المقار الانتخابية في الكويت... حلقة وصل بين المرشحين وناخبيهم

04 يونيو 2023
أحد المقار الانتخابية في الكويت (العربي الجديد)
+ الخط -

تشهد الكويت زخماً انتخابياً مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الأمة (البرلمان)، المقررة الثلاثاء المقبل، بحشد المرشحين في مختلف الدوائر الخمس أنصارهم خلال افتتاح مقارهم الانتخابية، والتي ألقى معظمهم عبرها خطباً حماسية لكسب تأييد أعداد أكبر من الناخبين في الدائرة.

وعاد زخم المهرجانات الخطابية في المقار الانتخابية للمرشحين، في الانتخابات الأخيرة التي أُجريت في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، بعد توقف فرضه تفشي وباء كورونا على انتخابات مجلس 2020، التي اتُخذت فيها إجراءات مشددة غير مسبوقة من قِبل وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة الداخلية لمنع انتشار العدوى.

ومنعت الداخلية حينها عقد الندوات الانتخابية، وألغت المقار الخاصة بالمرشحين، كما حظرت التجمعات أثناء فترة الدعاية الانتخابية، وحرصت على عدم وجودها في يوم الانتخاب.

تدشين المقار الانتخابية

وأدى إلغاء الكويت كافة القيود الاحترازية الخاصة بكورونا، في 1 مايو/أيار 2022، إلى انتعاش الأجواء السياسية في موسم الانتخابات الأخيرة، بعودة زخم مظاهر دعاية الانتخابات بكافة أشكالها، وفي مقدمتها تدشين المقار الانتخابية للمرشحين، والتي بلغ عددها آنذاك 187 مقراً انتخابياً.

أما الانتخابات الحالية، فتشهد إقامة 128 مقراً انتخابياً، وفق ما أكده مدير عام بلدية الكويت بالوكالة، سعود الدبوس، في اجتماع اللجنة المشتركة مع وزارة الداخلية للإشراف على سير الانتخابات، الثلاثاء الماضي.

وذكر أنها صدرت من قِبل أفرع البلدية في محافظات الكويت الست، وذلك "منذ فتح باب طلبات التراخيص بتاريخ 5 مايو الماضي"، على الرغم من التراجع الكبير في قائمة أعداد المرشحين النهائية.


محمد مساعد الدوسري: المقار الانتخابية مستمرة، ولكنها تتجه إلى الاضمحلال

وتُعتبر المقار الانتخابية عاملاً أساسياً من عوامل وصول المرشح في الانتخابات إلى مقعد البرلمان، كونها حلقة الوصل الرئيسية بين المرشح والناخب. ويحرص العديد من الناخبين على زيارة المقار الانتخابية للتواصل المباشر مع المرشح، وذلك للتعرّف عليه عن قرب وعلى مشروعه السياسي أو لطرح استفساراتهم ومشاكلهم عليه.

كما يحرص المرشح بدوره على الحضور اليومي في مقره الانتخابي معظم الوقت، الذي يستمر حتى ساعات متأخرة من الليل يومياً وحتى يوم الاقتراع.

ويشدد العديد من المرشحين على دعوة شخصيات فاعلة سياسياً، لإلقاء خطابات إلى جانبهم، سواء من النواب السابقين الذين اعتزلوا العمل البرلماني، ويحظون بشعبية عالية في دوائرهم وحتى خارجها، أو من النواب السابقين الذين قرروا خوض الانتخابات المقبلة، بهدف منح المهرجانات الانتخابية صبغة حماسية، وجذب الناخبين إلى متابعة الخطابات السياسية لكسب تأييدهم.

ويكاد يكون وجود افتتاح مقر انتخابي من دون أن يشهد حضوراً واسعاً من المواطنين شبه منعدم، حيث تتولى إدارات الحملات الانتخابية تحفيز كوادرها نحو تحشيد أكبر عدد من قواعدهم الانتخابية أو معارفهم لحضور الافتتاح، وذلك للتأييد والمساندة ولإبراز حظوظهم القوية في المنافسة على مقاعد البرلمان في الدائرة.

في المقابل، قرر ثلاثة نواب في مجلسي 2020 و2022، وهم عبد الله المضف في الدائرة الأولى، وفي الدائرة الثالثة مهلهل المضف ومهند الساير، إلى جانب عضو البرلمان لأربع دورات متتالية في 2013 و2016 و2020 و2022، عبد الكريم الكندري، في بيان مشترك، في 1 مايو الماضي، في سابقة جديدة من نوعها، خوض انتخابات مجلس الأمة 2023 بلا مقار انتخابية.

