أفلح الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة "(أكبر حزب معارض في المغرب) عبد اللطيف وهبي، وسلفه حكيم بنشماس، في دفن ماضي خلافاتهما وإنهاء حالة الانقسام، وذلك بعد أشهر من الصراع الذي كاد أن يعصف بوحدة الحزب الساعي إلى تصدر نتائج الانتخابات المنتظرة خلال الأشهر المقبلة.
وقال وهبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المصالحة تمت، وإن حزبه يتوجه إلى محطة الانتخابات موحداً.
وقال رداً عن سؤال حول إن كان لقاؤه بغريمه السياسي ينهي فعلياً الصراع داخل الحزب: "المصالحة تمت بعد أن التقينا وتناقشنا وتبادلنا الأفكار وانتهى الأمر. لا يتعين أن نضخم الأمور ونعطيها أكثر من حجمها، فعلاقتي ببنشماس كانت دائماً مستمرة ولم تنقطع. ما ينبغي التأكيد عليه هو أن الحزب كان دائماً موحداً، وسيذهب للانتخابات المقبلة موحداً.
وانتهت جلسة صلح جمعت الرجلين، مساء أمس الخميس بالرباط، إلى إصدار بيان تم التأكيد فيه على "التشبث بالمشروع السياسي والقانوني والمؤسساتي للحزب الرامي إلى بناء فعل سياسي مسؤول قادر على المساهمة في توطيد دعائم الاختيار الديمقراطي الحداثي، وصون المكتسبات المنجزة، والعمل سوياً من أجل ترسيخ البناء الديمقراطي والتنموي والتحديث المجتمعي".
وبدا لافتاً، بعد نهاية الجلسة، التي جاءت عقب عرض للحوار الداخلي قدمه بنشماس، الثلاثاء الماضي، حِرص قيادة "الأصالة والمعاصرة "، المعروف اختصاراً بـ"بام"، على إظهار تجاوز الخلافات التي يعيشها منذ مؤتمره الرابع المنعقد في فبراير/شباط العام الماضي، بين تيار "المستقبل" بزعامة وهبي وتيار "المشروعية" بقيادة بنشماس، من خلال التأكيد على الأجواء الإيجابية التي سادت الجلسة، و"الرغبة الجماعية في تدشين أفق وحدوي يعزز وحدة حزب الأصالة والمعاصرة ويسهم في المزيد من توهجه، استعداداً لمختلف الاستحقاقات المقبلة مع ما تتطلبه من تعبئة سياسية وتنظيمية وإعلامية".
وفي إشارات، حسن نية، إلى معارضيه، أكد وهبي، خلال جلسة الصلح، على "تفاعله الإيجابي مع رسائل التوجه نحو المستقبل، وطي خلافات الماضي التي وردت في النداء الأخير الموقع من بنشماش، بل استعداده الدائم للتفاعل إيجاباً مع كل المبادرات الجدية والصادقة الرامية إلى التعبئة الجامعة، وتوحيد الصفوف، وتكثيف الجهود، لجعل حزب الأصالة والمعاصرة يلعب دوره كاملاً كحزب أساسي في الساحة السياسية، يعول كثيراً على أطره والكفاءات التي يزخر بها لتسهم في تنمية الوطن في المستقبل".
كما كان لافتاً حضور قيادات معارضة للقيادة الحالية، لجلسة الصلح، من أبرزها جمال الشيشاوي وعبدالمطلب اعميار وحسن التايقي.
وأكد وهبي، في بيان أصدره، أن "بام" "سيظل فاتحاً بابه لكل طاقاته وقدراته، لكي يتمكن من الاضطلاع بمهامه كاملة، ويواصل مساره النضالي بروح وحدوية بناءة".
ولفت إلى أن "ذلك يتطلب من الجميع العمل على توحيد الجهود والتعبئة الجماعية من أجل تعزيز جاهزية الحزب مع ما يتطلبه ذلك من تركيز على القضايا الجوهرية وذات الأولوية، والتي تأتي في مقدمتها محطة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة التي يخوضها الحزب بهدف تبوؤ مرتبة متقدمة خلالها".
وكان بنشماس، قد تقدم، الثلاثاء الماضي، بعرض للحوار الداخلي ودعوة إلى تجاوز الخلافات، وذلك بعد أكثر من سنة من الانقسام الذي ضربه منذ مؤتمره الأخير، ويهدد حظوظه في الانتخابات البرلمانية والمحلية والجهوية المرتقبة هذه السنة.
ومنذ المؤتمر الرابع الذي عُقد بين 7 و9 فبراير/شباط 2020، يعيش "الأصالة والمعاصرة" على وقع الخلافات والصراعات، بعدما تمكن الأمين العام الحالي، عبد اللطيف وهبي، بمعية باقي قياديي تيار "المستقبل"، من حسم "معركة كسر العظام" مع خصومه في تيار "المشروعية" بقيادة عبد الحكيم بنشماش، الأمين العام السابق، لمصلحته، في جو اتسم بالتوتر، وسيطر عليه مظاهر الاحتجاجات والتشابك بالأيدي والانسحاب الجماعي من سباق الأمانة العامة.
ودعا بنشماش في ندائه إلى مباشرة حوار داخلي، موسع ومثمر للمساهمة في التعبئة المطلوبة لخوض الاستحقاقات الانتخابية المقبلة "بالقوة والتماسك المطلوبين، وإنضاج الشروط الضرورية لعقد دورة ناجحة للمجلس الوطني حتى يتسنى للحزب مباشرة مهامه التنظيمية والسياسية بالفعالية المطلوبة والحماسة المنتظرة"، معتبراً أنّ السياق "جد ملائم ومحفز لمباشرته".
وكشف بنشماش عن دوافع دعوته إلى الحوار داخل الحزب بالقول: "بما أننا معنيون بشكل مباشر وعلى كل المستويات بالتفاعلات الجارية ببلادنا، ووعياً منا بضرورة المساهمة في تغليب موازين القوى لفائدة المشروع الديمقراطي الحداثي المنشود، حماية للديمقراطية من مخاطر بروز "أردوغانية مغربية" يصعب استدراكها، من شأنها رهن عمل المؤسسات التمثيلية، وطنياً وترابياً، لولاية أخرى".