النظام الرئاسي... مقترح خلافي في العراق

21 سبتمبر 2020
طرِح المقترح استجابة لمطالب المتظاهرين (حسين فالح/فرانس برس)
+ الخط -

أثارت الفقرة التي تضمّنتها قائمة مقترحات التعديلات الدستورية في العراق، المتمثلة بالتحوّل نحو نظام الحكم الرئاسي، والتي وردت في أعمال لجنة التعديلات الدستورية التي شكّلها البرلمان في 28 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، استجابة لمطالب المتظاهرين عقب تفجر الاحتجاجات الشعبية في العراق، جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية التي انقسمت بشأنها، مع تحذير بعض الأطراف من الانفراد بالسلطات وتحكّم الأمزجة السياسية في البلاد، مقابل تأكيد أخرى دعمها لتغيير نظام الحكم.

وتعمل اللجنة منذ أشهر عبر 18 نائباً في البرلمان العراقي على دراسة واسعة بالتعاون مع خبراء بالقانون والدستور وحقوقيين عراقيين بغية إجراء تعديلات على بعض فقرات الدستور، يعتبر المتظاهرون أنها ساهمت في ترسيخ الطائفية في البلاد، وأخرى غير واضحة وتحتمل أكثر من تفسير، استغلتها أحزاب وقوى مختلفة بعد عام 2005 في تثبيت وجودها داخل العملية السياسية في البلاد.
وتوقفت اللجنة عن الاجتماع بفعل جائحة كورونا والعطلة التشريعية للبرلمان، إلا أنها عادت مجدداً إلى العمل مع بداية الفصل التشريعي للبرلمان الذي بدأ قبل أيام، على الرغم من أن قرار تشكيل اللجنة نصّ على أن تنهي عملها في أربعة أشهر، وهي مدة انقضت فعلياً لكن تم تمديد عملها من قبل رئاسة البرلمان.


الخلاف حول طبيعة النظام قد لا تستطيع اللجنة حسمه بسبب وجهات النظر المتباعدة

وقال عضو اللجنة النائب يونادم كنّا، إن اللجنة باشرت عملها قبل بضعة أيام، وستواصل جلساتها لبحث ما تبقّى من المواد الدستورية المطروحة ضمن جدول أعمالها، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "اللجنة أمامها شهر ونصف لإكمال عملها في ما يتعلق ببعض الفقرات التي لم تنجز حتى الآن". وأكد أن "الخلاف الذي ستواجهه اللجنة، يتعلق بطبيعة النظام، هل سيبقى نظاماً برلمانياً، أم يتحول إلى رئاسي، أم إلى نظام مختلط"، مبيناً أن "هناك دفعاً من قبل القيادات السياسية التي فشلت بإدارة السلطة في البلد، نحو النظام الرئاسي، وأنها تعلق فشلها على طبيعة النظام البرلماني".
وأكد كنّا أن "هذا الملف هو نقطة خلافية في عملنا، قد لا تستطيع اللجنة حسمه بسبب وجهات النظر المتباعدة، الأمر الذي قد يجبرنا على عرضه على رئاسة البرلمان ليكون لها رأي بشأنه"، معتبراً أن "التراجع عن النظام البرلماني والديمقراطي لا يخدم الشراكة والتعايش السلمي". وأشار إلى أن "الطبقة السياسية التي أمسكت السلطة مارست الفساد ولم تلتزم بالدستور ولم توفر شيئاً للشعب، واليوم تريد تغيير النظام إلى رئاسي"، مؤكداً أن "الخلل هو في الجهات الحاكمة وليس في طبيعة النظام".

ومع ما تطرحته قوى سياسية بشأن جدية التعامل مع ما سيتم عرضه من تعديلات لمناقشتها في البرلمان، والتي في حال الاتفاق عليها سيصار إلى عرضها على استفتاء عام في العراق، فإن هناك من يشكك في كون اللجنة المشكّلة مجرد محاولة تخدير للشارع وأن لا شيء من تلك المقترحات سيتم اعتماده، وفقاً لعضو في تحالف "الفتح"، المدعوم من طهران. واعتبر عضو "الفتح"، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "اللجنة للاستهلاك لأن الدستور الحالي كُتب على هوى القوى السياسية الحالية الشيعية والسنّية والكردية ولن تفرط به، والتعديلات التي يطالب بها المتظاهرون تصبّ نحو ما يسمونه الدولة المدنية لأن العمل البرلماني قائم أساساً على التجييش الطائفي للكتل والأحزاب في الشارع للحصول على أصواتهم"، مضيفاً أن "اعتماد تلك التعديلات تراجع مع تراجع التظاهرات وخفّ معها ضغط الشارع".

في المقابل، رأى ائتلاف "الوطنية" الذي يتزعّمه إياد علاوي، أنه يجب إبعاد الملف عن النقاش خلال الفترة الحالية، وأن يُترك إلى البرلمان المقبل. وقال رئيس كتلة "الوطنية" في البرلمان، النائب كاظم الشمري، لـ"العربي الجديد"، إن "الوقت ضاق جداً أمام عمل اللجنة، وهي كانت قد بدأت بداية جيدة، وما دوّنته من ملاحظات ونقاشات مع الكتل السياسية قد يُرحّل إلى الدورة البرلمانية المقبلة، لأن الوقت المتبقي غير كافٍ لإكمال عمل اللجنة، لا سيما أنها لا تستطيع حسم هذا الملف، الذي ترفضه بعض الجهات السياسية". وأكد رغبة ائتلافه في "الذهاب نحو النظام المختلط وليس النظام الرئاسي بشكل مباشر"، مبيناً أن "العراق بطبيعة تركيبته السكانية، من الصعوبة أن يحكمه رئيس ينفرد بصلاحيات واسعة".

لم يُخفِ ائتلاف "دولة القانون" الذي يتزعمه نوري المالكي رغبته في النظام الرئاسي

ائتلاف "دولة القانون" الذي يتزعمه نوري المالكي لم يُخفِ رغبته في النظام الرئاسي، معتبراً أنه سيختزل الكثير من الحلقات الإدارية الفائضة في الدولة. وقالت النائب عن الائتلاف، انتصار الغريباوي، إن "العملية السياسية في العراق تعاني من وجود الكثير من الأقطاب التي لا تستطيع التوافق في ما بينها، ما انعكس بشكل غير إيجابي على وضع البلد بشكل عام"، مؤكدة في تصريح صحافي أن "اعتماد النظام الرئاسي سيختزل الكثير من تلك الحلقات التي قادت البلد إلى الوضع المتردي في كثير من النواحي، لا سيما مع ضعف سلطة القانون". وأعربت عن أملها بأن "يتم تعديل نظام الحكم في العراق إلى نظام رئاسي أو شبه رئاسي، مع ضرورة أن تكون المركزية أبوية وليست مقيتة، وأن تحتوي الجميع، مع أهمية أن تعطى صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية"، مؤكدة أن "العديد من البلدان ثبت فيها النظام الرئاسي نجاحه، وحقق نهضات وتنمية فيها".