أعلن الأمين العام لوزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق الفريق جبار الياور، اليوم الإثنين، أن التعاون بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة، أسهم في تأمين 550 كيلومتراً من الفراغات الأمنية في المناطق المتنازع على إدارتها بين حكومتي بغداد وأربيل، في وقت حمّل القنصل الأميركي بإقليم كردستان العراق مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، مسؤولية تردي الأوضاع في سنجار.
ووفق الياور، فإن تأمين الفراغات الأمنية تمّ ضمن أربع محافظات شمالية، هي نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى، واصفاً التنسيق بين الجانبين بأنه على مستوى عالٍ.
وكانت بغداد وأربيل اتفقتا أخيراً على تشكيل 6 مراكز أمنية مشتركة من الجيش والبيشمركة، تعمل على ضبط الفراغات في المناطق المتنازع عليها، وقد باشرت تلك المراكز عملها فعلياً قبل فترة.
وقال الياور في مؤتمر صحافي اليوم، إن "المراكز الأربعة المشتركة تمت إقامتها بأربع محافظات، ولها علاقة بالقوات الموجودة بالمنطقة من قوات الأمن العراقية والبيشمركة"، مبيناً أن "المراكز تعمل على تنسيق خط انتشار يبلغ طوله حوالي 550 كيلومتراً". وأضاف أن "هناك اجتماعات وتبادل معلومات وتنسيقاً لمرور الأرتال العسكرية وعمليات مشتركة بين الأمن العراقي والبيشمركة في تلك المناطق"، مشيراً إلى "وجود اتفاقيات على تشكيل قوات مشتركة وحفظ الأمن في المناطق المتنازع عليها".
وبشأن إمكانية تأثير الانسحاب الأميركي على الملف الأمني، أكد الياور أن "الانسحاب الأميركي ضمن الاتفاقية الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن لن يكون انسحاباً سريعاً من دون أي اتفاق، بل هناك اتفاقية بين البلدين سبقتها أربع جلسات حوار، وأن الاتفاقية الاستراتيجية تؤكد على انسحاب القوات القتالية فقط، أي أن المدربين والمستشارين باقون في البلاد"، مؤكداً أن "هناك "تحالفاً دولياً موجوداً بالعراق، ولديه قوات حسب الاتفاقيات، لدعم الجيش العراقي والبيشمركة في حربهم ضد تنظيم داعش".
ويسعى الجانب الكردي لاستمرار وتوسيع التعاون مع الجيش العراقي، بغية إبعاد فصائل مسلّحة حليفة لطهران عن تلك المناطق المحاذية لأربيل (عاصمة الإقليم) لا سيما أن بعض تلك الفصائل، كان قد تبنى صراحة الهجمات الأخيرة على مطار أربيل، وعبّر بعضها الآخر عن دعمه لتلك الهجمات.
من جهته، قال ضابط في قيادة الجيش العراقي، إن "القوات العراقية والبيشمركة أمّنت حالياً أغلب الفراغات الأمنية في المناطق المتنازع عليها بمحافظات كركوك وصلاح الدين وديالى والموصل، لا سيما في الحدود المشتركة مع إقليم كردستان"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الشهر الأخير شهد إحباط عدد من الهجمات بتلك المناطق، ومحاولات لتسلل عناصر إرهابية إلى عمق مراكز المحافظات، لا سيما في محافظة كركوك".
وأشار إلى أن "استمرار التنسيق أسهم أيضاً في تأمين محافظة أربيل ومنع الهجمات التي كانت تستهدفها"، مؤكداً أن "هناك اجتماعات مشتركة بين الطرفين، وسيتم إعداد تقارير تفصيلية، ترفع إلى رئيس الحكومة لتقييم نتائج المراكز المشتركة".
ولم يستبعد الضابط "إمكانية توسيع عمل تلك المراكز لتشمل مراكز جديدة، في حال أثبتت الحالية نجاحات أمنية".
