قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، الثلاثاء، إن مكتبها يعمل مع السلطات الليبية لمواصلة التحقيق في المقابر الجماعية التي اكتشفت في مدينة ترهونة، جنوب طرابلس الليبية، موضحة أنه تم انتشال 100 جثة من تلك المقابر الجماعية وأن الكثير منها كانت معصوبة العينين وموثوقة اليدين.
وجاءت تصريحات بنسودا خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، عبر دائرة تلفزيونية، التي تقدمها بين فترة وأخرى أمام المجلس لاطلاعه على التحقيقات التي يقوم بها مكتبها، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1970 الذي اعتمد عام 2011. وقالت إن هناك بعثات من مكتبها داخل ليبيا لجمع الحقائق وتقوم بالتعاون مع السلطات الوطنية، مشيدة بتعاون حكومة الوفاق الوطني مع مكتبها.
وأشارت بنسودا في إحاطتها إلى أن مكتبها تلقى معلومات مفادها أن "الهجوم الذي انتهى مؤخراً ضد طرابلس والذي شنته الميليشيا المتواجدة في الغرب والمعروفة باسم "الجيش الوطني الليبي" (قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر) وقواها المناصرة، يشكل جزءاً من نموذج عنف معتاد يقوم بممارسة القصف العشوائي للمناطق المدنية والاختطاف القسري، والاحتجاز، وتعذيب المدنيين، والقتل دون محاكمة، ونهب الممتلكات المدنية". وفيما شدد على أن "هذه نماذج عنف متكررة شهدناها من قبل في بنغازي وسرت وغيرها"، تحدثت عن تلقي مكتبها معلومات موثوقة تفيد بزيادة استخدام الألغام والمتفجرات يدوية الصنع مما أدى إلى مقتل 49 شخصاً على الأقل بين مايو/ أيار ويوليو/ تموز الماضيين.
وأشارت إلى متابعة مكتبها لتقارير حول استهداف المدنيين الذين عبروا عن معارضتهم في شرق وغرب ليبيا. ولفتت إلى "دعوة بعثة الأمم المتحدة لليبيا للتحقيق بالاستخدام المزعوم للقوة المفرطة على يد القوات الأمنية في 23 من شهر أغسطس/ آب في كل من الزاوية وطرابلس".
ونوهت في هذا السياق إلى أن مكتبها مستمر بتلقي معلومات بشأن مزاعم حول جرائم خطيرة يتم ارتكابها في السجون ومراكز الاحتجاز الليبية. وقالت "لقد أشرت في تقريري السابق للمجلس لادعاءات بأن مراكز احتجاز في شرق ليبيا وسجن معيتيقة في طرابلس، والتي تسيطر عليها قوى الردع الخاصة تستخدم لاحتجاز مدنيين بشكل تعسفي وتحت ظروف غير إنسانية. كما بلغتنا ادعاءات باستخدام التعذيب ووفدي يواصل تلقي أدلة بشأن هذه المزاعم."
ودعت بنسودا كل الأطراف في الصراع الليبي إلى "وضع حد لاستخدام مراكز الاحتجاز لسوء معاملة المدنيين وارتكاب جرائم ضدهم"، منبهة إلى أن القانون الدولي وميثاق روما يحظر استخدام مراكز الاحتجاز بهذا الشكل، داعية في الآن نفسه إلى السماح للمراقبين الدوليين والمحققين بالوصول لمرافق الاحتجاز والتعاون معهم.
وقالت إن مكتبها يرصد كذلك أوضاع المشردين داخلياً والجرائم المرتكبة ضد المهاجرين في ليبيا. وتحدثت في هذا السياق عن استمرار الاتجار بهم وتعذيبهم. وعبرت عن قلقها من أنه وعلى الرغم من فرض مجلس الأمن عقوبات على أحمد عمر الدباشي، الذين كان من أبرز مهربي البشر، بسبب ضلوعه بجرائم ضد المهاجرين، إلا أن مكتبها ما زال يحصل على تقارير مفادها استمرار ارتكاب تلك الجرائم.
ورحبت بفرض الاتحاد الأوروبي للعقوبات ضد موسى ذياب، الذي أشار فريق خبراء الأمم المتحدة إلى ضلوعه بالاتجار بالبشر والاغتصاب وقتل اللاجئين. ثم ركزت على قضية عدم تسليم هؤلاء الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف عن المحكمة الجنائية الدولية. ووصفت ذلك بأنه من العوائق الأساسية التي تحول دون قيام مكتبها بتحقيق العدالة للضحايا في حالات الجرائم الفظيعة المرتكبة في ليبيا.
وعبرت عن أسفها أن الأفراد الذين صدرت ضدهم مذكرات توقيف ما زالوا أحراراً. وذكرت أن مذكرات التوقيف بحق كل من نجل العقيد الليبي الراحل، سيف الإسلام القذافي ورئيس جهاز الأمن الداخلي الليبي السابق، التهامي محمد خالد بقيت بلا رد. وتابعت قائلة "يزعم أن السيد التهامي ما زال مقيماً في مصر وندعو الأطراف والدول المعنية بما فيها جمهورية مصر العربية أن تسلم كل الفارين دون إطالة".
وخلصت بنسودا في إحاطتها إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تجد نفسها أكثر وأكثر بصدد مجابهة أطراف مختلفة تحاول أن تقوض عمل المحكمة لأسباب سياسية، مناشدة المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتقديم الدعم اللازم للمحكمة الجنائية الدولية وعملها لكي تتمكن من الحفاظ على استقلاليتها وعملها من أجل إحلال القانون الدولي.