المرتزقة... سلاح روسيا بحثاً عن نصر سريع في أوكرانيا

15 مارس 2022
تكبدت روسيا خسائر كبيرة في غزوها (أناتولي ستيبانوف/فرانس برس)
+ الخط -

في ظل عدم تحقق الرهانات الروسية على تحقيق نصر سريع في أوكرانيا وتشكيل حكومة موالية لموسكو في كييف، يتجه الكرملين للاستعانة بآلاف المرتزقة من الشرق الأوسط، وممن يسميهم بـ"المتطوعين" للمشاركة في غزو أوكرانيا، وسط استمرار أعمال القتال للأسبوع الثالث على التوالي.

وذكرت إدارة المخابرات التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية، أن روسيا افتتحت 14 مركزاً لتجنيد المرتزقة في سورية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في محافظات دمشق وحلب وحماة والرقة ودير الزور، لتلقي التدريب ثم التوجه إلى مطار "تشكالوفسكي" العسكري في ضواحي موسكو على متن طائرتي "توبوليف-134" (تتسع لـ80 راكباً) و"توبوليف-154" (180 راكباً).


ذكرت إدارة المخابرات الأوكرانية أن روسيا افتتحت 14 مركزاً لتجنيد المرتزقة في سورية في المناطق الخاضعة للنظام

وزعم البيان، الذي أوردته صحيفة "أوكراينسكايا برافدا" الأوكرانية أول من أمس الأحد، أن روسيا جنّدت آلاف السوريين، بمن فيهم عناصر قوات الدفاع الوطني والفيلق الخامس المدعوم من روسيا، متوقعاً أنهم سيستخدمون المدفعية الثقيلة وأسلحة القنص ضد الأوكرانيين، وسيتقاضون أجوراً زهيدة تتراوح بين 300 و600 دولار فقط.

في المقابل، ادعت وزارة الدفاع الروسية أمس الأول الأحد، مقتل 180 من المرتزقة الأجانب جراء ضربة على مركز تدريب تابع للجيش الأوكراني في بلدة ستاريتشي وميدان التجارب يافوروفسكي في مقاطعة لفيف غرب أوكرانيا، كان يتم تدريبهم تمهيداً لإرسالهم للقتال ضد العسكريين الروس، وفق الرواية الرسمية الروسية، مما قد يشكل أرضية لتبرير استقدام المتطوعين العرب أمام الرأيين العام الداخلي والدولي.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وافق يوم الجمعة الماضي، على اقتراح وزير دفاعه سيرغي شويغو، الاستعانة بـ"المتطوعين" من الشرق الأوسط للمشاركة في أعمال القتال في أوكرانيا. وأرجع بوتين قراره أثناء اجتماعه مع الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الروسي إلى قيام "النظام" الأوكراني ورعاته الغربيين باستقدام المرتزقة من كافة أنحاء العالم من دون الاحتكام إلى القانون الدولي، على حد قوله.

استغلال أوضاع السوريين لتجنيدهم

 

تعليقاً على ذلك، اعتبر الأكاديمي السوري المعارض المقيم في موسكو، محمود الحمزة، أن قبول روسيا باستقدام المقاتلين الأجانب إلى أوكرانيا يرجع إلى عجزها عن تحقيق نصر سريع في عمليتها العسكرية، معرباً عن أسفه لاستغلال سوء الأوضاع المادية للسوريين لتجنيدهم للقتال في صفوف الشركات العسكرية الخاصة.

وقال الحمزة في حديث مع "العربي الجديد": "أعتقد أن روسيا تقبّلت فكرة استقدام المقاتلين أو المتطوعين كما تسميهم، والذين سيدعمون القوات الروسية في أوكرانيا، رداً على إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن تشكيل فيلق من المتطوعين الأجانب، مع الاختلاف أنه يدافع عن بلده بواسطته".

وتابع: "القيادة الروسية تكبّدت خسائر كبيرة في القوات بعد أن واجهت دفاعاً مستميتاً من قبل الجيش الأوكراني والقوات الشعبية، فأراد الروس وضع واجهة لهم أو مقدمة من المقاتلين المرتزقة المستقدمين من الشرق الأوسط".

وعن التوقعات بمشاركة المقاتلين السوريين في أعمال القتال إلى جانب القوات الروسية، أسف الحمزة "لمجيء جزء من المقاتلين من سورية، بعدما سبق لروسيا أن جندت مرتزقة أو متطوعين أو مقاتلين مأجورين من سورية لإرسالهم إلى ليبيا تحت إشراف شركة فاغنر العسكرية الخاصة".

