في اليوم الثاني من فتح باب استقبال طلبات الترشح في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، المقررة يوم 18 يونيو/حزيران المقبل، توجهت شخصيات إيرانية بارزة، اليوم الأربعاء، إلى مقر وزارة الداخلية، وسط العاصمة طهران، لتسجيل ترشيحاتهم.
أهم الشخصيات التي ترشحت، اليوم، رسمياً وسجلت أسماءها، الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، ونائب رئيس البرلمان الإيراني، أمير حسين قاضي زادة هاشمي، ووزير النفط السابق، رستم قاسمي، وهو المساعد الاقتصادي لـ"فيلق القدس" الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
غير أن التيارين السياسيين الرئيسيين في إيران، الإصلاحي والمحافظ، لم يقدما بعد مرشحهما النهائي، لكن ثمة أنباء تؤكد اعتزام إبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية، الترشح للانتخابات، وفي حال ترشح رئيسي سيكون هو مرشح التيار المحافظ. فضلاً عن أنباء راجت في الأوساط السياسية الإيرانية، منذ الأمس، ترجح احتمال ترشح رئيس البرلمان الإيراني السابق، علي لاريجاني.
على الضفة الإصلاحية، لا أنباء بعد عن مرشح التيار النهائي للانتخابات، "ولم يتفق الإصلاحيون بعد على مرشح"، كما يقول القيادي الإصلاحي معروف صمدي، عضو مؤسسة "صناعة الإجماع" الإصلاحية، التي تشكلت خلال يناير/كانون الثاني الماضي. والمؤسسة هي المظلة الشاملة لجميع التيارات والأحزاب الإصلاحية في إيران.
وأضاف صمدي، وهو نائب رئيس "مجمع البرلمانيين السابقين"، لـ"العربي الجديد"، أن "الإصلاحيين لم يتوصلوا إلى نتيجة نهائية بعد في اختيار مرشح نهائي"، كاشفاً عن أنهم "ينتظرون لمعرفة من سيترشح من القيادات الإصلاحية في الانتخابات أولاً، وثم من منهم يمكنهم تجاوز فلتر مجلس صيانة الدستور ويتم الموافقة على أهليتهم".
وأوضح أنه "سيتم ترشيح أي من المرشحين الإصلاحيين الذين سيجتازون الفلتر، سيحصل على العدد الأكبر للأصوات بين الإصلاحيين".
ولكن، حسب القيادي الإصلاحي صمدي، في حال لم يكن هناك مرشح قوي يحصل على عدد أكبر من الأصوات، لن يقوم التيار الإصلاحي بتقديم مرشح في الانتخابات، مرجحاً أنه "في هذه الحالة ربما لا يدعمون مرشحاً آخر أيضاً".
نجاد يترشح
وكان الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، أبرز سياسي إيراني، تقدم بطلب الترشيح للانتخابات، اليوم الأربعاء.
وفي طريقه نحو الداخلية الإيرانية، تجمّع العشرات من مؤيدي أحمدي نجاد دعماً لترشحه في الانتخابات، مطلقين هتافات تأييداً له.
وبعد تسجيله ترشحه للانتخابات الرئاسية الـ13، وجّه أحمدي نجاد، في مؤتمر صحافي، انتقادات لوضع البلاد وإدارتها، قائلاً إن "الإصلاح بات غير ممكن بسبب إدارة البلاد على هذا النحو".
وأوضح أن "المشكلة الأساسية هي في طبيعة الرؤية الكلية تجاه البلاد. الشرخ بين الشعب والحكومة وصل إلى مرحلة تظهر ابتعادنا عن أهداف الثورة بالكامل"، وفق ما أوردته وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وأضاف أحمدي نجاد أن "الانتخابات الساخنة أصبحت اليوم طبلاً فارغاً"، معتبراً أن "ذلك انحراف كبير وأساسي، واليوم هم بصدد تبرير العزوف عن المشاركة الشعبية بطرح مسألة كورونا".
وأوضح أن "إبعاد الشعب عن صناعة القرار أضعف البلاد، وعلى الساحة الدولية أيضا وضعنا ليس مطلوبا، ونرى أن التيارين انحرفا عن الإسلام والثورة"، في إشارة غير مباشرة إلى التيارين الإصلاحي والمحافظ.
وعزا الرئيس الإيراني السابق سبب ترشحه إلى "إصرار شعبي"، متهماً جهات لم يسمّها بالسعي إلى "هندسة الانتخابات"، وقال إن ذلك "يتعارض مع مصالح البلاد والالتزام الثوري. يقررون نيابة عن الشعب ويشرعون. يجب الاعتراف بحق الشعب في الانتخاب بالكامل".
وفيما يتوقع أن يرفض مجلس صيانة الدستور المخوّل دستورياً بالإشراف على الانتخابات والموافقة على الترشيحات، ترشح أحمدي نجاد للانتخابات المقبلة، أكد أنه في حال رفض ترشحه لن يصوت في الانتخابات.
