استمع إلى الملخص
- روته، بموقفه القوي تجاه أوكرانيا وانتقاداته لبوتين، زاد الإنفاق الدفاعي الهولندي وقدم دعمًا عسكريًا لكييف، مما يجعله شخصية محورية في السياسة الأوروبية تجاه الأزمة الأوكرانية.
- خبرته الواسعة وقدرته على القيادة خلال 13 عامًا كرئيس لحكومة هولندا، جعلته الخيار المفضل لقيادة الناتو في مرحلة تتطلب تعزيز الوحدة والتصدي للتحديات الأمنية، خاصة مع التوترات مع روسيا.
أعلن أمس اختيار رئيس الوزراء الهولندي مارك روته أميناً عاما لحلف شمال الأطلسي (الناتو) خلفاً لينس ستولتنبرغ، بعدما حاز دعم المجر وسلوفاكيا. ويتخذ الحلف قراراته بالإجماع، ومن ثم على أي مرشح الحصول على دعم جميع الحلفاء ال32. وجاء دعم المجر لروته بعد اجتماع عقده رئيس وزرائها فيكتور أوربان مع ستولتنبرغ، الأسبوع الماضي، واتفق فيه الجانبان على أن المجر لن تعرقل قرارات الحلف لتقديم الدعم لأوكرانيا لكنهما اتفقا على عدم مشاركتها.
يُعتبر روته حليفاً قوياً لأوكرانيا ومنتقداً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومنذ اجتاحت روسيا أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022 كان روته أحد القوى الدافعة لتقديم الدعم العسكري الأوروبي لأوكرانيا، ودأب على تأكيد ما قال إنها الحاجة المطلقة لهزيمة روسيا في ساحة المعركة لتأمين السلام في أوروبا. ولا تقل حماسة مارك روته في دعم الأوكرانيين عن الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن، ولا عن المستشار الألماني أولاف شولتز وفي كوبنهاغن ميتا فريدركسن، فالحرب تعتبر الشغل الشاغل لمن سيخلف ستولتنبرغ، خصوصاً مع توقعات الغربيين أنفسهم استمرار الحرب الأوكرانية لفترة أخرى من الزمن.
وزادت هولندا الإنفاق الدفاعي بما تخطى عتبة الاثنين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي المطلوبة من أعضاء الحلف تحت قيادته في الآونة الأخيرة، كما قدمت بلاده طائرات مقاتلة إف 16 ومدفعية وطائرات مسيرة وذخيرة إلى كييف بالإضافة إلى الاستثمار بكثافة في جيشها. وتُحمل هولندا روسيا مسؤولية إسقاط طائرة الركاب أم.إتش17 فوق شرق أوكرانيا في يوليو/ تموز 2014، ما أسفر عن مقتل جميع الركاب وأفراد الطاقم البالغ عددهم 298، من بينهم 196 هولندياً، وتحدثت وسائل إعلام هولندية وقتها عن أن الرجل المرح "بكى للمرة الأولى كرئيس حكومة" إثر سقوط الطائرة الماليزية MH17 فوق الأراضي الأوكرانية بصاروخ روسي.
وأمضى مارك روته 13 عاماً في رئاسة حكومات هولندا المتعاقبة، وجاء ترشيحه لخلافة ستولتنبرغ من أكبر دول الحلف الغربي، أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، ودعم دول أخرى في أوروبا، وبالنسبة لمعظم دول الناتو، يُعتبر روته الخيار المفضل للحلف في مواجهة ما قد تسفر عنه الانتخابات الأميركية مع نهاية العام الحالي والتوجس الأوروبي من عودة دونالد ترامب، وهنا يمكن تفسير الحماسة لروته بسبب ما جرى في يوليو/ تموز 2018 حين عُرف بأن روته هو الذي أعاد دبوس الأمان إلى قنبلة ترامب قبل أن تنفجر وتنسف "الأطلسي" معها، بعدما همس بشيء في أذن الأميركي المزاجي فصار يكنى بـ"الهامس لترامب".
وعلى ما يظهر فإن مارك روته، الرجل الأعزب الهادئ، طويل القامة، البالغ 57 سنة، والمعروف بنظارته الرفيعة وقيادة دراجته الهوائية من منزله قرب البرلمان في لاهاي، خريج التاريخ الهولندي من جامعة لايدن 1992، وبخبرة قيادته لحزب "الشعب الليبرالي للحرية والديمقراطية"، ورئاسة حكومة بلده منذ 2010، بألوان طيفها المختلفة، هو خيار مفضل لأغلبية الأوروبيين، كونه دخل السياسة الهولندية في صيغ تعاون مع مختلف المعسكرات التي يأتي منها قادة دول القارة، إضافة إلى معرفته الجيدة بالأميركيين.
وكان ستولتنبرغ قد قال في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن: "أعتقد أن مارك (روته) مرشح قوي جداً. فهو يتمتع بخبرة كبيرة كرئيس للوزراء. إنه صديق وزميل مقرب، ولذلك أعتقد بقوة أن التحالف سيقرر في القريب العاجل اختيار خليفتي... هذا سيكون مفيداً لنا جميعاً ولحلف شمال الأطلسي ولي أيضاً". ويواجه الأمين العام التالي للحلف تحدياً يتمثل في الحفاظ على دعم الحلفاء لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، مع توخي الحذر من أي تصعيد قد يجر التحالف العسكري مباشرة إلى حرب مع موسكو.
(رويترز، العربي الجديد)