العقوبات بحق مشاركين في الهجوم على الكونغرس، واتهمها ترامب بأنها "مسيّسة للغاية" و"شديدة الانحياز".

إيرز: إذا أدين ترامب بتهمة جنائية فلا أعرف كيف سيكون رد فعل الناس

وقال المستشار السياسي ويت إيرز، لوكالة "فرانس برس"، إن "تسلسل هذه المحاكمات ينطوي على أهمية كبرى"، لافتاً إلى أن "هذا الأمر سيسمح، إذا استمرت المحاكمة (بقلب نتائج 2020) لأربعة إلى ستة أسابيع، بأن تنتهي قبل الثلاثاء الكبير (5 مارس 2024)، أي قبل أن تدلي الغالبية الكبرى من الناخبين بأصواتها في الانتخابات التمهيدية الجمهورية". ورأى إيرز أنه في حال تمت تبرئة ترامب في هذه القضية، فمن المرجح أن يفوز بترشيح حزبه للسباق الرئاسي، على ضوء تصدره بفارق كبير حالياً استطلاعات الرأي بين المرشحين الجمهوريين.

وأضاف: "لكن إذا أدين بتهمة جنائية خطيرة، فلا أعرف ما سيكون رد فعل الناس على ذلك، لأننا لم نواجه يوماً ما يشبه ولو من بعيد وضعاً كهذا".

في غضون ذلك، أعلنت حملة دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية أول من أمس الأحد، أنها جمعت 7,1 ملايين دولار منذ نشر الصورة الجنائية لترامب بعد توقيفه، الخميس الماضي، لفترة وجيزة وإطلاق سراحه لاحقاً بكفالة في ولاية جورجيا بتهمة التآمر لقلب نتيجة انتخابات 2020.

وسارعت الحملة لترويج الصورة التي بدا فيها ترامب متجهماً، وجعلها رمزاً لحملته الانتخابية، وأكد المتحدث باسم الحملة ستيفن تشونغ لوكالة "فرانس برس" أنه تمّ جمع ما يقرب من 20 مليون دولار في الأسابيع الثلاثة الماضية بالتزامن مع توجيه لائحة اتهام في واشنطن وصورة ترامب الجنائية.

وأضاف أنه جُمعت "7,1 ملايين منذ الخميس. 4,18 ملايين البارحة (السبت) فقط، وهو أعلى رقم يتم جمعه في يوم منذ انطلاق الحملة". وأشار إلى أن التبرعات حلّقت، خصوصاً بعدما نشر ترامب الصورة في تغريدة على موقع "إكس" (تويتر سابقاً)، بحسب قوله.

بالمقابل، استخدم الديمقراطيون هذه الصورة للإشارة إلى أن لا أحد فوق القانون. أما بالنسبة للرئيس بايدن، فقد تجاهل الصورة في تصريحاته للصحافيين الجمعة الماضي، وقال بطريقة مازحة: "رأيتها على شاشة التلفزيون. إنه رجل وسيم".

وبحسب استطلاع جديد للرأي، أجراه مركز أسوشييتد برس-نورك لأبحاث الشؤون العامة، فإن 77 في المائة من الأميركيين، وهم 89 بالمائة جمهوريون و69 بالمائة ديمقراطيون، يرون أن بايدن (81 عاماً) لا يستطيع أن يكون رئيساً ذا فاعلية لولاية ثانية.

أما ترامب، الذي يصغره ببضع سنوات فقط مع 77 عاماً، فهو يثير مخاوف أقل بشأن عمره بحسب الاستطلاع. مع العلم أن حوالي نصف البالغين الأميركيين يعتبرون أن ترامب كبير في السن أيضاً، ولا يستطيع القيام بمهام المنصب بشكل ملائم.

(العربي الجديد، أسوشييتد برس، فرانس برس)

المساهمون