وأضاف: "لم يتم تحويل سورية إلى ساحة صراع فحسب، وإنما يتم استغلال الظروف المادية للسوريين والكارثة الإنسانية في البلاد لتجنيد الشباب مقابل مبالغ من المال ليُقتلوا في أماكن مختلفة من العالم".

وحول المهام التي قد يؤديها المقاتلون العرب في أوكرانيا، لفت إلى أن بوتين "أعلن عن قبول متطوعين يحضرون بناء على رغبتهم وليس مأجورين"، مستدركاً "لكنهم، في الواقع، مرتزقة لم يأتوا بلا مقابل، وسيُستخدمون للتستر على وجود مقاتلي فاغنر الذين ربما قد وصلوا إلى كييف".

ولفت الحمزة إلى أنه بعد مرور نحو أسبوعين ونصف الأسبوع على بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إلا أن خيرسون لا تزال المدينة الكبيرة الوحيدة التي سيطرت عليها القوات الروسية، وسط عجزها عن دخول خاركيف وماريوبول، على الرغم من إلحاق دمار هائل بالمدينتين، كما أنها لم تتمكن حتى من الاقتراب من كييف.

سخط في أوكرانيا

 

من جهته، توقع الخبير في شؤون الشركات العسكرية الخاصة، يفغيني بيرسينيف، أن يكون أغلب "المتطوعين" القادمين للقتال في أوكرانيا من السوريين.

وقال في تعليق لـ"العربي الجديد": "يجري بالدرجة الأولى الحديث عن المتطوعين من سورية التي تأسست معها علاقات وطيدة في السنوات الماضية، بالإضافة إلى تشكّل قوات غير رسمية فيها تدرب عناصرها على استخدام السلاح بواسطة المدربين الروس"، مضيفاً "قد يتم أيضاً استقدام بعض المقاتلين العراقيين سواء ممن خدموا في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، أو من الجيل الجديد".

وفي السياق، نقلت صحيفة "إر بي كا" الروسية عن الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، ترجيحه أن الحديث يجري عن المليشيات السورية التي حاربت إلى جانب نظام بشار الأسد في سورية، إضافة إلى مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا، من دون أن تتم تسوية أوضاعها القانونية بعد.

وأضاف: "بما أنه تم الإعلان عن المتطوعين، فلا يقتضي ذلك، على الأرجح، مشاركة الجيش النظامي السوري، فليس من الواضح كيف يمكن للعسكري السوري الذي أدى القسم، أن يتطوع للمشاركة في حرب في بلد آخر".


وجّه مفتي أوكرانيا نداء إلى السوريين لعدم الاستجابة لدعوة بوتين للقتال

وأثار عزم روسيا تجنيد المقاتلين من الشرق الأوسط موجة من السخط في أوكرانيا، إذ وجّه مفتي أوكرانيا سعيد إسماعيلوف، نداء إلى السوريين لعدم الاستجابة لدعوة بوتين للقتال في أوكرانيا. وقال إسماعيلوف في بيان: "لا تأتوا إلى أرضنا لقتلنا. أود أن أتوجه بالحديث إلى السوريين، لا تكونوا شركاء في الخطيئة والجريمة. بدلاً من ذلك، ادعموا الحرية والعدالة. مسلمو أوكرانيا جزء لا يتجزأ من المجتمع الأوكراني. نحن نحمي أيضاً وطننا الأم. أوكرانيا ليست هي من هاجمت روسيا".

وحتى قبل إعلان بوتين بشكل رسمي قبوله الاستعانة بـ"المتطوعين" من الشرق الأوسط، انتشرت في أوكرانيا معلومات عن عزم موسكو الاستعانة بالمرتزقة السوريين للمشاركة في أعمال القتال. وفي مقطع فيديو حظي بأكثر من 300 ألف مشاهدة على "يوتيوب"، كشف أحد أشهر الإعلاميين الأوكرانيين، دميتري غوردون، أن قادة عسكريين روساً، بينهم ألكسندر غرينكيفيتش، يتولون تجنيد السوريين للتوجه إلى أوكرانيا، مع وعود بمرتب شهري قدره 1800 دولار و"نساء جميلات سيقدمن لهم خدمات جنسية مجانية"، على حد زعمه.

ويظهر البحث عن اسم غرينكيفيتش على محركات البحث أنه جنرال روسي يشغل منصب نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة بين أطراف النزاع في سورية.