يعيش اليسار الفرنسي حالة من الانقسام زاد من حدته إعلان وزيرة العدل السابقة في عهد الرئيس فرانسوا هولاند، كريستيان توبيرا، ترشحها للانتخابات الرئاسية، أمس السبت، على الرغم من تنبيهات صفوف اليسار بأن ترشحها قد يعمق الانقسام أكثر بين قوى اليسار.
إعلان توبيرا لم يكن مفاجئاً، بل كان متوقعاً إلى حد كبير، إذ كانت قد حددت تاريخ الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني موعداً لإعلان قرارها النهائي بشأن مسألة ترشحها للانتخابات التي ستقام الجولة الأولى منها في إبريل/ نيسان المقبل.
وبينما أكدت توبيرا خلال إعلان ترشحها من مدينة ليون وسط فرنسا أنها لن تكون مجرد اسم يضاف إلى قائمة مرشحي اليسار، وأنها سوف تعمل كل ما في وسعها "من أجل الفرص الأخيرة المتبقية من أجل الاتحاد"، ترى أوساط اليسار أنها ستعقد المهمة أكثر أمام تحالف لتقديم مرشح يساري واحد.
وجهة النظر هذه تحولت إلى هجوم على توبيرا، أطلقته عمدة مدينة باريس، المرشحة عن الحزب الاشتراكي آن هيدالغو، إذ قالت في مقابلة مع صحيفة "جورنال دو ديمانش" اليوم الأحد، إنها لا توافق على ترشيح كريستيان توبيرا "فهذا ليس هدف اللعبة ولا حاجة لليسار" إلى مرشح إضافي.
واعتبرت هيدالغو أن " ترشيح كريستيان توبيرا سيؤدي إلى مزيد من الانقسام وإحداث الارتباك". وأضافت "لدي الكثير من الاحترام لكريستيان توبيرا"، قبل أن تتساءل: "لكن لماذا رشحت نفسها؟ هي التي قالت في ديسمبر/ كانون الأول إنها لا تريد أن تكون مرشحة إضافية".
وترى شريحة كبيرة من ناخبي اليسار أن توبيرا قد تكون المنقذ لحالة الانقسام وضعف المرشحين الذين أعلنوا نيتهم خوض هذه الانتخابات ولم يتجاوز أي منهم نسبة 10 بالمائة من توقعات التصويت في استطلاعات الرأي. وفي هذا الشأن، قالت هيدالغو إنها لا تؤمن بـ"رجال ونساء العناية الإلهية (..) إلا في ظروف استثنائية، مثل ديغول في 17 يونيو/حزيران 1940، ولكن في عالم اليوم لا يوجد هذا الأمر".
ومع ترشح توبيرا، سيخوض معسكر اليسار الانتخابات الرئاسية بستة مرشحين. مرشحو اليسار بالإضافة إلى توبيرا، وهم آن هيدالغو عن الحزب الاشتراكي، ويانيك جادو عن أحزاب البيئة، وجان لوك ميلانشون زعيم حزب "فرنسا غير الخاضعة"، وفابيان رسل عن الحزب الشيوعي، إضافة إلى الوزير السابق ارنو مونتبورغ، الذي تشير التوقعات إلى أنه سوف يسحب ترشيحه قريباً بسبب الأرقام المتدنية التي ينالها في استطلاعات الرأي. وتعكس هذه الحالة انقساماً كبيراً وعدم توافق مقابل معسكر اليمين، على سبيل المثال، الذي نجح في التوافق على ترشيح رئيسة منطقة "ايل دوفرانس" فاليري بيكريس.
لكن ما قد يشكل نقطة متمايزة في ترشيح توبيرا عن المرشحين الخمسة الآخرين من اليسار هي أنها تعتمد على مبادرة "الانتخابات الشعبية"، وهي مبادرة شعبية تدعو قوى اليسار إلى خوض انتخابات شعبية والفائز بها يصبح مرشحاً وحيداً باسم اليسار.
ومع ذلك، حتى هذه المبادرة تبدو مهمة شبه مستحيلة مع رفض ميلانشون وجادو المشاركة فيها؛ فبالنسبة إلى ميلانشون اختار أن يرشح نفسه مبكراً إلى هذه الانتخابات من دون التشاور مع باقي القوى، في حين أن جادو خاض انتخابات تمهيدية داخل حزبه "الخضر" الممثل لأحزاب البيئة.
وكان جادو قد أكد مراراً أنه لن يكرر خطأ عام 2017 عندما انسحب لصالح المرشح الاشتراكي بنوا هامون، الذي لم ينجح بدوره في الوصول إلى الجولة الثانية من انتخابات انتهت بمنافسة بين الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان.