انطلقت في تونس صباح اليوم الأحد جولة الإعادة لاستكمال انتخاب المجالس المحلية، التي تمثل قاعدة المجلس الوطني للجهات والأقاليم، الغرفة الثانية بالبرلمان وفق الدستور الجديد الذي مرره الرئيس التونسي قيس سعيّد، وسط مراهنة على رفع نسب المشاركة مقارنة بالدور الأول، التي وصفت بالهزيلة.
ويتنافس اليوم 1558 مترشحاً للانتخابات في 779 دائرة انتخابية معنية بالدور الثاني من انتخابات المجالس المحلية، حيث دُعي نحو 4 ملايين و181 ألفاً و871 ناخباً فقط خلال هذه المحطة من مجموع عدد الناخبين المسجّلين، وهو 9 ملايين و79 ألفاً و271 ناخباً.
وتأتي هذه الجولة استكمالاً لانتخابات الدور الأول التي ستُفضي إلى انتخاب 279 مجلساً محلياً تضمّ 2434 عضواً، وهي مرحلة تسبق تشكيل المجالس الجهوية في تونس في مرحلة موالية، ومجالس الأقاليم والمجلس الوطني للجهات والأقاليم في مرحلة نهائية، وبذلك تُستكمَل الوظيفة التشريعية بغرفتيها مع مجلس نواب الشعب كما نص عليها دستور 2022.
ولم تتجاوز نسبة المشاركة النهائية في الدور الأول لانتخابات المجالس المحلية، التي جرت في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي 11.84%، حيث اعتبر خبراء الشأن الانتخابي أن حوالى 90% من الناخبين قد عزفوا عن المشاركة، واصفين نسب الإقبال بالهزيلة، واعتبروها الأضعف منذ ثورة 2011 ومؤشراً سلبياً لمشروع الرئيس قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في تونس منذ 2021.
وكانت هيئة الانتخابات قد أعلنت في 20 يناير/كانون الثاني الماضي أن 1348 دائرة انتخابية قد حسمت مرشحيها في انتخابات أعضاء المجالس المحلية منذ الدور الأول الذي شارك فيه 7205 مترشحين، من بينهم 1028 مترشحاً للقرعة من ذوي الإعاقة.
وخصصت الهيئة لاستكمال المرحلة الانتخابية الثانية نحو 2034 مركز اقتراع و3675 مكتب اقتراع، يسهر على تسييرها أكثر من 15 ألف عون.
ويعتبر سعيّد أن "الانتخابات المحلية ستمكن المهمشين والذين لا صوت لهم من أن يكونوا فاعلين وأن يساهموا في اتخاذ القرارات"، وفق ما صرّح به خلال تصويته في الدور الأول للانتخابات المحلية.
وأكد رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "هناك تحدٍّ ورهان لرفع نسب المشاركة خلال الدور الثاني من الانتخابات المحلية"، مرجحاً ألّا تبتعد نسب الإقبال في أفضل الظروف عن نسب الجولة الأولى إن لم تكن أضعف منها.
وتابع معطر: "نظرياً وفي التجارب المقارنة تكون نسب الإقبال والمشاركة في جولة الإعادة أعلى من الجولة الأولى لعدة اعتبارات تقنية وانتخابية، منها اتضاح الصورة وانحسار الاختيار بين المرشحين الأولين، غير أن السياق التونسي مختلف، والواقع يؤشر على ضعف إقبال وتراجع نسب المشاركة".
وبيّن معطر أن "الحملة الانتخابية للجولة الثانية كانت حملة باهتة حيث كانت حملة تقليدية بين المترشحين في غياب تظاهرات انتخابية ولقاءات واجتماعات عامة"، مفسراً ذلك بـ"تفادي المترشحين لتظاهرات مماثلة خشية من الوصم بالمال للانتخابي الفاسد من جهة، ومن جهة أخرى لافتقار كثير من المترشحين إلى التجربة والخبرة، وكذلك لغياب التمويل العمومي للحملة".
وأفاد بأن "هناك مرشحين أعادوا استغلال معلقات الدور الانتخابي الأول التي تحمل تواريخ الجولة الأولى"، مبيناً أن ضعف الحملة انعكس كذلك في مواقع التواصل الاجتماعي.
واعتبر المدير التنفيذي لمرصد "شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية"، ناصر الهرابي، في تصريح، لـ"العربي الجديد" أن "نسب المشاركة في الدور الثاني لن تختلف كثيراً عن الدور الأول، فنفس الأسباب والعوامل تقود إلى نفس النتائج عادة".
وأضاف أنه "رغم ما بذلته هيئة الانتخابات لرفع نسب الإقبال والحث على المشاركة عبر الومضات التحسيسية والإشهارية، والدعاية في وسائل الإعلام، إلا أن الواقع الانتخابي يؤشر على ضعف المشاركة لعدة اعتبارات، من بينها غياب التمويل العمومي ونظام الاقتراع على الأفراد بدل تشريك الأحزاب التي لديها تجربة وخبرة وتقاليد انتخابية، ما أثر في التنافسية والحركية خلال الحملة الانتخابية".
وربط الهرابي ذلك "بعزوف عن المشاركة في الشأن العام لعدة عوامل، منها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتواصلة ومقاطعة غالبية الأحزاب السياسية وكذلك حداثة هذه المجالس المحلية وغياب قانون أساسي يضبط أحكامها واختصاصاتها".