أعلنت جماعة الحوثيين، اليوم الأحد، عن مغادرة الوفد العماني صنعاء، بعد أيام من سلسلة من المشاورات مع قيادات جماعة الحوثي، من دون أن تكشف نتائج تلك المباحثات، تزامناً مع تحذيرات الحوثيين من محاولات إغلاق ميناء الحديدة.
ووفق ما أفادت به قناة المسيرة التابعة للحوثيين، فإن "رئيس وفد الحوثيين التفاوضي (محمد عبد السلام) غادر مع وفد الوساطة العماني العاصمة صنعاء إلى مسقط، بعد سلسلة مشاورات".
ولم تُكشف نتائج المحادثات المغلقة التي يجريها الوفد العماني، الذي يعد الوسيط والراعي للمفاوضات الثنائية التي تجرى بين جماعة الحوثيين والسعودية، لكن وكالة "سبأ" النسخة الحوثية بصنعاء نقلت عن رئيس المجلس السياسي الحوثي (مجلس حكم الجماعة) مهدي المشاط، قوله، خلال لقائه الوفد العماني، إنّ "صبر شعبنا قارب على النفاد (...) والوقت ليس مفتوحاً أمام العدو لمواصلة التهرب من الاستحقاقات الإنسانية، لأن الاستمرار بالمراوغة وكسب الوقت سيعود عليه بنتائج لا يرغبها".
وأضاف: "لم يعد مقبولاً استمرار الوضع الراهن (...) وكل مظاهر الحصار والتجويع وتحويل الاستحقاقات الإنسانية المتمثلة في صرف رواتب كافة موظفي الدولة، وفتح مطار صنعاء الدولي، وإزالة كافة القيود المفروضة على موانئ الحديدة، إلى محل تفاوض"، وفق ما نقلت وكالة "سبأ" النسخة الحوثية بصنعاء.
وعبر القيادي المشاط عن "شكره لاستمرار جهود سلطنة عمان ومساعيها نحو تحقيق السلام في اليمن، رغم ما تواجهه من تعنت من قبل دول العدوان"، متمنياً أن "تفضي هذه الجهود إلى نتائج"، على حد تعبيره.
ووصل الوفد العماني، الخميس الماضي، برفقة رئيس الوفد التفاوضي للحوثيين محمد عبد السلام الذي يتخذ من مسقط مقراً له، والذي أشار إلى أن الزيارة تأتي لـ"إحياء العملية التفاوضية وتقييم المرحلة، بدءاً من الملف الإنساني، وإجراء مشاورات مع القيادة (الحوثيين) ضمن رؤية واضحة تعالج الملفات الإنسانية الأكثر إلحاحاً".
وبالتزامن مع مغادرة الوفد العُماني، أطلق مسؤولون من جماعة الحوثيين تهديدات من محاولات إعادة الحصار على ميناء الحديدة (غربي اليمن)، وقال وزير النقل في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) عبد الوهاب الدرة: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي محاولات جديدة لإعادة الحصار الكامل على ميناء الحديدة".
وطالب بوقف التفتيش الظالم والجائر المستمر في ميناء جيبوتي، والذي يؤدي إلى رفع التكاليف، وقال أن "المؤامرة على ميناء الحديدة مستمرة، وآخرها عدم شموله في اتفاق تخفيض التأمين البحري، ويجب أن يكون الاتفاق شاملاً لكل الموانئ اليمنية".
ووقعت الحكومة اليمنية مع الأمم المتحدة، الأحد الماضي، في العاصمة المؤقتة عدن، مذكرة تفاهم لخفض كلفة التأمين البحري على السفن في الموانئ اليمنية، والتي ازدادت 16 ضعفاً منذ اندلاع الحرب في البلاد.
من جهته، قال مدير مطار صنعاء الدولي خالد الشايف إنّ "معاناة المسافرين كبيرة، خاصة بين المرضى، بسبب تقليص الرحلات الجوية من 6 إلى 3 رحلات أسبوعياً، وإنّ الكثير من المرضى الذين سافروا للعلاج خارج البلاد لا يزالون عالقين بسبب الضغوط الكبيرة على الرحلات الجوية".
وأشار إلى ضرورة "فتح خمس وجهات، وتسيير رحلات يومية، لأن هذا هو الحد الأدنى للتخفيف من معاناة المسافرين"، وأضاف: "جاهزون لاستقبال الرحلات بما يتجاوز 10 رحلات في اليوم"، وفق ما نقلت قناة المسيرة الناطقة باسم جماعة الحوثي.
رئيس وفد الحوثيين: إذا لم تبدأ العملية التفاوضية بتنفيذ البنود الإنسانية فلا يمكن البناء على نوايا إيجابية للطرف الآخر
ويعد تسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين من أبرز البنود التي يطالب بها الحوثيون، إضافةً إلى مطلب إزالة القيود عن مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة.
وقال عبد السلام في تصريح صحافي: "إذا لم تبدأ العملية التفاوضية بتنفيذ البنود الإنسانية، فلا يمكن البناء على نوايا إيجابية للطرف الآخر" في إشارة إلى السعودية.
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ قد حذر في إحاطته لمجلس الأمن، الأربعاء الماضي، من تبعات التهديدات العلنية بالعودة للحرب، بعد أن أطلق زعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي، السبت اماضي، تهديدات وتحذيرات للسعودية بالتصعيد العسكري وإنهاء حالة التهدئة، وقال إنّه "لا يمكن أن نسكت طويلاً عما هو حاصل، وقد أفسحنا المجال للوساطة بالقدر الكافي، وإذا لم تحصل تطورات إيجابية، فإن موقفنا سيكون حازماً وصارماً".
ورأى الباحث اليمني عدنان هاشم، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "التحرك العماني يركز بدرجة أساسية على ملف صرف الرواتب، وجاء نتيجة الضغوط التي تعاني منها جماعة الحوثي بصنعاء إثر تصاعد المطالبات لهم من استمرار الهدنة منذ أكثر من عام".
وأضاف أن هناك تراجع من الحوثيين حول آلية صرف الرواتب، حيث تعهدت الحكومة والسعودية بصرفها سابقاً، وكان التعقيد بهذا الملف بسبب حالة الانقسام المالي في البلاد وإعادة تصدير النفط وربما تسير الأمور نحو الاتفاق على هذه التفاصيل.
وتعد هذه الزيارة الثالثة للوفد العماني إلى صنعاء منذ مطلع العام الجاري، والسادسة منذ إعلان الهدنة في مطلع إبريل/ نيسان 2022، والتي ما زالت مستمرة رغم المواجهات المتقطعة في الجبهات الداخلية بين الأطراف اليمنية، لكن الهجمات الجوية المتبادلة بين السعودية والحوثيين توقفت كلياً.
وتوقفت جهود التفاوض، منذ إبريل/ نيسان الماضي، عقب زيارة الوفدين السعودي والعماني إلى صنعاء للقاء قيادة جماعة الحوثيين، إذ لم يعلن عن أي تفاوض علني منذ ذلك الحين، في ظل حالة صعبة في اليمن الذي يعيش أزمة إنسانية للعام التاسع على التوالي.