قبل شهر من انتهاء التفويض الأممي بإدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق المعارضة السورية عبر معبر باب الهوى مع تركيا، يطالب نظام بشار الأسد بدعم من روسيا المتحالفة معه، بإغلاق جميع المعابر ونقل المساعدات الدولية عبره فقط، ليكون المسؤول الوحيد عن توزيعها ليس فحسب في مناطق سيطرته، بل كذلك في مناطق المعارضة في الشمال السوري، ومناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) شرقي البلاد.
وتشتد المواجهة بين الأطراف الدولية ذات الصلة بالموضوع، حيث يحتاج تجديد التفويض موافقة تسعة من أعضاء مجلس الأمن الدولي، بما فيها الدول الخمس دائمة العضوية، لكن روسيا أكدت معارضتها تجديد التفويض، ما يهدد بوقوع مأساة إنسانية في الشمال السوري، حيث يعتمد ملايين السوريين على هذه المساعدات.
وجدد بيان لوفد النظام الدائم لدى الأمم المتحدة، رفض تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الآلية الحالية، معتبراً أنها "تمثل انتهاكاً للقانون الدولي ولحرمة الحدود والأراضي السورية وابتزازاً سياسياً وإنسانياً"، على حدّ تعبيره.
وتحدث البيان الذي نقلته وكالة "سانا" التابعة للنظام، أمس الأربعاء، عن "عيوب جسيمة في عمل آلية توزيع المساعدات مثل غياب الشفافية في آلية الرصد والتحقق وعدم تحديد الشركاء القائمين على عملية إيصال المساعدات والانتهاك الجوهري المتمثل في وصول الكم الأكبر منها إلى أيدي التنظيمات الإرهابية".
وفي ردّه على مداخلة السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، التي طالبت بفتح معابر إنسانية جديدة لإدخال المساعدات، اعتبر البيان "ادعاء السفيرة الأميركية الحرص على الوضع الإنساني للشعب السوري والزعم بتقديم بلادها لمنح ومساعدات إنسانية له، يمثل نفاقاً سياسياً لا ينسجم مع الإجراءات اللاإنسانية القسرية أحادية الجانب التي تفرضها إدارتها على الشعب السوري والتي تمثل إرهاباً اقتصادياً وعقاباً جماعياً له (العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على النظام)، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي في الحد من قدرة الحكومة السورية على تلبية الاحتياجات وتوفير الخدمات الأساسية للشعب السوري الأمر الذي أكده برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في تقرير مشترك صدر مؤخراً".
وكان رؤساء لجان العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، قد وجّهوا، قبل يومين، رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، حثوه فيها على بذل جهوده للضغط على روسيا والصين لتمديد الإذن الممنوح للأمم المتّحدة من أجل استخدام معبر باب الهوى لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية، وأن يشمل إعادة فتح معبري باب السلام واليعربية.
وطالبت الرسالة الإدارة الأميركية بـ "مضاعفة جهودها لمعارضة التطبيع الدولي مع نظام الأسد، والتنفيذ الصارم لقانون قيصر لحماية المدنيين"، مؤكدة أنه "لا يمكن أن يكون هناك عمل كالمعتاد بينما الأسد القاتل لا يزال في السلطة".
غايات سياسية
في المقابل، تطالب موسكو بأن يتم توزيع المساعدات بآلية مراقبة متفق عليها بين الأمم المتحدة والنظام السوري، بذريعة "منع التلاعب أو إساءة توزيع المساعدات". وتريد من وراء ذلك تمكين النظام السوري من التحكم بالمساعدات الأممية ليكسب حاضنة شعبية أكبر، خاصة في صفوف الموالين له وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها المناطق الخاضعة لسيطرته.
وقال الصحافي محمد شادي المتابع لهذا الملف لـ"العربي الجديد"، إن لروسيا "غايات أخرى أيضاً لا تتصل فقط بمحاولة تعويم النظام، حيث تسعى للاستثمار في هذا الملف سياسياً من خلال تمكين النظام من إحكام قبضته على ورقة المساعدات الخارجية، وجعل بقية المناطق تحت رحمة النظام، وهذا سيكون ورقة ضغط قوية خلال أية مفاوضات سياسية مقبلة سواء مع المعارضة أم "قسد"، مع ملاحظة أن روسيا والنظام يصعدان ميدانياً في إدلب مع اقتراب بحث قضية المعابر من جانب مجلس الأمن".
ورأى شادي أنه في حال نجحت موسكو وبكين في تعطيل قرار أممي بالإبقاء على معبر باب الهوى مفتوحا أو فتح معابر أخرى، فإن الخيار أمام المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة هو العودة إلى ما قبل القرار الدولي 2165 الخاص بالمعابر، والعمل خارج نطاق آلية التفويض الحالية، مع إمكانية تحويل التمويل الخاص بوكالات الأمم المتحدة إلى منظمات دولية غير حكومية، توزع الدعم المقدم إلى الجهات المحلية
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد ذكرت، في تقرير سابق لها، أنّ النظام السوري وضعَ "إطاراً سياسياً وقانونياً يسمح له باستغلال المساعدات الإنسانية وتمويل إعادة الإعمار لخدمة مصالحه، ومعاقبة من ينظر إليهم على أنهم معارضون، وإفادة الموالين".
وأكدت المنظمة تلاعب النظام السوري بتوزيع المساعدات الإنسانية بطريقة تصبّ في مصلحته مباشرة، وليس إيصالها للسوريين المحتاجين، مشيرة إلى أنّ تأثير المنظمات الإنسانية محدود في التفاوض مع النظام، ويتم إجبارها على طلب موافقته لتنفيذ أي مشروع، وغالباً ما ترفض المشاريع لأسباب غامضة وتعسفية، ثم يعود النظام بمقترحات لمشاريعه الخاصة، التي توافق المنظمات على بعضها في النهاية.
وتشير تقارير إعلامية إلى مسؤولية "الأمانة السورية للتنمية" ومديرتها أسماء زوجة بشار الأسد، في مشاريع عديدة تدعمها الأمم المتحدة بملايين الدولارات، غالبيتها توجه لمصلحة الموالين للنظام، وتحرم مناطق أخرى استعاد النظام السيطرة عليها بعد 2018 من المساعدات، مثل درعا والقنيطرة، وريف دمشق، وحمص، ناهيك عن عدم وصول أي من هذه المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في شمال البلاد وشرقها.
في غضون ذلك، استهجن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، قرار برنامج الأغذية العالمي، بتخفيض قيمة المساعدة لآلاف المهجرين السوريين في الأردن وقطعها نهائياً عن آلاف العائلات.
ووصف، في بيان له، أمس الأربعاء، القرار بـ "المؤسف للغاية وستكون له عواقب خطيرة على حياتهم وعلى أوضاعهم الصحية والاجتماعية والنفسية إضافة إلى أثره السلبي على التعليم وفرص العمل".
وطالب بـ"إعادة النظر في القرار الذي سيتسبب بنتائج كارثية على آلاف العائلات السورية المهجّرة، والقيام بما يلزم لضمان حصول كل السوريين اللاجئين في الأردن على ما يكفي من الغذاء والدواء والمساعدات النقدية".
تصريح صحفي
— الائتلاف الوطني السوري (@SyrianCoalition) June 9, 2021
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
دائرة الإعلام والاتصال
09 حزيران، 2021
حول قرار برنامج الأغذية العالمي وقف مساعدة آلاف المهجرين السوريين في #الأردنhttps://t.co/U7PfLidnmL#سوريا pic.twitter.com/XM7t1V9rwL