توجه الناخبوب البرازيليون، صباح الأحد، إلى مراكز الاقتراع، للمشاركة في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية التي تشهد استقطابا واضحا، إذ تعهد الرئيس الحالي بحماية القيم المسيحية المحافظة، فيما وعد الرئيس السابق بإعادة البلاد إلى ماضٍ أكثر ازدهارا.
تطورت جولة الإعادة كمنافسة وثيقة بين الرئيس جايير بولسونارو وخصمه السياسي، الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. وهما شخصيتان سياسيتان مشهورتان ومثيرتان للانقسام تثيران العاطفة بقدر ما تثيران الكراهية.
وسيكشف التصويت ما إذا كانت رابع أكبر ديمقراطية في العالم ستظل على نفس مسار السياسة اليمينية المتطرفة أم ستعيد اليساري إلى الرئاسة، وفي الحالة الأخيرة، ما إذا كان بولسونارو سيقبل بالهزيمة.
وتشير معظم استطلاعات الرأي إلى صدارة دا سيلفا، المعروف عالميا باسم لولا، على الرغم من اتفاق المحللين السياسيين في أن السباق ازداد توترا خلال الأسابيع الأخيرة.
وبدا دا سيلفا أنه في طريقه إلى تحقيق فوز سهل، إذ أشعل الحنين إلى رئاسته (2003-2010)، التي شهد فيها الاقتصاد البرازيلي ازدهارا، وساعدت برامج الرفاهية عشرات الملايين على الانضمام إلى الطبقة الوسطى.
ويدعم العديد من البرازيليين دفاع بولسونارو عن القيم الاجتماعية المحافظة. وكان قام بتعزيز شعبيته من خلال الإنفاق الحكومي الهائل.
وتعهد بولسونارو بتعزيز تحوّل حاد في السياسة البرازيلية في الاتجاه المحافظ، بعد رئاسة شابتها جائحة كورونا. ويعِد لولا بمزيد من المسؤولية الاجتماعية والبيئية، مذكراً بالازدهار المتصاعد خلال رئاسته من 2003 إلى 2010، قبل أن تلطخ فضائح فساد صورة حزب العمال الذي ينتمي إليه.
ومن المتوقع أن يصوت حوالى 120 مليون ناخب من خلال آلات التصويت الإلكتروني التي انتقدها بولسونارو دون دليل على أنها عرضة للتلاعب، ما أثار مخاوف من أنه قد لا يعترف بالهزيمة، على غرار الحليف الأيديولوجي، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ولأن التصويت يجري إلكترونيا، فإن النتيجة النهائية عادة ما ستكون متاحة في غضون ساعات بعد إغلاق مراكز الاقتراع في وقت متأخر من بعد الظهر.
وزاد ذلك من التوتر في الانتخابات البرازيلية الأكثر استقطاباً منذ عودة الديمقراطية إلى البلاد في عام 1985 بعد ديكتاتورية عسكرية عارضها لولا، وهو زعيم نقابي سابق، بينما يتحدث بولسونارو، وهو قائد سابق للجيش، عنها بحنين إلى الماضي.
وأظهرت عدة استطلاعات للرأي أن السباق بينهما قد اشتد في الأسبوع الأخير، مع تقليص بولسونارو تقدم لولا الطفيف. ويظهر البعض الآخر تفوقاً ضئيلاً، ولكن ثابتاً للولا.
حل دا سيلفا في الجولة الأولى التي أجريت في 2 أكتوبر/تشرين الأول، في المركز الأول بين 11 مرشحا بنسبة 48 بالمائة من الأصوات، بينما احتل بولسونارو المركز الثاني بنسبة 43 بالمائة، ما أظهر أن استطلاعات الرأي حدّت بشكل كبير من شعبية الرئيس.
ينتقل المرشحون في البرازيل الذين يتصدرون الجولة الأولى من الانتخابات إلى جولة الإعادة. لكن عالم السياسة رودريغو براندو قال، إن هذه الحملة غير نمطية لدرجة أنه لا يمكن استبعاد فوز بولسونارو. وقد حصل الرئيس على دعم حكام الولايات الثلاث الأكثر اكتظاظا بالسكان، وحقق السياسيون الموالون له انتصارات كبيرة في سباقات الكونغرس.
وسيكون فوز لولا عودة مذهلة للزعيم اليساري، الذي سُجن في 2018 لمدة 19 شهراً بتهم بالرشوة ألغتها المحكمة العليا العام الماضي، ما مهد الطريق أمامه للسعي لولاية رئاسية ثالثة.
وتعهد لولا بالعودة إلى النمو الاقتصادي الذي تقوده الدولة والسياسات الاجتماعية التي ساعدت على انتشال الملايين من براثن الفقر خلال طفرة أسعار السلع الأولية، عندما حكم البرازيل لأول مرة.
ومن شأن فوز بولسونارو بولاية ثانية أن يبقي البرازيل على طريق إصلاحات السوق الحرة وتدابير أقل صرامة في ما يتعلق بحماية البيئة، مع تعزيز تحالف بين الأحزاب اليمينية وجماعات المصالح الزراعية القوية، التي مولت حملته.
وتستعد السلطات الانتخابية لنتيجة متقاربة، قد يطعن فيها بولسونارو إذا خسر.
ويشكك الرئيس منذ أكثر من عام في مصداقية نظام التصويت الإلكتروني في البرازيل. وعلى الرغم من عدم وجود دليل على حدوث تزوير منذ تطبيقه في عام 1996، يشكك العديد من أنصار بولسونارو الآن في مصداقية انتخابات البلاد.
وأدت موجة متزايدة من العنف السياسي هذا العام، تخللتها في الأسابيع الأخيرة مواجهات مسلحة شارك فيها حلفاء بارزون لبولسونارو، إلى تصاعد المخاوف من أن يؤدي التنازع على نتيجة الانتخابات إلى اضطرابات.
ووضعت المحكمة الانتخابية العليا، التي يقودها قضاة من المحكمة العليا، خطة أمنية لحماية موظفيها ومبانيها في حالة حدوث مظاهرات مثل هجوم يناير/كانون الثاني 2021 على مبنى الكونغرس الأميركي.
(رويترز، أسوشييتد برس)