يشار إلى أن تكرار الهجمات التي يتعرض لها مطار أربيل في إقليم كردستان العراق، والذي يضم مقراً لقوات التحالف الدولي، دفع باتجاه وضع خطط للتعاون بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة.
واشنطن تحمّل "العمال الكردستاني" مسؤولية تردّي أوضاع سنجار
في غضون ذلك، حمّل القنصل الأميركي في إقليم كردستان العراق روبرت بالادينو، اليوم الإثنين، مسلّحي حزب "العمال الكردستاني" ومليشيات أخرى حليفة لها، مسؤولية استمرار تردي الأوضاع في مدينة سنجار شمالي البلاد، مشدداً على أن بلاده لن تنسحب من العراق، في تأكيد جديد على أن الاتفاق يتضمن تغيير مهمة وطبيعة التواجد الأميركي في البلاد من قتالي إلى مهام تتعلق بالتدريب والدعم غير المباشر للقوات العراقية.
ونقلت وسائل إعلام عراقية كردية مقربة من حكومة الإقليم، عن بالادينو، تأكيده خلال مؤتمر صحافي عقده بمدينة أربيل، أهمية تطبيق بنود اتفاقية سنجار الموقعة بين بغداد وأربيل، والمتضمنة إعادة تطبيع الأوضاع في المدينة الواقعة على بعد 110 كيلومترات غربي الموصل، والقريبة من الحدود السورية، ويسكنها خليط سكاني ديني وقومي عراقي.
وقال: "نعتقد أن اتفاقية سنجار من أفضل السبل لحل مشكلة هذه المنطقة. واشنطن تأسف لوجود مليشيات ترفض تنفيذ هذه الاتفاقية ومعالجة المشكلة القائمة هناك، وهذه المليشيات مستمرة في خلق المشاكل للسلطات العراقية"، لافتاً إلى أن "حزب العمال الكردستاني فاقم من سوء الأوضاع في المدينة".
ووفقاً للقنصل الأميركي، فإن "الولايات المتحدة تحث حزب العمال و"الحشد الشعبي" على الانسحاب من سنجار لمعالجة المشكلة وتنفيذ اتفاق سنجار، ونشر القوات الأمنية المحلية، وأن تدار المنطقة من قبل القوات العراقية والبيشمركة، فوجود هذه القوات أمر مهم لتهيئة المناخ المناسب لعودة النازحين إلى سنجار".
ورداً على سؤال عن الدور الأميركي المستقبلي في العراق، قال بالادينو: "لن ننسحب من العراق ومن إقليم كردستان، وهناك اختلاف كبير بين أفغانستان والعراق"، بحسب ما أوردته وسائل الإعلام العراقية عن القنصل الأميركي. وأضاف أن "الرئيس جو بايدن، يدرك أن استقرار الشرق الأوسط لن يتحقق إلا باستقرار العراق، وقد بدأت الحكومة الأميركية ببعض التغييرات في العراق، وحتى نهاية العام الجاري ستنسحب القوات القتالية، وستبقى بعض القوات لتدريب القوات العراقية وقوات البيشمركة".
وتابع: "نحن على يقين أنه إذا لم تستمر الجهود، فإن "داعش" سوف يظهر من جديد، ونعلم جيداً أن "داعش" ما زال يشكل خطراً، ولهذا، التحالف الدولي مستمر في محاربته".
وحول موضوع الانتخابات التشريعية المبكرة المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، قال بالادينو: "لن ندعم أي مرشح أو حزب معين في العراق، ولكن الحكومة الأميركية تدعم الحكومة العراقية في إجراء انتخابات نزيهة".
وتأتي تصريحات القنصل الأميركي في أربيل بعد ساعات من مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والرئيس العراقي برهم صالح، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العراقية (واع). ونقلت الوكالة عن بلينكن، تأكيده التزام بلاده "طويل الأمد بعراقٍ قوي ومستقر ومزدهر"، مشيراً إلى أن "الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد والعميقة ومتعددة الأوجه مع العراق تصبُّ في مصلحة الشعب الأميركي".