أفرجت قوات النظام السوري، اليوم الأحد، عن 38 معتقلاً من محافظة درعا جنوبي سورية، وذلك ضمن حملة أطلقها النظام السوري قبل قرابة ثلاثة أسابيع، أطلق من خلالها سراح عدد من المعتقلين في سجونه من عدة مناطق بعفو رئاسي، غير أن القائمة خلت من المعتقلين الذين أمضوا سنوات طويلة في السجون على خلفية معارضتهم النظام.
وذكرت وسائل إعلام النظام السوري أنه تم الإفراج عن 38 موقوفاً ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماء بموجب عفو رئاسي بحسب وصفها.
ونقلت عن رئيس اللجنة الأمنية اللواء حسام لوقا قوله إن الهدف "إعادة الأمن والاستقرار إلى درعا، وخدمة المواطنين بكل الإمكانات".
وقالت "شبكة درعا 24" المعارضة إن الإفراج جرى بحضور محافظ درعا، وأمين فرع حزب البعث الحاكم، ورئيس اللجنة الأمنية، وقادة الأجهزة الأمنية في درعا.
وحول المعتقلين المفرج عنهم، قال الناشط الإعلامي في درعا يوسف المصلح، لـ"العربي الجديد"، إن معظم من أطلق سراحهم جرى اعتقالهم من قبل قوات النظام بعد التسوية في عام 2018، وبعضهم لم تتعد فترة اعتقاله شهرا، وآخرون لديهم أحكام جنائية، مضيفا أن قائمة المفرج عنهم تخلو من المعتقلين الذين مضى عليهم سنوات في سجون النظام واعتقلوا بسبب معارضة النظام.
وأشار الناشط إلى أن اعتقالات قوات النظام للناشطين المعارضين لم تتوقف في درعا، وكان منهم مؤخرا رئيس المجلس المحلي سابقا في مدينة جاسم المهندس محمد يوسف عسكر.
من جانب آخر، ربط الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني، في حديث لـ"العربي الجديد"، بين إطلاق سراح معتقلين وبين حصار مدينة درعا، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تأتي لتخفيف الاحتقان المتصاعد ضد قوات النظام السوري.
ووصف الحوراني هذه الخطوة بـ"المخادعة"، كونها استثنت آلاف المعتقلين والسجناء السياسيين والناشطين في المحافظة، مستطردا: "الأحرى بالنظام وقف حملاته الأمنية واعتقالاته أولا قبل هذه الحركات الإعلامية"، بحسب وصفه.
ويأتي الإفراج عن عدد من المعتقلين في درعا تتمة لإفراجات سابقة بدأت عقب انتخابات الرئاسة التي فاز بها رئيس النظام السوري بشار الأسد، وبدأت بالإفراج عن قرابة 20 معتقلا من مدينة دوما بريف دمشق، تلاه إفراج النظام عن 30 معتقلا من مدينة عفرين بريف دمشق، ثم 34 معتقلا آخرين يوم أمس من بلدات في الغوطة الشرقية بريف دمشق.
وحملت جميع هذه الإفراجات صيغة مشتركة من قبل وسائل إعلام النظام، وزعمت أنها بعفو رئاسي بحق من لم تتلطخ أيديهم بالدماء، ولم تأتِ بموجب أي أحكام قضائية كما جرت العادة.
النظام يحاول بعد انتخابات الرئاسة إطلاق حملات إعلامية هدفها الداخلي الايحاء بفتح صفحة جديدة
في السياق، قال المحامي أمجد عزام، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن إفراج النظام عن هؤلاء المعتقلين يثبت كذب ادعاءاته السابقة، عبر إصدار عدة قرارات عفو عن المعتقلين من قبل رئيس النظام بشار الأسد، والتي كان آخرها في بداية شهر مايو/أيار الماضي.
وأضاف أن عبارة "لم تتلطخ أيديهم بالدماء تدعو للتساؤل: إذا لم يكونوا من أصحاب الجنايات، فلماذا اعتقلوا؟ ولماذا لم يتم إطلاق سراحهم بموجب قرارات العفو السابقة؟".
ورأى المصدر ذاته أن النظام يحاول، بعد انتخابات الرئاسة، إطلاق حملات إعلامية هدفها الداخلي الإيحاء بفتح صفحة جديدة، والخارجي هو إظهار النظام لنفسه أنه المستجيب للمطالب الدولية بإطلاق سراح المعتقلين.
وبحسب التقرير السنوي التي أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان في الذكرى العاشرة للثورة السورية في آذار/مارس الماضي، فإن أعداد المعتقلين في سورية، منذ شباط 2012 حتى آذار الماضي، بلغت أكثر من 127 ألف معتقل، يقبع أكثر من مئة ألف منهم في سجون النظام السوري.
وأشارت "الشبكة" إلى أن الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة النظام السوري لا تزال مستمرة بالاعتقال في مناطق التسويات الخاضعة لتفاهمات مع حليفة النظام روسيا، ما يخالف بنود القرار رقم "2254" الملزمة بالإفراج عن المعتقلين السوريين داخل مراكز الاعتقال.