مع تأخر عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي من الرياض إلى عدن، أثارت تحركات نائبه في المجلس رئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" عيدروس الزبيدي، في عدن، الكثير من التساؤلات، خصوصاً بعد أن ظهر الأخير وهو يقوم بكل الأدوار نيابة عن رئيس وأعضاء مجلس القيادة الآخرين.
ويتخوف مراقبون من استغلال الزبيدي غياب العليمي لترسيخ نفسه كالقيادي الأهم في مناطق سيطرة السلطات الشرعية اليمنية، وتحديداً في الجنوب، خصوصاً مع استمرار غياب العليمي المتواجد في الرياض، التي وصلها منذ أيام بعد جولة رئاسية بدأها في الكويت والبحرين ثم مصر، واختتمها في قطر، ثم غادرها باتجاه السعودية بدلاً من عدن.
وينظر الكثير من المراقبين إلى بقاء العليمي في الرياض على أنه اعتكاف، إلا أن مصادر مقربة منه تنفي ذلك في أحاديث مختصرة لـ"العربي الجديد".
وبرز أمس السبت "تدشين" الزبيدي في عدن عمل اللجنة العسكرية والأمنية العليا، وفق وكالة "سبأ" التابعة للحكومة. وجاء ذلك بعد لقائه رئيس اللجنة العسكرية العليا، اللواء هيثم طاهر، قبلها بيوم واحد.
كما ترأس الزبيدي، السبت، اجتماعاً ضم رئيس الوزراء معين عبدالملك، ووزير الدولة محافظ عدن أحمد حامد لملس، في قصر المعاشيق الرئاسي، ووجّه خلاله "الحكومة إلى سرعة إنجاز مصفوفة المشاريع المتعلقة بالاحتياجات والأولويات العاجلة في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، لاستيعاب التعهدات المقدمة من قبل السعودية والإمارات"، وفق "سبأ".
"محاولة استغلال" غياب العليمي
وتعليقاً على ذلك، قالت مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد"، إن الزبيدي تجاوز صلاحياته في بعض تحركاته في عدن. وأضافت أنه يحاول استغلال غياب العليمي، وأغلب أعضاء مجلس القيادة، عن قصر المعاشيق وعدن، ليقوم هو بدور رئيس المجلس، ويظهر قوة نفوذه ودوره داخل هذا المجلس، وذلك بعدما سعى أنصاره والمنافذ الإعلامية التابعة لـ"المجلس الانتقالي" في الفترة الماضية لإظهاره على أنه الأقوى نفوذاً وصاحب القرار الأول بعد رئيس المجلس.
وحول عودة العليمي إلى عدن، قالت مصادر في قصر المعاشيق الرئاسي، لـ"العربي الجديد"، إنه في الرياض لعقد لقاءات مع قيادة الأطراف السياسية المتواجدة هناك، ثم التشاور مع قيادات التحالف الذي تقوده السعودية في عدد من الملفات الاقتصادية والإنسانية والخدماتية، فضلاً عن الجوانب العسكرية والهدنة الإنسانية، لا سيما في ظل عودة ممارسات جماعة الحوثيين بمهاجمة الجبهات وتنفيذ الاغتيالات، واستهداف الجبهات، وآخرها هجوم بالطيران المسيّر شمال الضالع أمس السبت على مواقع عسكرية، طاول أيضاً منازل مدنيين، ما أدى إلى سقوط ضحايا.
وأكدت المصادر أن العليمي سيعود حسب البرنامج والوقت المخطط والمعد مسبقاً لجولته الخارجية، والتي تهدف في مجملها إلى تحسين العلاقات والحصول على دعم ومساندة الدول العربية لمجلس القيادة والحكومة اليمنية في تجاوز المرحلة، وحلّ المشاكل التي تسبّب فيها الانقلاب الحوثي، والحرب المندلعة منذ ثماني سنوات.
في المقابل، فإن بعض المراقبين الذين ينظرون إلى تواجد العليمي في الرياض على أنه "اعتكاف" بسبب تجاوزات "المجلس الانتقالي" في عدن، يرون أن الزبيدي يحاول الضغط عبر تحركاته الأخيرة على رئيس مجلس القيادة للعودة إلى عدن.
صلاحيات وتفاهمات
على الجبهة الأخرى، قالت مصادر مقربة من المجلس الانتقالي الجنوبي، لـ"العربي الجديد"، إن الزبيدي يمارس صلاحياته القانونية، وهناك تفاهم بينه وبين العليمي، وهو يقوم بدوره "كونه متواجدا في عدن، بينما أغلب قيادات المجلس خارج المدينة واليمن".
وأضافت أن واجبه في قصر المعاشيق هو القيام بدوره كنائب لرئيس مجلس القيادة حتى عودة العليمي والنواب الآخرين، مشيرة إلى أن "الزبيدي ليس صدامياً، ويتعامل بمنطق مع الأوضاع الحالية التي يشهدها اليمن والتطورات الإقليمية، ويسعى لاستقرار الأوضاع والتخفيف من معاناة الناس، بتوفير الخدمات وإصلاح المشاكل والأوضاع الأمنية والاقتصادية".
لكن المصادر اعترفت بأن هناك طرفاً صدامياً داخل "المجلس الانتقالي"، ممن يعيش على الأوضاع المتوترة ويستفيد منها، يحاول جرّ الزبيدي وقيادات "الانتقالي" الأخرى إلى تصعيد الأوضاع، لذلك يحاول هذا الطرف تصوير ما يقوم به الزبيدي على أنه انتصار لـ"الانتقالي"، من خلال تجاوز صلاحيات العليمي، و"هذا غير صحيح".