في تصريحاته في المؤتمر الصحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتز، أمس الأربعاء، في القاهرة، اقترح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن يتم "نقل سكان قطاع غزة الفلسطيني، إلى صحراء النقب، حتى تتمكن إسرائيل من تصفية المقاومة في غزة".
وتابع: "قلت هذا الأمر لفخامة المستشار وأقوله في العلن، إذا كانت هناك فكرة للتهجير توجد صحراء النقب. ممكن قوي يتم نقل الفلسطينيين حتى تنتهي إسرائيل من مهمتها المعلنة في تصفية المقاومة أو الجماعات المسلحة في حماس والجهاد الإسلامي وغيره في القطاع، ثم بعد ذلك تبقى ترجعهم إذا شاءت. لكن نقلهم إلى مصر... العملية العسكرية دي ممكن تستمر سنوات وهي عملية فضفاضة... أقول لسه ما خلصناش الإرهاب. لسه ما انتهيناش من المهمة، وتتحمل مصر تبعات هذا الأمر، وتتحول سيناء إلى قاعدة للانطلاق بعمليات إرهابية ضد إسرائيل، وتتحمل مصر تبعات ذلك، ويبقى السلام اللي إحنا عملناه كله يتلاشى بين أيدينا في إطار فكرة لتصفية القضية الفلسطينية".
دولة فلسطينية منزوعة السلاح
وأضاف السيسي: "القطاع تحت سيطرة إسرائيل... عايز أقول إيه اللي خلَّى الموضوع وصل لكده. هل فيه دولة فلسطينية نجحنا إنها تخرج للنور رغم المبادرات، وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ويبقى فيه قوات عربية أو أممية أو من الناتو تضمن الأمن والاستقرار؟ ده ما حصلش، لو جينا واجتزأنا دون معرفة الأسباب، نحن لا نبرر أي عمل يستهدف أي مدني".
أبدى السيسي خشيته من تحوّل سيناء إلى "قاعدة للانطلاق بعمليات إرهابية ضد إسرائيل"
وأكد السيسي "رفض مصر تصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية أو أي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسرياً من أرضهم، أو أن يأتي ذلك على حساب المنطقة"، لافتاً إلى أن مصر "ستظل على موقفها الداعم للحق الفلسطيني المشروع في أرضه ونضال الشعب الفلسطيني".
وأضاف أن "تصفية القضية الفلسطينية في غاية الخطورة، ونرى أن ما يحدث في غزة الآن ليس فقط الحرص على توجيه عمل عسكري ضد حماس، وإنما محاولة لدفع السكان المدنيين إلى اللجوء للهجرة إلى مصر، وهو ما لا تقبله مصر، التي ترفض أي خطط لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء".
واعتبر السيسي في المؤتمر الصحافي أن "الرأي العام المصري والعربي يتأثر بعضهم ببعض، وإذا استدعى الأمر أن أطلب من الشعب المصري الخروج للتعبير عن رفض الفكرة، سترون ملايين من المصريين... باقول الكلام عشان شايفين إن فيه حصار مطبق؛ الهدف في النهاية نقل الفلسطينيين".
وأثارت تصريحات الرئيس المصري جدلاً في الأوساط الشعبية والسياسية العربية. وقال رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، النائب السابق محمد أنور السادات، في حديث لـ"العربي الجديد" إن "المصريين جميعاً يرون أن ما يحدث من مجازر ضد المدنيين في غزة، يجب أن يتوقف ويجب وضع حل عاجل ودائم لهذه القضية، وتنفيذ مبدأ حل الدولتين، وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في 1967، بما فيها القدس الشرقية".
وأضاف السادات أن "الموقف الرسمي المصري عبّر عن ذلك، وقال إن أولويته الآن في عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية والطبية وما إلى ذلك، أما مسألة تهجير أو نقل بعض من إخواننا في غزة إلى سيناء، فهو أمر مرفوض". وأكد "أننا جميعاً كمصريين على المستوى الشعبي والسياسي والبرلماني، داعمون ومؤيدون للرئيس والحكومة المصرية في هذا التوجه".
سيف الدولة: تصريحات السيسي غير مسبوقة من أي رئيس مصري منذ 1979
في السياق قال، مؤسس حركة "مصريون ضد الصهيونية"، المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي، محمد عصمت سيف الدولة، لـ"العربي الجديد": "علمتنا التجارب ألا نصدق ما يدلي به حكامنا من تصريحات نارية في الأزمات والصراعات، وأن ننتظر لنرى الأفعال على أرض الواقع... توقفتُ كثيراً أمام ما هدد به السيسي من إطلاق تظاهرات مليونية، ضد المشروع الإسرائيلي للتهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء. وما لمح به من إنهاء اتفاقية السلام إذ قامت إسرائيل بتنفيذ مخطط التهجير".
تصريحات غير مسبوقة
وأضاف: "هذه تصريحات غير مسبوقة من أي رئيس مصري منذ 1979 وغير مسبوقة منه شخصياً". وتساءل سيف الدولة: "هل كان يعني ما قاله؟ هل بدأ يتشكل داخل السلطة توجه متشدد ضد إسرائيل في حالة شروعها في تنفيذ مخطط التهجير القسري الذي قد يؤدي إلى إسقاط النظام كله؟".
من جهته، رأى الناشط السياسي المصري رامي شعث، في حديث الرئيس المصري "موقفاً متخاذلاً". وقال في حديث لـ"العربي الجديد" إنه يأتي "في سياق كامب ديفيد والاتفاقات الإبراهيمية والتطبيع مع الكيان الصهيوني".
واعتبر أن دعوة الجانب الإسرائيلي بنقل الشعب الفلسطيني في غزة إلى النقب لحين ضرب المقاومة الفلسطينية ينطوي على "القبول بجريمة حرب تاريخية، بدلاً من المواجهة والإصرار على وقف آلة الحرب الإسرائيلية، والتهديد بمواقف مصرية حدية".
واعتبر أن "الحديث عن نقل السكان إلى غزة، قبول وغطاء سياسي لجرائم الحرب والإبادة الجماعية الإسرائيلية، واعتراف للصهاينة بأن المقاومة إرهاب ومن المقبول تصفيتها والتخلص منها. والحقيقة أن المقاومة هي الشعب الفلسطيني، والتخلص منها أو تصفيتها، تصفية للقضية الفلسطينية ذاتها".