تجمّع آلاف المواطنين من أبناء مدينة السويداء جنوبي سورية في ساحة الكرامة اليوم رغم الطقس البارد؛ في الجمعة الـ27 منذ انطلاق الحراك الشعبي المطالب بالتغيير السياسي في سورية، الذي أطلقوا عليه اسم "جمعة شباب سورية الأحرار".
وعاد الناشطون بأعداد كبيرة للحفاظ على الزخم نفسه الذي شهده الأسبوع الماضي، حاملين أرغفة من الخبز كتبت عليها عبارات تحثّ على رفض الاستبداد، مثل "لا كرامة لجائع، طلاع طالب بخبزك، طلاع طالب بكرامتك".
وقال الناشط المدني، أيهم صعب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المطالب الخدمية والمعيشية ليست انتقاصاً من الكرامة وليست تراجعاً عن مطالب الانتفاضة برحيل النظام والتغيير السياسي"، معتبراً أنه "لا يمكن فصل مسألة الجوع عن الذل، ومن يطالب باستعادة رغيفه كمن يطالب باستعادة كرامته".
أما بشأن الأصوات التي تنتقد المطالب المعيشية والخدمية، والتي وصفها صعب بـ"الناشزة"، فقال: "هؤلاء لا يرون أبعد من أنوفهم، وليس لديهم أي نوع من الوعي السياسي".
وتؤيد الناشطة الحقوقية سلام عباس ظهور المطالب الخدمية والمعيشية في الحراك الذي تشهده السويداء بالتزامن مع المطالب السياسية التي وصفتها بـ"المشروعة"، مؤكدة أن "المطالبة برغيف الخبز مطلب سياسي في ظل الأنظمة الدكتاتورية القمعية التي تنتهج سياسة التجويع"، معتبرة أن "توسع مطالب الساحة لتشمل المطالب الخدمية والمعيشية هو محاكاة لضمير الشعب الذي يعاني الاستبداد بكل أساليبه".
كما رفع المحتجون لافتات تطالب بالعدالة الانتقالية، وبتطبيق الدستور والقانون، وإنهاء التغول الأمني والحزبي على المؤسسات العامة والنقابات المهنية، كاستمرار لما قام به التجمع المهني وفعاليات الحراك طوال الأسبوع الفائت من تحركات احتجاجية، والتي تأتي في إطار استعادة النقابات من قبضة حزب "البعث" والأجهزة الأمنية التابعة لنظام بشار الأسد.
سامر أبو شاهين، أحد المحتجين، قال لـ"العربي الجديد" إن "فصل المطالب وفرزها لا تعدو كونها محاولات أمنية للإغراق في التفاصيل، والتي يراهن عليها النظام منذ بدء الاحتجاجات في السويداء لاستعادة الساحة من المنتفضين عليه". وتابع: "كل المطالب هنا متكاملة وتمثل جميع المحتجين وثمانين في المئة من الحاضنة الشعبية، ولا يمكننا الفصل بين حقوقنا المعيشية والخدمية والسياسية".
وأضاف: "هذا النظام المتعنّت يحاول من خلال صمته المصطنع أن يدعي أنه ديمقراطي، بينما يعمل في الخفاء وبشتى طرقه الإرهابية على زعزعة أمن المحافظة من خلال بعض المرتزقة من تجار المخدرات والقتلة والشبيحة بافتعال أحداث جانبية هدفها الأول والأخير إنهاء الحراك وإعادة السيطرة على المحافظة، لكننا نقول له لن تستطيع ذلك، فالحراك متماسك، ومن قتل إخوتنا في المحافظات السورية الأخرى لن يستطيع تلميع صورته بصمته الذي أجبر عليه، إذ لا يستطيع إيجاد أي تهمة جاهزة لنا كما فعل بإخوتنا في المحافظات الأخرى".
وشهد يوم أمس الخميس محاولات حثيثة لإشعال فتنة كبيرة بين مكونات المجتمع المحلي في مدينة السويداء، فقد قامت مجموعات كبيرة بإغلاق الطرق والخطف العشوائي بحجة "التحطيب الجائر"، وأصيب شخصان في اشتباكات داخل حرش الضمنة، وانتهت في ساعة متأخرة نتيجة استيعاب الموقف، إذ جاء يوم الجمعة رداً واضحاً باستمرار الحراك السلمي.