تستعد "جبهة القوى الاشتراكية" (تأسست عام 1963)، أقدم أحزاب المعارضة السياسية في الجزائر، للإعلان عن مبادرة سياسية موازية لتلك التي أطلقتها، السبت الماضي، كتلة أحزاب موالية للسلطة، وتهدف مبادرة الجبهة إلى بدء حوار سياسي مضاد لما يعتبرها الحزب "سياسات إغلاق" تنتهجها السلطة.
وأعلن السكرتير الأول للحزب يوسف أوشيش، خلال احتفالية نظمها الحزب بمناسبة عيد المجاهد، أن الحزب بصدد إطلاق "مبادرته السياسية الموجهة لكل القوى السياسية دون إقصاء بهدف استكمال المشروع الوطني، والتشديد على إرساء قيم الديمقراطية، الحرية والعدالة الاجتماعية والوقوف في وجه المهددين لتماسك البلاد و وحدتها، و كذلك للدولة الوطنية و مؤسساتها".
وأكد أوشيش أن هذه المبادرة تستهدف "إعادة الاعتبار للسياسة ولقيم الحوار والمصالحة الحقيقية في مواجهة سياسات الغلق الممنهج وتنامي الخطاب الشعبوي"، مشيراً إلى أنه "بقدر ما يرحب بأي مجهود وطني من شأنه الدفاع عن القيم الديمقراطية وعن وحدة البلاد و تماسكها الاجتماعي وضد أي تهديد، بقدر ما يؤكد عدم انخراطه في أي مسعى يضرب بأي شكل من الأشكال الثوابت والمقومات الوطنية ويشكك في الإرث النضالي والتاريخي للبلاد".
وتاتي مبادرة الحزب المعارض، التي من المرجح أن تلتحق بها كتلة أحزاب تقدمية ونقابات ومنظمات مدنية مستقلة، منتقدة لسياسات السلطة، في مقابل إطلاق كتلة أحزاب وقوى سياسية ومدنية ونقابات وشخصيات موالية للسلطة، السبت الماضي، مبادرة " التلاحم وتأمين المستقبل" في الجزائر، التي وصفت بأنها أكبر تجمع سياسي للقوى الوطنية في الجزائر، بهدف تحصين الجبهة الداخلية، وحماية البلاد من التوترات الإقليمية، وإسناد مؤسسات الدولة، ودعم السياسات التي ينتهجها الرئيس عبد المجيد تبون.
واعتبر أوشيش أنه إذا كان "إنكار هذه التهديدات والمخاطر التي تواجه البلاد، خاصة مع التوترات القائمة في الساحل والنيجر، ارتكازاً على تحليلات سطحية و نمطية، أو اعتماداً على مواقف شعبوية تعتبر ذلك دعاية مستهلكة للسلطة" هو خطأ فادح ، إلا أن السلطة "توظف في الوقت نفسه هذه المخاطر في كثير من الأحيان من أجل خنق أي تطلع مغاير أو رؤية مخالفة للتي لديها".
وحذّر السلطة من اعتماد نفس الأساليب القديمة لمواجهة هذه التحديات الثقيلة، "دون السماح بإقامة مسعى جاد يتماشى مع المعطيات الراهنة ويتجه نحو انخراط وتجند شعبي حقيقي أساسه إعادة الثقة والأمل بتدابير ملموسة لصالح التطلعات الشعبية المشروعة"، عوضاً عن التوقف عند حدود "إعلان النوايا الحسنة، الذي رأى فيه "هو الآخر إنكاراً غير مباشر لهذه المخاطر أو نقص تقدير لمدى خطورتها التي تتعاظم بمرور الوقت".
وربط أوشيش بين "مدى استجابة الجزائريين وردة الفعل الجماعية تجاه أي تهديد كان يمس بأمن البلد" وبين "مدى تكفل الدولة بحل الصعوبات الاقتصادية المتتالية والمتراكمة التي يعيشها المواطن مع الأزمات الاجتماعية التي يواجهها وما يترتب عنها من آفات"، خاصة في ظل ما وصفه بـ"ضبابية المشهد الوطني وانسداد الأفق، في ظل غياب مشروع وطني جامع واضح المعالم، يفتح الآفاق ويبعث الأمل ويضمن العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص".
وحذر أوشيش من الاستمرار في ما اعتبرها "الانكفاء بالمقاربة الأمنية لتسيير الشأن العام، واعتبار أن أي انفتاح داخل وتجاه المجتمع هو تهديد من شأنه تعميق التهديدات الخارجية" ورأى أنها "مسار ليس من شأنه سوى تفويت الاستفادة من وسائل التجنيد والتعبئة الحقيقية للشعب الجزائري وهو ما يكرسه الخناق المفروض على المجالات السياسية والنقابية والجمعوية، والتراجع الرهيب عن المكتسبات التعددية، بالإضافة إلى تقييد النقاش العام و توجيه مخيف للمشهد الإعلامي"، مشيراً إلى أن "الجبهة الداخلية لن يصنعها إلا مناخ من الانفتاح".