بعد غياب لأشهر على خلفية تعثّر المفاوضات النووية الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بدأ الملف النووي الإيراني يعود إلى واجهة الصراع الإيراني الغربي، على خلفية تقارير غربية عن احتمال لجوء الأطراف الغربية إلى تفعيل آلية "فض النزاع" المنصوص عليها في الاتفاق النووي، والتي من شأنها إعادة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن وإعادة فرض عقوبات دولية على ِإيران.
وتعليقاً على هذه التقارير، حذرت إيران وروسيا، اليوم الاثنين، الترويكا الأوروبية، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة، من مغبة اللجوء إلى هذه الخطوة، مع تهديد طهران بأنها سترد عليها فوراً.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في مؤتمره الصحافي، اليوم الاثنين، تعليقاَ على تقارير غربية بشأن احتمال لجوء الغرب إلى تفعيل الآلية إنه "إذا ما ارتكب الطرف الآخر خطأ في الحسابات واتخذ إجراءات غير منطقية، فإن إيران سترد على ذلك".
وأضاف كنعاني "إنهم في رسالة تلقوها سابقاً من إيران يعلمون بشكل دقيق وواضح ماذا سيكون الرد الإيراني"، مشيراً إلى أن "هذه الرسالة معبرة بما يكفي" من دون الإفصاح عن تفاصيلها.
وفيما تتعثر المفاوضات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي منذ سبتمبر/أيلول الماضي، أكد المتحدث الإيراني أن "عدم عقد جلسات المفاوضات لا يعني انسداداً كاملاً أو توقف الجهود الدبلوماسية"، لافتاً إلى أن "المسار الدبلوماسي مازال مفتوحاً ويتم تبادل الرسائل".
وأعلن عن استعداد طهران إتمام المفاوضات والتوصل إلى نتيجة "في حال احترمت خطوطها الحمراء"، مؤكداً أن "على الأطراف الغربية أن تعلم أن مسار التفاوض لن يبقى مفتوحاَ للأبد".
روسيا تحذر
وحذر المندوب الروسي لدى المؤسسات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، الذي شارك ممثلاَ عن بلاده في المفاوضات النووية الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي، الطرف الغربي من التوجه لتفعيل آلية "فض النزاع".
وقال أوليانوف، اليوم الاثنين، تعليقاً على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إنه "لا شك أن هذا التحذير سيتحقق في حال إساءة استخدام آلية فض النزاع"، مؤكداً "كل شيء يمكن التنبؤ به لأن إيران تتصرف بطريقة شفافة". وأضاف أن "المشكلة أن الدول الغربية لا تتعلم الدروس من التجربة السلبية في الماضي".
No doubt that this warning will come true in case of misuse of the #snapback procedure. Everything is predictable because #Iran acts in a transparent way. The problem is that the Western countries don’t learn lessons from the negative experience of the past. https://t.co/lh1tpbywI5
— Mikhail Ulyanov (@Amb_Ulyanov) May 1, 2023
والسبت الماضي، قال المندوب الروسي في تغريدة: "يبدو أن الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية قرروا القضاء على خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)"، مضيفاً أن الخطة "لا تزال الإنجاز الرئيسي في مجال عدم الانتشار النووي، وكل يوم يؤخرون استئناف مفاوضات فيينا يقربنا من نقطة اللا عودة".
It looks like the #US and #E3 have decided to dismantle the #JCPOA which was and still is the major achievement in the field of nuclear non-proliferation. Every day they delay the resumption of the #ViennaTAlks brings us closer to the point of no return.
— Mikhail Ulyanov (@Amb_Ulyanov) April 29, 2023
وجاءت تصريحات أوليانوف في ضوء تقارير غربية عن أن الدول الأوروبية الثلاث فرنسا وألمانيا وبريطانيا، قد أبلغت أعضاء مجلس الأمن الدولي بمشاوراتها بشأن احتمال استخدام آلية "فض النزاع" المنصوص عليها في القرار 2231 المكمل للاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والمجموعة الدولية، وذلك إذا ما تخطت إيران "الخطوط النووية الحمراء".
ووقع سجال بين المندوب الروسي ومراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" لورانس نورمن، إذ رد الأخير على تغريدة أوليانوف بالقول إن هذا الكلام يصدر من "سفير حصلت بلاده على معدات عسكرية إيرانية لغزوها الوحشي لأوكرانيا، في انتهاك لخطة العمل الشاملة المشتركة، مما أدى إلى القضاء على أي آمال في إحياء الدبلوماسية".
Says the ambassador whose country locked in Iranian military equipment in contravention of JCPOA for their brutal invasion of #Ukraine, killing off any hopes of reviving the diplomacy. Hypocrisy x 1 million. https://t.co/hZd886qh7l
— laurence norman (@laurnorman) April 29, 2023
ثم رد أوليانوف على المراسل الأميركي، في تغريدة أخرى، بمطالبته بوثائق ومستندات على اتهامه لروسيا بالقضاء على المفاوضات النووية من خلال شراء الأسلحة الإيرانية.
يُذكر أنه من شأن تفعيل آلية "فض النزاع" أن يعيد ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن الدولي، لتُفرض عليها من جديد العقوبات الأممية، مع تفعيل قرارات أممية سابقة ضد إيران تم إيقافها عام 2015 في الاتفاق النووي، وذلك من دون أن تتمكن روسيا والصين من استخدام حقّ النقض دعماً لطهران، كما أنّ من شأن تفعيل آلية فضّ النزاع وما يتبع ذلك من انهيار الاتفاق النووي، أن يرفع حظوظ الخيار العسكري في معالجة الملف النووي الإيراني، إذا ما فشلت الدبلوماسية والمفاوضات.