انطلقت، ليل الجمعة، الجولة الثانية من الحوار الليبي بمدينة بوزنيقة المغربية (جنوب الرباط)، بين وفدي برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة الليبي، وذلك بعد أن أجلت ثلاث مرات لأسباب وصفت باللوجستية.
وستنصبّ الجولة الجديدة من جلسات الحوار الليبي على مناقشة المادة 15 من الاتفاق السياسي الموقّع عليه في مدينة الصخيرات المغربية في عام 2015، والاتفاق بشأن معايير تولي المناصب السيادية المنصوص عليها في هذه المادة، وذلك من أجل التوصل إلى مخرجات ستُشكّل نواة لما سيتمّ الاتفاق عليه برعاية أممية، ولا سيما لناحية توزيع المناصب السيادية.
وتنص المادة 15 في فقرتها الأولى على أن يقوم مجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة... للوصول إلى توافق حول شاغلي المناصب القيادية للوظائف السيادية التالية: محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس جهاز مكافحة الفساد، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات وأعضاؤها، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام. فيما تؤكد الفقرة الثانية من المادة 15 من اتفاق الصخيرات على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب لتعيين المعينين في المناصب القيادية للوظائف السيادية أو إعفائهم.
وكانت نقاشات الجولة الأولى من جلسات الحوار الليبي قد خلصت إلى الاتفاق حول معايير تعيين المسؤولين في المناصب العليا في البلاد، وهي تخصّ تحديداً المؤسسات المالية والإدارية المهمّة، وإعادة توزيع مقارّ عملها في شرقي ليبيا وجنوبها وغربها.
وتمّ الاتفاق خلال جلسات الحوار التي استمرت من 6 إلى 10 سبتمبر/أيلول الماضي، على أن يكون مقرّ ديوان المحاسبة في العاصمة طرابلس، وهيئة مكافحة الفساد في سبها، فيما اختيرت بنغازي مقرّاً لهيئة الرقابة الإدارية.
وسادت أجواء من الغموض، خلال الأيام الماضية، بخصوص مآل الجولة الثانية من الحوار الليبي في صفوف أعضاء وفدي برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة الليبي، الذين كانوا قد وصلوا إلى المغرب ابتداء من الثلاثاء المنصرم، بعد أن تم إرجاء انطلاق الجولة لثلاث مرات.
وبحسب مصادر معنية بالحوار الليبي في المغرب، فإنّ التأجيل لأكثر من مرة للجلسات لم يلقِ بظلاله على المفاوضات الجانبية التي استمرت، طيلة الأيام الثلاثة الماضية، بين الوفدين في مقر إقامتهما بمدينة بوزنيقة، من أجل التوصل إلى تفاهمات تمكن من استئناف جلسات الحوار بشكل رسمي.
وأوضحت المصادر عينها، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ الفرقاء تمكنوا من تجاوز ما عرفه التحضير للجولة الثانية من الحوار في المغرب من إرباك جراء رفض وفد طبرق ما قام به وفد المجلس الأعلى للدولة الليبي من إضافة 14 عضواً لممثليهم، وغياب أعضاء كانوا قد شاركوا في الجولة الأولى.
ستنصب الجولة الجديدة من جلسات الحوار على مناقشة المادة 15 من الاتفاق الموقّع عليه في مدينة الصخيرات عام 2015
وكان ينتظر أن تشهد الجولة الثانية من جلسات الحوار الليبي بمدينة بوزنيقة مشاركة كلٍّ من رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، من أجل التوقيع على محضر الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ختام الجولة الأولى من الحوار الليبي ببوزنيقة في 10 سبتمبر/أيلول الماضي، وذلك في سياق استكمال مسار المناصب السيادية بالتوقيع على محضر الاتفاق.
وتراهن الرباط، منذ يوليو/تموز الماضي، على جمع صالح والمشري. وهو ما من شأنه، إذا تمّ، أن يقرّب الطرفين من بدء مسار سياسي يتضمّن كتابة الدستور وتوزيع المناصب وتشكيل الحكومة التي ستدير العمليّة الانتقاليّة. وفي ظل ما عرفه التحضير للجولة الثانية من الحوار الليبي بالمغرب من إرباك وتأجيل بسبب الخلافات التي طفت على السطح خلال الأيام المنصرمة، يبقى عقد لقاء بين الرجلين مؤجلاً إلى حين.
وفي 10 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن وفدا برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة الليبي، في ختام جلسات الحوار التي جمعتهما بمدينة بوزنيقة المغربية، عن التوصل إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية.
وكشف الفرقاء الليبيون، في نهاية الجولة الأولى من الحوار الليبي التي استمرت من السادس إلى 10 سبتمبر/أيلول الماضي، عن الاتفاق على استئناف الحوار مجدداً في المغرب في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، لاستكمال تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه بمدينة بوزنيقة المغربية.
ودعا الفرقاء الليبيون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى دعم جهود المغرب للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة في ليبيا، مشيرين في البيان الختامي، إلى أن الاتفاق يأتي "إدراكاً لما وصلت إليه الأوضاع في البلاد من حالة تهدد سلامة التراب الليبي ووحدته جراء التدخلات الخارجية المشجعة على الاصطفاف المناطقي والإيديولوجي، واستشعاراً منا لخطورة الانقسام السياسي وفقدان ثقة المواطن الليبي في مؤسساته".
وكانت جلسات الحوار الليبي في مدينة بوزنيقة، التي رعاها المغرب بتنسيق مع الأمم المتحدة، ومن دون التدخل في مجرياته، قد لقيت تجاوباً دولياً واسعاً، وإشادة أممية.
رفع العقوبات الأوروبية عن عقيلة صالح
من جهة أخرى، رفع مجلس الاتحاد الأوروبي، اسمي رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، والرئيس السابق للمؤتمر الوطني العام، نوري أبو سهمين، من قائمة العقوبات الخاصة بشخصيات وهيئات على صلة بالصراع الليبي.
وذكر المجلس، في بيان نشره الجمعة على موقعه الإلكتروني، أنه "تم الاتفاق على شطب عقيلة (صالح) في ضوء مشاركته البناءة الأخيرة في دعم حل سياسي تفاوضي للأزمة الليبية". وأضاف البيان، وفق ما أوردته "الأناضول"، أنه سيتابع عقيلة صالح عن كثب، ومواقفه فيما يتعلق بدعم عملية برلين وجهود بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
كما أوضح المجلس أنّ "شطب أبو سهمين جاء على أساس الغياب العام لأي دور له في العملية السياسية الليبية".
وكان الاثنان يخضعان إلى التدابير التقييدية للاتحاد الأوروبي، وهي حظر السفر وتجميد الأصول، منذ عام 2016.
وأشار البيان إلى أن الاتحاد الأوروبي رحب بالإعلانين الصادرين من عقيلة صالح، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق" فائز السراج، في 21 أغسطس/آب الماضي، بخصوص وقف إطلاق النار في ليبيا.