يعتمد الجيش التركي بشكل كبير على الطائرات المسيّرة لاستهداف قياديين وعناصر في "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في الشمال السوري. ومن المرجح أن تكون المسّيرات من أهم أسلحة الجيش التركي، إذا ما مضت أنقرة في خطط لها لشنّ هجوم عسكري جديد في شمال سورية، تستهدف من ضمن أهدافه إبعاد هذه القوات عن الحدود الجنوبية التركية.
وذكرت وسائل إعلام كردية، أن مسيّرة تركية استهدفت أمس الأربعاء، مبنى يضم عيادات طبية في بلدة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، والخاضعة لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل الثقل الرئيسي في "قسد". ولم يسفر الاستهداف، بحسب وسائل الإعلام، عن قتلى أو جرحى، لخلوه أثناء تنفيذ الضربة. من جهتها، استهدفت قوات "قسد" أمس، سيارة مدنية بصاروخ في ريف مدينة جرابلس، الواقعة على الحدود السورية - التركية، وفق مصادر محلية أكدت إصابة السائق وأفراد عائلته بجروح، بعضها خطرة.
وتعد منطقة تل رفعت التي تسيطر عليها "قسد" منذ مطلع علم 2016، هدفاً رئيسياً من أهداف الجيش التركي في سورية، حيث تشير المعطيات الميدانية والتصريحات التركية إلى أن هذه المنطقة الواقعة غربي نهر الفرات، ستكون مسرحاً لأي هجوم تركي جديد، خصوصاً أنها تقع خارج النفوذ الأميركي.
مسيّرة تركية استهدفت أمس الأربعاء مبنى يضم عيادات طبية في بلدة تل رفعت في ريف حلب الشمالي
ويسعى الجيش التركي وفصائل المعارضة المرتبطة به إلى قضم المزيد من المناطق الخاضعة لسيطرة "قسد" في شمال سورية من خلال شنّ عملية واسعة النطاق لا تزال ضمن الحسابات التركية، من دون أن تتضح محاورها بعد، وذلك لتحقيق هدفين: الأول توسيع نطاق المناطق التي يسيطر عليها الأتراك لإعادة لاجئين سوريين إليها من تركيا، والثاني إبعاد قوات "قسد" عن الحدود الجنوبية التركية.
وكرّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، تصميم بلاده على شنّ عملية عسكرية ضد "قسد" في غرب نهر الفرات. وقال أردوغان في كلمة له أمام نواب من حزبه الحاكم، "العدالة والتنمية"، إن بلاده بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة في قرارها المتعلق بإنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كيلومتراً شمالي سورية و"تطهير منطقتي تل رفعت ومنبج من الإرهابيين".
ومن المرجح أن يكون الطيران المسيّر من أهم الأسلحة التي سيعتمد الجيش التركي عليها في أي توغل عسكري جديد محتمل ضد "قسد".
وكانت طائرة مسّيرة تركية استهدفت يوم الإثنين الماضي، سيارة في ريف القامشلي على الحدود السورية - التركية، ما أدى إلى مقتل وإصابة أشخاص عدة، وفق بيان قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة للإدارة الذاتية ذات الصبغة الكردية في شمال شرق سورية.
وبدأ الجيش التركي خلال الأعوام الماضية استخدام الطائرات المسيّرة في سياق حربه ضد قوات "قسد" لـ"تحييد" قياديين في هذه القوات، خصوصاً المنتمين لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة مصدر قلق وتهديد للأمن القومي التركي وتصنفه إرهابياً. وتسيطر قوات "قسد" على جل منطقة شرقي الفرات التي تشكل نحو ثلث مساحة سورية، إضافة الى مناطق غربي الفرات، منها تل رفعت وقرى في محيطها ومنبج وبعض ريفها.
من جهتها، تتهم قوات "قسد" الجيش التركي باستهداف مدنيين من خلال الطيران المسيّر، عبر قصف تجمعات سكنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وفي هذا الصدد، أشار آرام حنا، وهو المتحدث الرسمي باسم "قسد"، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الجيش التركي "يستخدم الطيران المسّير، إلى جانب القصف المدفعي العشوائي على خطوط التماس وفي الشريط الحدودي".
كرّر أردوغان تصميم بلاده على شنّ عملية عسكرية ضد "قسد"
واتهم حنا الجيش التركي بـ"استهداف القرى والتجمعات المدنية القريبة من خطوط التماس، فضلاً عن الأحياء السكنية ضمن مراكز المدن الحدودية، كما حصل أخيراً في مدينة كوباني (عين العرب)، ما أسفر عن وقوع إصابات لعدد من المدنيين". وأشار حنا إلى أن الطائرات المسيّرة التركية "خلّفت المزيد من الإصابات في صفوف المدنيين ضمن محيط منطقة تل تمر وصولاً حتى بلدة أبو راسين في ريف الحسكة الشمالي الغربي".
ونفذ الطيران التركي المسيّر عشرات العمليات في الشمال السوري خلال العامين الماضي والحالي، وذلك في غرب الفرات وشرقه، ضد قياديين في المجالس العسكرية التابعة لـ"قسد". وقتلت القيادية في هذه القوات، رودين عبد القادر محمد، واسمها الحركي روناهي كوباني، في شهر إبريل/نيسان الماضي، بقصف من مسّيرة تركية استهدف سيارة كانت تقلها قرب مدينة عين العرب، في ريف حلب الشمالي الشرقي.
كما قتل في إبريل الماضي المسؤول عن حفر الأنفاق في "قسد"، محمد آيدن، الملقب بروجفان، بقصف جوي بطائرة تركية مسيّرة في بلدة الدرباسية في ريف الحسكة بأقصى الشمال الشرقي من سورية.