رغم عدم مشاركتها في التحالف الذي أنشأته الولايات المتحدة في البحر الأحمر، قامت الهند بتعزيز وجودها في المنطقة الممتدة من شمال ووسط بحر العرب إلى خليج عدن، وأرسلت 10 سفن حربية بدلاً من اثنتين تتمركزان عادة في المنطقة، وفق ما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وتسعى الهند من خلال رفع مستوى تواجد قوتها البحرية العسكرية إلى حماية السفن التي ترفع علم الهند في المقام الأول ولكن ذلك لا يمنع أنها كانت من أول المستجيبين في عدد من الحوادث الأخيرة، وفي الأسبوع الماضي، استجابت مدمرة الصواريخ الموجهة الهندية "آي إن إس فيساخاباتنام" لنداء استغاثة من سفينة تابعة لشركة نقل بضائع مملوكة من الولايات المتحدة "جينكو بيكاردي" حين تعرضت لهجوم بطائرة بدون طيار في خليج عدن.
وتقول "وول ستريت جورنال"، إن الهند سعت من خلال ذلك لتعزيز التعاون مع الجهد الأميركي لمواجهة عمليات جماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر، ولكنها في نفس الوقت تجنبت الانضمام رسمياً للتحالف الذي أنشأته واشنطن، لضمان المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر، حفاظاً على علاقتها بطهران، حيث تقول أميركا إن هجمات الحوثيين على السفن مدعومة من قبل إيران.
وتنقل الصحيفة الأميركية عن هارش بانت، نائب رئيس السياسة الخارجية في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث ومركزها في نيودلهي، قوله "إن الانضمام إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة يعني النظر إلى الصراع من خلال منظور الولايات المتحدة، حيث اتخذت الولايات المتحدة موقفاً مفاده أن هذا تحريض إيراني"، مشيراً إلى أن الهند سعت منذ فترة طويلة إلى إظهار استقلالها عن تأثير القوى الكبرى في تعاملاتها في السياسة الخارجية.
وقال مسؤولون إن العمليات البحرية الهندية تعكس، أيضاً، التعاون المتزايد مع الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة الصين، مشيرين إلى صفقة المشتريات العسكرية التي تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار مع الولايات المتحدة لشراء 31 طائرة بدون طيار من طراز "بريداتور"، نصفها مخصص للبحرية، ما يعني تعزيز قدرات الهند العسكرية.
ويقول بيسواجيت داسغوبتا، نائب الأدميرال السابق والقائد الأعلى للقيادة البحرية الشرقية الهندية، إن "هناك تنسيقا كافيا مع الولايات المتحدة والدول الأخرى ذات التفكير المماثل على الجبهة البحرية" مؤكداً أن "جميع قنوات الاتصال مفتوحة".
الهند تعزز قواتها البحرية
وتقول "وول ستريت جورنال" إن الهند خصصت مؤخراً طائرتين من دون طيار لتوفير لقطات دقيقة للسفن المضطربة، وقالت البحرية الهندية إن قوات تابعة لها قامت، خلال الشهر الحالي، بتنفيذ عملية لإحباط محاولة اختطاف لناقلة بضائع ترفع علم ليبيريا "MV Lila Norfolk" في بحر العرب.
وأضافت البحرية الهندية خلال الأعوام العشرة الماضية أكثر من 12 سفينة حربية مسلحة بالصواريخ والطوربيدات، يتم إنتاجها جميعاً محلياً، لقوتها البحرية ووصل إجمالي عدد السفن الحربية في أسطول الهند إلى 140 سفينة.
وكان راندير جايسوال، المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية، قال الأسبوع الماضي "سفننا البحرية موجودة هناك، وتقوم بدوريات في المنطقة، وتحاول بذل قصارى جهدها لتأمين خطوط الشحن الهندية وتقديم الدعم للآخرين" مؤكداً في الوقت ذاته "نحن لسنا جزءاً من أي ترتيب متعدد الأطراف حتى الآن”.
وأثار وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جيشانكار، مخاوف بشأن الهجمات على السفن التجارية، الأسبوع الماضي، خلال زيارته إلى طهران التي جاءت بعد أيام من شن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غارات جوية على أهداف الحوثيين، كما تزامنت زيارة جيشانكار إلى طهران، أيضاً، مع ضربات إيرانية على العراق وسورية وباكستان، ما أدى إلى رد فعل متبادل من باكستان.
وفي بيان مشترك مع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، قال جيشانكار إن المجتمع الدولي يشعر بالقلق إزاء المخاطر المتزايدة على الشحن، والتي تهدد أيضًا المصالح الاقتصادية للهند، مضيفاً "هذا الوضع المشحون لا يصب في مصلحة أي طرف ويجب الاعتراف بذلك بوضوح".
وكانت جماعة الحوثيين في اليمن أعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن منعها للسفن المرتبطة بإسرائيل المرور البحر الأحمر قبالة شواطئ اليمن، ويقول الحوثيون إن ذلك يأتي في إطار الرد على الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة.