انطلاق اجتماع تشاوري في المغرب لإحياء العملية السياسية في ليبيا

18 ديسمبر 2024
العلم الليبي يرفرف في مدينة مصراتة، ديسمبر 2022 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- انطلق اجتماع تشاوري في بوزنيقة المغربية بين أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، بهدف إحياء العملية السياسية بدعم من الأمم المتحدة، مع غياب عقيلة صالح وخالد المشري.
- ركزت المناقشات على توحيد الحكومة والمصالحة ودعم مجلس خالد المشري، وتناولت المناصب السيادية وفق اتفاق الصخيرات 2015، مع دعوة ستيفاني خوري لدفع العملية السياسية.
- تعاني ليبيا من جمود سياسي منذ تعثر انتخابات ديسمبر 2021، وسط خلافات حول أهلية المرشحين، مما يهدد الوحدة الوطنية وسلامة الأراضي الليبية.

انطلق، اليوم الأربعاء، في مدينة بوزنيقة جنوبي العاصمة المغربية الرباط، اجتماع تشاوري بين أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، في تحرك لافت يأتي بعد ساعات من إطلاق مبادرة جديدة للأمم المتحدة لإحياء العملية السياسية في البلاد. وكان لافتاً في افتتاح الاجتماع التشاوري الذي يستمر ليومين، غياب رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وخالد المشري الذي يتنازع رئاسة المجلس الأعلى للدولة مع محمد تكالة، بعد أن تداولت أخبار عن حضورهما، فيما عرف الاجتماع مشاركة 32 عضواً من مجلس النواب و46 عضواً من مجلس الدولة.

إلى ذلك، دعا وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، كلاً من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا إلى تكثيف المزيد من المشاورات، من أجل الوصول إلى حل سياسي ليبي- ليبي. وقال وزير الخارجية المغربي، خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع التشاوري، صباح اليوم، إن ليبيا في حاجة إلى دعم دولي وحكومة وحدة وطنية لمواكبة إرادة الليبيين لإنهاء الانقسام، معتبراً أن لقاء بوزنيقة يهدف الوصول إلى انتخابات لإنهاء ازدواجية المؤسسات الليبية.

واستدرك قائلاً: "يظهر أن هناك حاجة ملحة إلى حكومة وحدة وطنية في ليبيا. الليبيون محتاجون إليها للتجاوب مع تطلعاتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والاستقرار، ومحتاجون إليها لتحضير انتخابات ذات مصداقية، وتمكن من حسم ازدواجية بعض المؤسسات". وتابع: "يقال الكثير عن المجلسين (النواب والأعلى للدولة)، لكن مهما يكن، هما أداتان مهمتان لأي تقدم في مسار الحل الليبي، قد يكون الحل صعباً مع المجلسين، لكنه يبقى مستحيلاً بدونهما، وبالتالي، فإن اجتماع اليوم التشاوري هو مشجع، ونتمنى أن يكون منطلقاً لوضع زخم في الحوار الليبي، وأن يتضمن روحاً إيجابية وروحاً للحوار، كما نتمنى أن يلتحق المشري وعقيلة لأن حل الأزمة الليبية هو بين الليبيين ونحن فقط نواكب ونشجع، ونحن رهن الإشارة في أي شي، أما القرارات والنقاشات فلا يمكن إلا أن تكون ليبية".

من جهة أخرى، قالت مصادر ليبية تحدثت لـ"العربي الجديد"، إن أشغال الجولة الجديدة من الحوار الليبي بمدينة بوزنيقة بين أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة تركز على بحث ملفات بالغة الأهمية، على رأسها توحيد الحكومة، والمصالحة، وكيفية تقوية ودعم مجلس خالد المشري، من أجل المضي قدماً في العملية السياسية.

وأكدت المصادر، التي طلبت عدم ذكر هويتها، أن المشاركين في الاجتماع يسعون إلى تقريب وجهات النظر بخصوص النقاط الخلافية التي ما زالت عالقة إلى حدّ الآن، وإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها منذ أكثر من عقد، ودفع المسار السياسي إلى الأمام. في المقابل، لم يستبعد مصدر متابع لحوار الفرقاء الليبيين في المغرب أن تنصب النقاشات ببوزنيقة على المناصب السيادية المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات عام 2015.

ورجح المصدر ذاته أن يكون الاجتماع مناسبة أيضاً لمناقشة دعوة القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا ستيفاني خوري لدفع العملية السياسية، وإنجاز الاستحقاق الانتخابي، بهدف الوصول إلى حكومة توافقية وفق إحاطتها بمجلس الأمن أول من أمس الاثنين. وقال، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه يُطرح سؤال حول ما إذا كان الاجتماع يرتبط بمبادرة ستيفاني خوري، وما يحدث في المنطقة من تحركات لعزل الروس والتضييق عليهم، من خلال تكوين حكومة جديدة في ليبيا، وتطوير القوانين الانتخابية، وفتحها للتعديلات. كما يثار سؤال آخر حول ما إذا كان الاجتماع يسير في ركاب مبادرة ستيفاني خوري أم أنه طريقة أخرى من طرق الفرقاء الليبيين لعرقلة كل ما يسير نحو الانتخابات، علماً أن حضور المشري الاجتماع التشاوري بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للدولة ينظر إليه باعتباره خللاً في الشرعية.

وتعرف العملية السياسية في ليبيا التي استهدفت إنهاء الانقسام المستمر منذ أكثر من عشر سنوات في البلاد، جموداً منذ تعثر الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر/ كانون الأول 2021، وسط خلافات حول أهلية المرشحين الرئيسيين. وكانت خوري قد قالت، خلال الإحاطة التي قدمتها أمام مجلس الأمن أول من أمس، إنه "مع مرور ثلاث سنوات على تأجيل انتخابات 2021 الوطنية إلى أجل غير مسمّى، ومع استمرار الإشكاليات التي لم يتوصل إلى حل بشأنها في تعطيل العملية السياسية، تظل الوحدة الوطنية لليبيا وسلامة أراضيها في خطر".

وشددت على أن الليبيين يتخوفون مما يضمره المستقبل لبلدهم، وأن الوضع القائم لم يعد قابلاً للاستمرار، وقد طال أمده لفترة طويلة للغاية، معتبرة أن "الإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها النخب السياسية أمعنت في تقويض المؤسسات الليبية، وحوّلتها إلى هياكل موازية تتصارع في ما بينها".

وكان المغرب قد استضاف خمس جولات من الحوار الليبي بين وفدي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في بوزنيقة وطنجة، في نهاية عام 2020. وخلال هذه الفترة، تم التوصل إلى اتفاق ينص على آلية تولي المناصب السيادية السبعة، وفقاً للمادة 15 من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات عام 2015.

في 23 مايو/ أيار 2023، احتضنت مدينة بوزنيقة اجتماع اللجنة المشتركة، المؤلفة من ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (6+6)، حيث كانت المهمة الموكلة إليها إعداد القوانين الانتخابية. وانتهت هذه اللقاءات في السابع من يونيو/ حزيران 2023، وتم الإعلان خلالها عن تحقيق "توافق" حول القوانين التنظيمية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

المساهمون