المغرب يستقبل مسؤولاً جزائرياً رفيعاً يحمل دعوة للقمة العربية: أول اتصال رسمي بعد قطع العلاقات
أعلن المغرب موافقته، اليوم الأربعاء، على استقبال مبعوث جزائري خاص لتسليم العاهل المغربي الملك محمد السادس دعوة للمشاركة في القمة العربية المزمع عقدها بالجزائر العاصمة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في وقت تثار فيه تساؤلات عن إمكانية مشاركة المغرب في القمة، ومستوى التمثيل إن حصل ذلك.
وقالت وزارة الخارجية المغربية، في بيان، إنه "في إطار التحضير للقمة العربية المقبلة، المقرر عقدها بالجزائر العاصمة في فاتح نوفمبر 2022، قررت السلطات الجزائرية إيفاد عدد من المبعوثين إلى العواصم العربية، حاملين دعوات لجميع قادة الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية".
وأوضحت أنّ وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي سيُوفَد إلى المغرب، بعد المملكة العربية السعودية والأردن، فيما سيسلم وزير الداخلية كمال بلجود الدعوة نفسها إلى القمة لتونس وموريتانيا، مشددة على أنه "في هذا السياق سيُستقبَل وزير العدل الجزائري بالمغرب".
🔴في إطار التحضير للقمة العربية المقبلة، المقرر عقدها بالجزائر العاصمة في فاتح نونبر 2022، قررت السلطات الجزائرية إيفاد عدد من المبعوثين إلى العواصم العربية، حاملين دعوات لجميع قادة الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية. pic.twitter.com/ZwE8uYL9AU
— الدبلوماسية المغربية 🇲🇦 (@MarocDiplo_AR) September 7, 2022
وكانت وسائل إعلام جزائرية قد أعلنت، أمس الثلاثاء، أن السلطات الجزائرية سترسل مبعوثاً خاصاً لدعوة المملكة المغربية لحضور القمة.
وذكرت صحيفة "الشروق" الجزائرية أنه "وفق القاعدة المعمول بها سترسل الجزائر مبعوثاً خاصاً للمملكة المغربية، وهو ما يعتبر واجباً أخلاقياً وسياسياً، يستلزم معاملة جميع الدول الأعضاء على قدم المساواة، لأن الأمر لا يتعلق بالعلاقات الثنائية، بل بعلاقات متعددة الأطراف".
وقالت إنه "بهذا تكون الجزائر قد رفعت الحرج عنها وعن الدول الأعضاء، سواء بالموافقة أو رفض طلب الاستقبال الذي سترسله الجزائر"، مشيرة إلى أن الجزائر شاركت سابقاً في قمتين للجامعة العربية بالمغرب، في وقت كانت فيه العلاقات بين البلدين تعيش قطيعة تامة.
ووصف المستشار السابق في الرئاسة الجزائرية، محيي الدين عميمور، في تصريح لـ"العربي الجديد"، خطوة الرئيس الجزائري إيفاد وزير العدل إلى المغرب لتسليم الدعوة بأنها "حركة ذكية وتصرف حكيم، وله معنى سياسي هام". وأضاف قائلاً: "نتوقع أن يكون هناك قبول واستقبال يليق من الجانب المغربي"، مشيراً إلى أن "هذه الخطوة ستسهم في توفير مناخ لتحقيق نجاح سياسي للقمة بحضور عربي نوعي ومهم".
وقبل الرباط، يسلّم وزير العدل رسالة ودعوة رسمية من الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، للعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، لحضور القمة العربية، ثم يتوجه إلى عمّان ليسلم العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، دعوة مماثلة لحضور القمة.
وبينما ينتظر وصول المبعوث الجزائري إلى العاصمة الرباط، تثار أسئلة عدة عن مستوى الحضور المغربي في القمة المفترض عقدها في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بالجزائر، وإمكانية مشاركة الرباط فيها، في ظل القطيعة الدبلوماسية المستمرة والتوتر الذي بلغ مداه الأقصى بعد قرار السلطات الجزائرية في 24 أغسطس/آب من العام الماضي قطع العلاقات بين البلدين الجارين.
وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قد وجد في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية الـ158، أمس بالقاهرة، فرصة لتوجيه رسائل إلى السلطات الجزائرية بخصوص القمة.
وقال بوريطة إن "السياق الدولي والعربي يسائل القمة المقبلة لتنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية، بعيداً عن أي حسابات ضيقة أو منطق متجاوز، وتوطيد الثقة اللازمة، والتقيد بالأدوار الخاصة بكل طرف".
ودعا بوريطة إلى "قراءة موضوعية لواقع العالم العربي، المشحون بشتى الخلافات والنزاعات البينية، والمخططات الخارجية والداخلية الهادفة إلى التقسيم، ودعم نزعات الانفصال وإشعال الصراعات الحدودية والعرقية والطائفية والقبلية، واستنزاف المنطقة وتبديد ثرواتها".
واعتبر رئيس الدبلوماسية المغربية أن الإشكال الرئيس يكمن في غياب رؤية مشتركة واضحة لمواجهة تلك التحديات، بما يحافظ على أمن الدول واستقرارها ووحدتها الترابية والوطنية، ولفت إلى أن العالم العربي "يوجد اليوم أمام مفترق طرق جد صعب، يفرض علينا بإلحاح تجاوز المعوقات التي تحول دون تعزيز اللحمة والتضامن بين أقطارنا العربية، وتصرف أنظارنا وجهودنا عن التصدي للقضايا الكبرى السياسية منها والاقتصادية، المطروحة بإلحاح على الأجندة العربية، والتي يتعين التعامل معها بفاعلية".
وتراهن الجزائر على حضور نوعي في القمة المقبلة في الجزائر.
وعبّر وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، في كلمة ألقاها أمس خلال الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة، عن "ارتياح الجزائر الكبير لمستوى التجاوب الذي عبّرت عنه الدول العربية من أجل المساهمة في إنجاح هذا الاستحقاق العربي وجعله محطة متجددة لتعميق النقاش حول مجمل هذه القضايا المصيرية وبلورة رؤية موحدة تلبي تطلعات المرحلة الحالية وتستشرف الآفاق الواعدة".
واعتبر أن القمة "تفتح المجال لاستعادة زمام المبادرة من أجل إحياء روح التضامن العربي صوب الأهداف السامية التي أسست من أجلها جامعة الدول العربية، باعتبارها بيتاً جامعاً لكل العرب ودرعاً حامياً للدفاع عن القضايا العربية العادلة وفضاءً رحباً للتنسيق".
وكان الرئيس الجزائري قد بدأ أمس توجيه الدعوات الرسمية إلى القادة العرب لحضور القمة العربية، وسلمت أول دعوة من قبل لعمامرة في القاهرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، تلتها دعوة ثانية سلمها لعمامرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وسيتوجه وزير الداخلية كمال بلجود إلى تونس وموريتانيا لتسليم دعوات رسمية مماثلة.