وجاء في بيانهم المشترك أنه "انطلاقاً مما بدأناه معاً تشريعاً ورقابةً، وإيماناً راسخاً منّا بأن عضوية مجلس الأمة هي تكليف من الأمة لحمل أمانتها، وتشريف منها لمن يقع عليه قرار اختيارها".

وتابع البيان: "ولهذه الاعتبارات وحرصاً على علو الإرادة الشعبية وترسيخ كلمتها، وصيانة لحقها في اختيار ممثليها، قررنا خوض انتخابات مجلس الأمة 2023 من دون مقار انتخابية".

وأشاروا في البيان إلى أنهم "متخذون من دواوين (ملاحق متصلة بالبيت يتجمع فيها الرجال) أهل الكويت وبيوتهم مقار لنا، ومن مواقفنا التي نأمل أن تكون عبّرت عن إرادتكم الحرة، بمثابة الدافع لنا لنمضي متكاتفين في المرحلة المُقبلة، لنخوضها معاً بإيمان راسخ بأنكم أصحاب الكلمة في كل انتخابات".

وتعهدوا "بتقديم قانون ينظم الحملات الانتخابية، لحماية جميع المرشحين وتحقيقاً لتكافؤ الفرص بينهم جميعاً، وذلك ضمن حزمة قوانين تحقق الإصلاح السياسي وتحصن إرادة الأمة".


عبد الله الخشمان: لم نصل بعد إلى مرحلة الاستغناء عن المقار الانتخابية

وانضم إليهم بعدها بأيام، البرلماني المخضرم حسن جوهر، بإعلانه خوض الانتخابات عبر حسابه الرسمي في "تويتر"، من دون مقر انتخابي، قائلاً: "هدياً بالإرادة الشعبية لفرض عهد سياسي نهجه الإصلاح والتنمية ومحاربة الفاسدين، قررت خوض انتخابات أمة 2023 عن الدائرة الأولى، في خندق الشعب الذي زادته محاولات إرهاقه انتخابياً صلابة في مواجهة التحديات القادمة، مُعتبراً مقري الانتخابي دواوين الكويت وضمائر أبنائه، فهي منبع الإرادة الحقة".

أهمية المقار الانتخابية

وحول ذلك، قال مرشح الدائرة الخامسة، محمد مساعد الدوسري، لـ"العربي الجديد"، إن أهمية وجود المقار الانتخابية مرتبطة بـ"توفير مساحة لجمع أكبر عدد من الناخبين للاستماع إلى وجهة نظر وبرنامج المرشح".

وتابع الدوسري: "هذا الأمر قد يتضاءل في المستقبل، ويتم الاكتفاء بتأجير يومي لمساحات معينة سواء في صالات التنمية الاجتماعية (صالات تابعة للدولة مخصصة للمناسبات الاجتماعية)، أو ما يمكن توفيره".

وشدد على أن "كل مرشح يحتاج إلى أكبر عدد ممكن من الناخبين لطرح وجهة نظره وتبيان ما يراه للمستقبل، وما يُمكن تحقيقه من خطط وأحلام وطموحات، لذلك في المجمل أرى أن فكرة المقار الانتخابية مستمرة، ولكن أعتقد أنها تتجه إلى الاضمحلال شيئاً فشيئاً".

أما الناخب في الدائرة الرابعة، عبد الله الخشمان، فرأى أن المقار الانتخابية "الطريقة الوحيدة للتواصل بين الناخب وبين المرشح". وقال في حديث مع "العربي الجديد": "أظن أننا لم نصل بعد إلى مرحلة الاستغناء عن المقار الانتخابية، لأن المقر الانتخابي ليس فقط مقراً للمرشح، بل للناخبين كذلك، وإحدى طرق التواصل معه وإن كانت تقليدية، لكنها وسيلة مباشرة بين الناخبين من جهة وبين المرشح والعاملين في حملته الانتخابية من جهة أخرى، ومن هنا تنطلق أهميتها".

ولفت الخشمان إلى أن "الديوانية على كونها من وسائل الاتصال المباشر بين الناخب والمرشح، إلا أنها ليست الوسيلة المثالية، لأنها لا تمنح الناخب أريحية، حيث يوجد من خلالها أكثر من توجّه مختلف للأفراد، ويغلب عليها خلال زيارة المرشح الطابع الاجتماعي والمساحة المحدودة لكل فرد". وأضاف: "على العكس من ذهاب الناخب بنفسه إلى مقر المرشح الانتخابي حيث يوجد، ويتواصل معه بأريحية تامة بلا وسيط".