أقر المجلس الوزاري، المنعقد مساء الاثنين برئاسة العاهل المغربي محمد السادس، مشروع مرسوم يخص تطبيق القانون المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، في خطوة أخرى نحو فتح أبواب التصنيع العسكري في البلاد.
ويروم المرسوم المصادق عليه، خلال المجلس الوزاري، تحديد كيفيات ممارسة أنشطة تصنيع العتاد والتجهيزات المرتبطة بالمجال العسكري، وعمليات الاستيراد والتصدير والنقل المتعلقة بها.
وكان المغرب قد أقرّ قانوناً في يوليو/تموز الماضي، يعطي الضوء الأخضر للشروع في تصنيع الأسلحة ومعدات الدفاع، ومنح تراخيص تسمح بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية المستخدمة من قبل القوات المسلحة وقوات الأمن. ويسمح أيضاً بتصديرها إلى دول أخرى.
ويُعتبر هذا القانون أقوى الإشارات على توجه الرباط نحو بناء صناعة عسكرية وطنية كخيار استراتيجي يمكنها من تحقيق اكتفاء ذاتي، ويستجيب لاحتياجاتها في مجال المعدات والذخائر وقطع الغيار، ويجنّبها ثقل تكاليف الصفقات العسكرية.
وخلال الأشهر الماضية، توالت إشارات كثيرة لتكشف عن تحول نوعي في السياسة الدفاعية والأمنية المغربية، من خلال السعي نحو بناء صناعة عسكرية وطنية كخيار استراتيجي يمكنه من مواجهة المخاطر في منطقة ملتهبة وغير مستقرة. أبرز تلك الإشارات كانت مع "الأمر اليومي" الذي أصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس للجيش في 14 مايو/أيار 2019، بمناسبة الذكرى الـ63 لتأسيسه، وأكد فيه أن القوات المسلحة الملكية ستهتم ببرامج البحث العلمي والتقني والهندسي والعمل على تعزيزها وتطويرها في جميع الميادين العسكرية والأمنية، على المستويين الأفريقي والدولي، من أجل تبادل الخبرات والتجارب ومواكبة التطور المتسارع في ميادين الأمن والدفاع.
كما أظهرت المحادثات التي جمعت، في 2 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، المسؤولين العسكريين المغاربة مع وزير الدفاع الأميركي السابق مارك إسبر، بمناسبة التوقيع على وثيقة خريطة طريق لآفاق التعاون العسكري في مجال الدفاع بالنسبة إلى العشرية المقبلة (2020 ـ 2030)، عن سعي الرباط لتوسيع مجال هذا التعاون، ليشمل للمرة الأولى التصنيع العسكري، من خلال اقتراح الجانب المغربي تعزيز التعاون العسكري مع واشنطن عن طريق النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع.
وفي وقت اعتبرت فيه الرباط أن الأمر يحفّز على نقل التكنولوجيا والبناء التدريجي للاستقلالية الاستراتيجية للمغرب في هذا المجال، يرى مراقبون أن التهديدات للأمن القومي للمغرب، جراء الأوضاع غير المستقرة التي تعرفها منطقة شمال أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي وجنوبي الصحراء، دفعته إلى تبني استراتيجية دفاعية تقوم على أساس اقتناء أسلحة متطورة، وتنويع مصادر التسليح حفاظاً على نوع من الاستقلالية، بالإضافة إلى العمل على تطوير صناعة عسكرية محلية بتصنيع بعض الأسلحة المعينة، وخفض تكلفة الصيانة بإنشاء مواقع عديدة لصيانة المعدات العسكرية.
وخلال السنوات الأخيرة، أبرم المغرب العديد من الاتفاقيات لشراء براءات اختراع من بعض الشركات، والمركبات الصناعية من دول أوروبية وروسيا والصين والهند، بهدف صناعة وتطوير بعض الأسلحة. غير أن التوجه الجديد للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة وتوفير الترسانة القانونية المسطرة لصناعة الدفاع، سيسهم، برأي المراقبين، في فتح أبواب التصنيع العسكري في البلاد.