رحبت قيادات الأحزاب السياسية المغربية، ليلة الخميس، بإعلان الولايات المتحدة اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء وعزمها على فتح قنصلية بمدينة الداخلة جنوبي المغرب.
وقال رئيس الحكومة المغربي، وأمين عام حزب "العدالة والتنمية" سعد الدين العثماني، إن اعتراف الولايات المتحدة الأميركية، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية "إنجاز كبير، سيؤثر على مسار قضية الصحراء المغربية في السنوات المقبلة إذا لم نقل في الشهور المقبلة"، معتبراً، في تصريحه للقناة الأولى المغربية، الخطوة الأميركية" اعترافاً عملياً وواقعياً".
من جهته، وصف الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" عبد اللطيف وهبي، الموقف الأميركي بخصوص مغربية الصحراء، بـ "عين العقل"، مشيراً في تصريحات صحافية، إلى أن "الموقف الأميركي جاء إيجابياً، للتأكيد من جديد على مغربية الصحراء"، وأن الرباط " كانت تنتظر هذا الموقف منذ زمن".
وصف رئيس الحكومة الاعتراف الأميركي بأنه إنجاز كبير، سيؤثر على مسار قضية الصحراء المغربية في السنوات المقبلة إذا لم نقل في الشهور المقبلة
أما أمين عام حزب "التجمع الوطني للأحرار"، المشارك في الحكومة، عزيز أخنوش، فاعتبر أن افتتاح أميركا قنصلية لها بمدينة الداخلة، وما تحمله هذه الخطوة من دلالات قوية، وإشارات رمزية، سيكون له شأن في تشجيع الاستثمارات الأميركية، والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما لفائدة ساكنة أقاليمنا الجنوبية".
كما ثمّن المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، "قرار دولة الولايات المتحدة الأميركية التاريخي بالاعتراف الواضح والصريح بالسيادة الوطنية على أقاليمنا الصحراوية الغالية، وفتح قنصلية في ربوعها"، معتبراً إياه، في بيان تلقى "العربي الجديد" نسخة منه، تحولاً تاريخياً غير مسبوق، من أكبر الدول العظمى، والتي تعتبر "حاملة القلم"، في كل القرارات ذات الصلة بموضوع الصحراء.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه الحزب المشارك في الائتلاف الحكومي الحالي أن اعتراف واشنطن قرار سيكون له ما بعده، وصف أمين عام حزب التقدم والاشتراكية المعارض، نبيل بنعبد الله، في تدوينة له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، القرار الأميركي بـ"التحول التاريخي لقضية الوحدة الترابية".
وعلى صعيد متصل، دانت السكرتارية الوطنية لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، الجمعة، بشدة ما قالت إنه "خطوة مفاجئة وشاردة عن الموقف العام للمغرب والدولة خاصة في السنوات الأخيرة، برفض تصفية قضية فلسطين والتطبيع الرسمي و"صفقة القرن"، في أول تعليق لها على إعلان المغرب استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في أقرب الآجال، والعمل على إعادة فتح مكاتب للاتصال في البلدين.
واستنكرت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، بكل مكوناتها الحزبية والنقابية والحقوقية والحركية والطلابية، بشدة ما سمتها بالهرولة نحو التطبيع، مشيرة، في بيان وصل إلى "العربي الجديد"، إلى أنه "لا يمكن القبول بغطاء الصحراء لتسويق موقف التطبيع الخياني، كما يحاول وزير الخارجية عبثاً، ادعاء ذلك وتبريره، بل إن ذلك هو أكبر ما يسيء للقضية الوطنية، ويقدم أكبر خدمة لخصوم وحدتنا الترابية، ويعطي مصداقية لمزاعمهم الانفصالية التفتيتية التي يغلفونها بخطابات التحرر المزيفة".
استنكرت مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين ما سمتها بالهرولة نحو التطبيع مشيرة إلى أنه لا يمكن القبول بغطاء الصحراء لتسويق موقف التطبيع الخياني
وقالت مجموعة العمل الوطنية، إنها "وهي تسجل بكل غضب هذه السقطة الكبرى في وحل التطبيع مجدداً، بعد عقود عجاف من مسلسل الهرولة تحت عنوان السلام الذي آل إلى محطة الخزي في صفقة القرن، ومحاولة الإجهاز على قضية فلسطين"؛ فإنها "تسجل بكل إصرار أن هذا المسلسل الجديد لن يكون مآله سوى السقوط والفشل والعار، كما كان المسلسل السابق الذي انطلق مع أوسلو وما تلاها".
إلى ذلك، دعت مجموعة العمل إلى" التعبئة الشاملة على كل المستويات لمواجهة موجة التطبيع الجديدة، وحماية ذاكرة المغاربة وموقعهم وموقفهم الأصيل الداعم لكفاح الشعب الفلسطيني، والرافض لوجود الكيان الصهيوني، وبالأحرى التطبيع معه"، لافتة إلى أن "الصحراء المغربية حررها وبناها ونماها الشعب المغربي، ولا تحتاج لتزكية أي من الصهاينة ولا الأميركيين لتأكيد مغربيتها".
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد قال مساء أمس الخميس، إن موقفه الداعم للقضية الفلسطينية ثابت لا يتغير، وإن عمل بلاده من أجل ترسيخ مغربية الصحراء لن يكون أبداً، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة.
وأوضح العاهل المغربي، في اتصال هاتفي جمعه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، بالتزامن مع إعلان الرباط عن "استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل في أقرب الآجال، والعمل على إعادة فتح مكاتب للاتصال في البلدين؛ أن المغرب مع حل الدولتين، وأن المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي هي السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي ودائم وشامل لهذا الصراع".
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، إن اعتراف أميركا بسيادة المغرب على كل تراب الصحراء المغربية لا علاقة له باستئناف العلاقات مع إسرائيل، مؤكداً، في تصريحات صحافية، أن "المغرب متمسك بالثوابت الأساسية الخاصة بحل الدولتين، والتفاوض كأساس لحل الأزمة".