حجز النظام السوري مجدداً موقعه في صدارة البلدان الأكثر فساداً في العالم، بحسب موقع "Transparency International" الذي صنف النظام في سورية في المرتبة 178 من أصل 180 دولة شملها التقييم.
والفساد الذي يعشش في مفاصل مؤسسات النظام السوري بكل أنواعها، ليس وليد ظروف الحرب التي تعيشها البلاد، بل هو فساد ممنهج تأسس منذ عهد حافظ الأسد الأب، حتى بات حالياً منظومة فساد تهيمن على كل مفاصل الدولة، بدءاً من أصغر مؤسسة، لتصل إلى رأس هرم السلطة.
فعلى مستوى المؤسسة العسكرية، فإن معظم التعيينات والتنقلات بين القطع العسكرية تستوجب دفع رشوة، ولكل موقع عسكري تسعيرته الخاصة بحسب أهميته. والأهمية هنا بحسب الاستفادة المادية من خلال ممارسة الفساد في الموقع وعلى مستوى القطع العسكرية، فيشكل العناصر الميسورون ممن يؤدون الخدمة الإلزامية مصدراً للابتزاز، في مقابل تأمين إجازات لهم أو حتى تأديتهم الخدمة العسكرية من المنزل.
أما المؤسسة الأمنية فالفساد فيها نطاقه أوسع بكثير، إذ تقوم هذه المؤسسة بدور رقابي على المؤسسات والأفراد، وبالتالي لا يتمكن مدير أية مؤسسة من الاستمرار في عمله ما لم يرضِ الرقباء عليه من الجهات الأمنية. كما أن مدراء بعض المؤسسات الخدمية المهمة يدفعون مبالغ شهرية محددة مقابل رضى الأجهزة الامنية عنهم.
هذا عدا عن تسعيرات محددة لتمرير معاملات خارج إطار القانون. كما يبتز مسؤولو المؤسسات الامنية المواطنين مقابل تزويدهم بموافقات أمنية أو بمعلومات عن موقوفين لديهم أو تأمين زيارات لهم وغيرها من الخدمات المأجورة.
وتستخدم المؤسسات الأمنية وسائل الإعلام في ابتزاز بعض المسؤولين، من خلال تزويد بعض الصحافيين ببعض جوانب فساد بعض المسؤولين، ليس بهدف محاسبتهم، ولكن بهدف ابتزازهم مالياً، إذ يدخل قطاع الإعلام ضمن دائرة الفساد المتشابكة من هذا الباب.
كما يمارس الصحافيون أنفسهم عمليات ابتزاز لمعظم المؤسسات الخدمية والاقتصادية العامة والخاصة، وذلك بتقاضي رشاوى مقابل عدم الكتابة عن فسادهم، أو تلميع صورتهم.
أما المؤسسات الإعلامية الخاصة، فتمارس فساداً مغلفاً من خلال إجبار المؤسسات على نشر إعلانات أو حوارات مأجورة عنها، إما من خلال توجيهات أمنية عليا، أو من خلال المندوبين الأمنيين للرقابة على تلك المؤسسات.
وكذلك الأمر بالنسبة لكل المؤسسات الخدمية والتعليمية التي ينتشر الفساد في كل مفاصلها، كما أن الفساد في سورية يصل إلى السلطة التشريعية، التي لا يستطيع أي مواطن ضمان نجاحه في عضوية مجلس الشعب، ما لم ينل رضى عدد من الجهات الأمنية والسياسية ودفع مبالغ في هذا السياق.
كل ما تقدم هو غيض من فيض الفساد الذي ينخر كل مؤسسات وأجهزة النظام، التي تمارس فسادها حتى على الاستثمارات الأجنبية، عبر فرض إتاوات على كل من يفكر في الاستثمار في سورية.