عقد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن عيدروس الزبيدي، اليوم الأحد، اجتماعاً موسعاً لقيادات القوات التابعة للمجلس، وتوعد بأنّ قواته "ستقوم بواجبها لحماية حضرموت من الإرهاب الذي يستهدفها بالوقت المناسب"، وذلك بالتزامن مع برنامج تصعيدي للانفصاليين في المحافظة الواقعة شرقي البلاد.
ووفقاً لوسائل إعلام المجلس، فقد "وقف الاجتماع أمام تصعيد مليشيات الحوثي المتواصل في مختلف خطوط التماس (...) وما أقدمت عليه العناصر الإرهابية التي استهدفت بالرصاص الحي الحشد الجماهيري السلمي الذي خرج في سيئون بوادي حضرموت، لإحياء الذكرى الـ29 ليوم الأرض الجنوبي (أول أمس الجمعة)، أمام مرأى قوات المنطقة العسكرية الأولى".
وأكد الزبيدي، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أنّ "حماية شعب الجنوب مسؤولية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الجنوبية والمقاومة الجنوبية، وأنها ستقوم بواجبها لحماية حضرموت من الإرهاب الذي يستهدفها بالوقت المناسب".
وبالتزامن مع اجتماع الزبيدي، أعلنت "لجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت العام" (حرو) التابعة للانتقالي، عن برنامج تصعيدي ضد الحكومة الشرعية والسلطة المحلية في المحافظة، يتضمن تنظيم وقفات شعبية في جميع المديريات، الثلاثاء المقبل، وتسليم مديري المديريات مذكرات بالمطالب العامة لهم، وإمهال السلطة المحلية خمسة أيام للرد عليها من تاريخ الوقفة (11 يوليو/ تموز) أو تحمل نتائج التصعيد الميداني في كل المديريات.
ويأتي هذا التصعيد رفضاً لتشكيل المكونات الحضرمية "مجلس حضرموت الوطني" في 20 يونيو/ حزيران الماضي، وبعد شهر من المشاورات في الرياض برعاية سعودية، في خطوة تأتي ردة فعل على زيارة الزبيدي إلى مدينة المكلا، وتجوله في المدينة على متن مدرعة إماراتية، وبرفقة قوات قدمت من خارج المحافظة.
ولم يعلن الانتقالي أي موقف حيال إعلان المجلس الحضرمي في حينه، وعندما سُئل الزبيدي عن رأيه في الخطوة، قال إنّ التفاصيل الكاملة حول المجلس "ما زالت غير متوفرة".
على أثر ذلك، زار رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، مدينة المكلا مركز المحافظة، برفقة وفد من صندوق إعادة الإعمار السعودي، حيث استقر في القصر الرئاسي، وتجول هناك خلال أيام عيد الأضحى، وأعلن عن افتتاح مشروعات بدعم من المملكة، كما أعلن قراره منح المحافظة حقها في إدارة نفسها ذاتياً. فيما أبدى الانتقالي امتعاضه من الزيارة، وشنّ أنصاره ضدها حملات على وسائل التواصل الاجتماعي.
والأسبوع الماضي، بدأ المجلس الانتقالي حشد أنصاره من مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرته جنوبي البلاد، للتظاهر في مدن عدة بحضرموت بمناسبة "يوم الأرض الجنوبي"، ورفضاً لما وصفها رئيس فرع الانتقالي سعيد المحمدي، في كلمته أمام المتظاهرين يوم الجمعة، بـ"مؤامرات تفريخ المكونات ودغدغة عواطف البسطاء بالإدارة الذاتية"، معبراً عن رفض المجلس لما قال إنها "مؤامرات تفكيك قوات النخبة (قوات موالية للانتقالي تتمركز على مشارف مدينة المكلا)، وتمزيق النسيج الحضرمي، وإعادة تمكين أدوات حلفاء اجتياح الجنوب، من مفاصل السلطة المحلية في المحافظة".
وحذر المحمدي من إعلان المجلس الحضرمي، وهي الخطوة التي قال إنها "تهدف إلى سلخ حضرموت عن محيطها الجنوبي، وتفكيك مؤتمر حضرموت الجامع، الذي اتفق عليه أبناء المحافظة عامة، وخلخلة وحدة الصف الحضرمي، لكي يتسنى لهم ابتلاع حضرموت وضمها إلى دويلتهم البديلة عن دولتهم التي تركوها للحوثي"، على حد تعبيره.
من جانبه، ناشد البيان الصادر عن تلك الفعاليات "دول التحالف العربي وعلى رأسها السعودية ودولة الإمارات، بأن تأخذ في الاعتبار وهي ترسم خريطة مصالحها في المنطقة إرادة أغلبية شعبنا في حقه المشروع في استعادة دولته".
وحذر البيان، من اللعب بـ"ورقة تمزيق الصف الحضرمي وتشتيت قواه المناضلة كمدخل لإضعاف القضية الحقيقية، وإشغال الجنوبيين في صراعات عبثية هامشية".
ويدفع المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات منذ سنوات باتجاه السيطرة على حضرموت، ذات المساحة الجغرافية الشاسعة والثروات الحيوية للاقتصاد الوطني للبلاد، في إطار مساعيه لتحقيق انفصال جنوب البلاد عن شمالها، وفرض أمر واقع في المفاوضات التي قد تصل إليها الأطراف اليمنية في مساعيها لحل شامل ينهي الحرب في البلاد.
وتعليقاً على ذلك، قال أمين عام مرجعية قبائل حضرموت وعضو الهيئة التأسيسية لمجلس حضرموت الوطني، جمعان بن سعد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الانتقالي يعتقد أن مجلس حضرموت الوطني قد يتسبب في إضعاف مشروعه، وفي تقديري أن مجلس حضرموت تنص وثائق إشهاره على الحرية السياسية، وبالتالي فحق الانتقالي وغيره من الفعاليات السياسية مكفول، ومن حقهم العمل بالطرق السلمية".
واستدرك بن سعد: "مجلس حضرموت الوطني سيكون مكوناً كبيراً، وسيحظى بشعبية واسعة في أوساط الحضارم، كونه يتبنى مشروعاً حضرمياً صرفاً، غير تابع لأحد".
وأضاف أنّ الانتقالي "فشل في استعطاف الجماهير لحضور فعاليته يوم الجمعة، والتي أطلق عليها يوم الأرض، وكان يستهدف بها إظهار رفض الحضارم لمجلس حضرموت، ورغم الإمكانيات والإغراءات وتوفير المواصلات، فإنّ الحضور باهت جداً".
وتابع: "نتمنى أن يستوعب (الانتقالي) الدرس، ويفهم حقيقة المتغيرات السياسية التي حصلت في حضرموت، ومن الأفضل له التعاطي معها بإيجابية، وأن يبارك للحضارم توحيد مكوناتهم في مجلس واحد".