لجأ النظام السوري لسياسة تهميش "جيش التحرير الفلسطيني"، بعد استخدام عناصره طوال 12 عاماً في عمليات القمع بداية، ومن ثم العمليات العسكرية في النقاط الساخنة، ليكون الجيش بطاقة رهان بالنسبة للنظام، حقق المطلوب منه، وبقي شمّاعة فقط يُستخدم ورقة ضغط.
ووفق تقرير صدر عن "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، فإن عناصر "جيش التحرير" محرومون من مشروع "جريح الوطن" الذي يكافئ النظام السوري جرحى جيشه من خلاله بمبالغ مالية، وهو ما أثار استياءهم، مطالبين بالمساواة، وفق التقرير الذي صدر في الثاني من أغسطس/ آب عن المجموعة، مطالبين بإعادة النظر بالمشروع، وإشراكهم فيه.
استيلاء النظام على الجيش
و"جيش التحرير" يعادل ثلاثة ألوية، وفق الناشط الفلسطيني عدنان الأحمد، الذي أوضح لـ"العربي الجديد"، أن الجيش يتبع مباشرة قيادة أركان جيش النظام السوري، ويُعامَل قانوناً كما تُعامل أي من فرق جيش النظام، من حيث إجبارية الخدمة والسوق، كما يحصل على التسليح والتمويل اللوجستي من قيادة الأركان، لكنه نظرياً يتبع منظمة التحرير الفلسطينية، بيد أنه فكّ، منذ سبعينيات القرن الماضي، الارتباط بها، واستولى النظام السوري عليه بشكل كامل.
وينتشر "جيش التحرير" بألويته الثلاثة بشكل رئيسي في منطقة جبل الشيخ، ومنطقة قطنا بريف دمشق، وله لواء في السويداء، كما أوضح الأحمد، وكانت له تاريخياً مساهمات في حرب تشرين، وغيرها من المساهمات الإيجابية، لكن بعد عام 2012، استخدمه النظام في مخيم اليرموك، لقمع التجمعات الفلسطينية، ومن ثم بدأ بإرسال عناصر الجيش إلى النقاط الساخنة في حلب، وحمص، ودرعا، وغيرها.
وتابع: "حدثت داخل الجيش انشقاقات، ولجأ النظام أيضاً لتصفية بعض الضباط في صفوف الجيش، واعتقال البعض ممن اعترضوا على هذا التوجه، وهو حالياً يستعين، ولو بوتيرة أقل، بمن تبقى من عناصر "جيش التحرير"، كون غالبية فلسطينيي سورية، غادروا سورية، وتقلص عدد عناصر الجيش لما دون النصف"، مضيفاً أن النظام، ولأبعاد طائفية، لا يعطي "جيش التحرير" الامتيازات ذاتها والمكافأة الخاصة بالمليشيات الموالية له، إنما يستخدمه فقط في المعارك، بينما ليست له أولوية في المكافأة.
الاصطفاف الواضح
ظهر الاصطفاف الرسمي لقيادة "جيش التحرير الفلسطيني" بشكل واضح، وعلى العلن، من خلال تصريحات قيادته، وفق ما أوضح مسؤول الإعلام في "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" فايز أبو عيد لـ"العربي الجديد". ورأت المجموعة أنّ المشاركة في هذه الحرب تأتي في سياق التصدي للمؤامرة الأميركية الصهيونية "الفوضى الخلاقة"، لتحقيق أمن وقوة "الكيان الإسرائيلي"، بحسب ما جاء على لسان اللواء محمد طارق الخضراء، رئيس هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني السابق.
وأخذ التنسيق بين "جيش التحرير الفلسطيني" وجيش النظام أشكالاً عدة، وأوضح اللواء الخضراء أن أولى ثمار التنسيق بين "جيش التحرير الفلسطيني" والقيادة السورية، بدأت عندما طلبت القيادة السورية من عناصر هذا الجيش تولي مسؤولية حماية عدد من المنشآت الحيوية والاقتصادية المهمة، التي تساعد في توفير احتياجات المواطنين السوريين، كمحطات توليد الكهرباء، ومخازن الوقود، وغيرها، وكان رئيس هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني اللواء طارق الخضراء، المقرب من السلطات السورية، قد أكد في وقت سابق أن "جيش التحرير"، الذي يبلغ تعداده نحو ستة آلاف مقاتل فلسطيني، قاتل في أكثر من 15 موقعاً موزعاً في أنحاء البلاد.
وقال أبو عيد: "يُعتبر جيش التحرير الفلسطيني في سورية حالياً أحد تشكيلات الجيش السوري النظامي، من حيث قبول الضباط المنتسبين إليه والترفيع والتسريح، وبالتالي يخضع في أوامره وتحركاته لوزارة الدفاع السورية، ويحظى بدعم كامل، يشمل جميع المجالات العسكرية والتنظيمية والمالية، كما يجري استيعاب الطلاب الضباط الفلسطينيين المنتسبين لجيش التحرير في الكليات العسكرية السورية لمدة ثلاث سنوات، لتلقي العلوم العسكرية بمختلف أنواعها (المشاة، والمدفعية، والكيمياء، والإشارة، والدفاع الجوي، وغيرها من التخصصات)، يتخرج بعدها الطالب الضابط برتبة ملازم. كذلك يخضع التلاميذ من صف الضباط للتأهيل العسكري التخصصي في الكليات العسكرية المختلفة لمدة ستة أشهر، يتوزعون بعدها على القطع العسكرية في جيش التحرير الفلسطيني".
تهميش "جيش التحرير"
يرى أبو عيد أنه لا أسباب حقيقية وراء تهميش النظام السوري لـ"جيش التحرير الفلسطيني"، وقال: "لكن عدداً من الضباط يعزون السبب إلى حصر الدعم لمقاتليه الذين يقاتلون في الصفوف الأمامية". وشدد على أن النظام السوري لا يمكن أن يتخذ خطوات لحلّ الجيش بشكل نهائي، باعتبار أن هناك دعماً قوياً من شعاراته التي رفعها، وحل الجيش يعني إسقاط النظام قضية فلسطين أولاً قبل قضية الجولان المحتل، والتخلي عن دعم محور المقاومة، لذلك يبقي النظام السوري على الجيش ورقة ضغط في أي مفاوضات قد يخوضها مستقبلاً.
وحوّل نظام الأسد في سورية، "جيش التحرير" من جيش الهدف منه الدفاع عن القضية الفلسطينية، إلى مليشيا استخدمها في معارك تل الزعتر، وصولاً لإخماد بؤر الثورة في سورية، انطلاقاً من مخيمات الفلسطينيين، وصولاً للمدن السورية الثائرة على مدار 12 عاماً مضت.