وكان مجلس صيانة الدستور قد رفض أهلية أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2017.
يشار إلى أن أحمدي نجاد، الذي ينحدر من التيار المحافظ، اختلف معهم في دورته الرئاسية الثانية من 2009 إلى 2013، فضلاً عن اختلافه أيضاً مع المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، على الرغم من أنه ما زال عضواً معيناً من قبل المرشد في مجمع تشخيص مصلحة النظام، المخول برسم الخطوط العريضة للسياسات الإيرانية.
وخلال السنوات الأخيرة، يوجه أحمدي نجاد انتقادات حادة لسياسات إيران الداخلية والخارجية، ويتحدث بطريقة مختلفة، ما دفع محافظين إلى اتهامه بأنه بات "بوقا للمعادين للثورة".
وحسب استطلاع هاتفي أجرته شركة "ستاسيس" (Stasis) لتحليل المعلومات ونشرته خلال يناير/كانون الثاني الماضي، تقدم أحمدي نجاد على منافسيه بحصوله على نحو 37 في المائة من أصوات المستطلعة آراؤهم في حال ترشح للانتخابات.
رئيسي سيترشح
في الأثناء، كشف المتحدث باسم "مجلس الوحدة" للتيار المحافظ، منوجهر متكي (وزير الخارجية الأسبق)، عن أن إبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية، سيترشح في الانتخابات.
وثمة توقعات بأن رئيسي في حال ترشحه على الأغلب سيكون الرئيس الإيراني المقبل، لضعف ومشاكل يعاني منها التيار الإصلاحي، منها عدم إمكانية قياداته البارزة للترشح، أمثال الرئيس الأسبق محمد خاتمي، فضلاً عن خلافات داخلية وتراجع موقعهم الشعبي.
ورئيسي مقرب من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، يتحدر من مدينة مشهد شرقي البلاد، وتقلّد مناصب قضائية مختلفة، وبرز اسمه في الإعلام العالمي خلال السنوات الماضية كمرشح محتمل لخلافة خامنئي.
نافس رئيسي، الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني، في انتخابات عام 2017 لكنه حلّ ثانياً في النتائج، واختاره المرشد الإيراني عام 2019 رئيساً للسلطة القضائية وقام بتعديلات في السلطة نالت رضا البعض.
ونشرت صحيفة "كيهان" الأصولية، السبت الماضي، نتائج استطلاع للرأي، وقالت إن وكالة "إرنا" الحكومية الرسمية أجرته هاتفياً في طهران، مشيرة إلى أن إبراهيم رئيسي حصل على العدد الأكبر للأصوات بين 13 مرشحاً محتملاً للانتخابات.
وأضافت أن أحمدي نجاد والقيادي الإصلاحي إسحاق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني نالا رفضاً أكثر من غيرهم.
ظريف يجدد الرفض
من جهته، جدد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، اليوم الأربعاء، رفضه الترشح للانتخابات الرئاسية، مقدماً الشكر للذين دعوه إلى الترشح خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف ظريف في منشور عبر "إنستغرام"، أنه لن يترشح للانتخابات، مخاطباً خصومه من المحافظين، بالقول إنه "بعدما اطمأنوا إلى عدم ترشحي، أطلب منهم أن ينشغلوا بأولويتهم وهي اكتساب السلطة الداخلية، وأن يسمحوا لنا بالتركيز على أولويتنا، وهي حماية المصالح الوطنية وتحرير الشعب من العقوبات الأميركية الظالمة".
وخاطب ظريف الإيرانيين، قائلاً إن "الانتخابات مصيرية، وعدم التصويت هو خيار، لكنه خيار يؤدي فقط وفقط إلى فوز أقلية".
وكانت وكالات الأنباء الإيرانية قد أفادت، أمس الثلاثاء، بأن الرئيس الإيراني الإصلاحي الأسبق، محمد خاتمي، وحفيد مؤسس الثورة الإسلامية، حسن الخميني، أجريا لقاءً مع ظريف، لحثه على الترشح للانتخابات، لكنه رفض.
وبعد إعلان حسن الخميني، عدم ترشحه للانتخابات امتثالاً لنصيحة تلقاها من خامنئي، حسب قوله، ذهبت التوقعات باتجاه وزير الخارجية الإيراني ليكون هو المرشح الرئيسي للإصلاحيين، لكنه منذ ثلاثة أسابيع تقريباً، يواجه تداعيات زلزال "التسجيل المسرب"، لم يتخلص منها بعد، وسط رفضه المستمر لترشيح نفسه، سواء قبل التسريبات أو بعدها.
وتعرّض ظريف لهجمات شرسة من المحافظين واتهامات ثقيلة له بـ"إهانة" قائد "فيلق القدس" السابق، الجنرال قاسم سليماني، في التسجيل، من خلال إطلاق تصريحات عن السياسة الخارجية الإيرانية ودور سليماني فيها.