استمع إلى الملخص
- يعاني التيار الوطني الحر من انقسامات داخلية واستقالات بسبب سياسات باسيل، الذي انتقد سياسة حزب الله في وحدة الساحات، داعياً إلى الدفاع عن السيادة اللبنانية.
- دعا باسيل إلى تعزيز التفاهم بين إيران والسعودية، وأكد على أهمية تسليح الجيش اللبناني، مشيراً إلى تفاقم الخلافات مع حزب الله بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.
أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل عدم استمرار التحالف مع حزب الله، محمّلاً إياه خطأ استراتيجياً باتباع سياسة وحدة الساحات عند فتحه جبهة الإسناد اللبنانية دفاعاً عن غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبدأت ملامح الخلاف منذ نحو السنتين بين التيار الوطني الحر، وحزب الله، على ملفاتٍ عدة داخلية وخارجية، وذلك بعد تحالف سياسي كُرّس في فبراير/شباط 2006، بـ"تحالف مار مخايل" (وقع الرئيس السابق ميشال عون الذي كان وقتها رئيساً للتيار، والأمين العام للحزب حسن نصر الله مذكرة تفاهم في كنيسة مار مخايل في بيروت)، وتجسّد أكثر في تحالفات الانتخابات النيابية، والتشكيلات الحكومية، والمواقع الأساسية في البلاد، وخلال ترشيح حزب الله عون للرئاسة والتمسّك بدعمه، حتى إيصاله إلى السدّة الرئاسية، بعد شغور منصب الرئاسة لما يزيد عن سنتين ونصف السنة.
وكان الأساس من التفاهم، حصول التيار الوطني الحر على دعمٍ كبيرٍ وقويٍّ من جانب حزب الله وتالياً من الطائفة الشيعية، ليحوز في المقابل حزب الله دعماً من التيار الذي كان يشكل التكتل البرلماني الأكبر مسيحياً، ما يضفي وطنية على مشروعه، خصوصاً بعد تعرّضه لمعارضة شديدة في الداخل اللبناني رفضاً لسياسته وكذلك لقتاله في الحرب السورية إلى جانب النظام السوري. ويقول باسيل إن عقوبات أميركية فرضت عليه بسبب خطة عزل حزب الله والطائفة الشيعية وهي القائمة اليوم بضرب الشيعة ومحاولة فصلهم عن جميع اللبنانيين، مشدداً على أن "أي افتراء عليه أو إغراء برفع العقوبات لا يقبل به لأن هذا إجراء ظالم ولا يقبل بنزعه بطلب مقابل".
ويعاني التيار الوطني الحر في الفترة الأخيرة انقسامات ليس فقط على مستوى التحالفات، بل أيضاً داخلياً بعد تقديم أكثر من نائب في تكتله البرلماني استقالتهم رفضاً لسياسات باسيل وتعنّته بمواقفه، علماً أنّهم كانوا من ضمن القياديين المناضلين في صفوف "الفريق العوني". وقال باسيل في مقابلة مساء اليوم الثلاثاء مع "العربية"، إن "التحالف لم يعد مستمراً مع حزب الله، إذ إنّه يحصل عندما نكون على موقفٍ واحدٍ من المواضيع، لكننا اختلفنا أولاً بموضوع بناء الدولة وثانياً بالشراكة في الوطن بالرئاسة والحكومة وثالثاً بحرب إسناد غزة ودخول لبنان في حرب لا قضية وهدف لبناني فيها إنما فقط تحت عنوان وحدة الساحات". وأشار باسيل إلى أنّ "المرتكزات الأساسية للتفاهم مع حزب الله لم تستمر ووقع خلاف كبير منذ عام 2022 وبقي موضوع إسرائيل والدفاع عن لبنان، لكن الحرب القائمة بدأت بهجوم من حزب الله لإسناد غزة وحصل خلاف حول هذا الموضوع أيضاً".
ورداً على سؤال عن تحميل حزب الله مسؤولية الحرب، قال باسيل "أحمّل إسرائيل مسؤولية العدوان على لبنان، وأحمّل حزب الله خطأ استراتيجياً باتباع سياسة وحدة الساحات حيث ظهر ما كنا نقوله بأن لا مصلحة لبنانية بذلك، ربما هناك مصلحة لدول ثانية في المحور ولكن ليس لبنان"، مشيراً إلى أن "العراق وسورية لم يشاركا في الحرب ولم يبق إلا إيران من المحور التي تحارب اليوم بحزب الله وباللبنانيين وعلى إيران أن تحارب إسرائيل مباشرة وليس بواسطة اللبنانيين".
وأشار باسيل إلى أنه "عندما اتبع حزب الله وحدة الساحات صارت هناك مصلحة غير لبنانية وأجندات غير لبنانية ولهذا كنا ضدها، كما أن دخول حزب الله الحرب أضرّ بلبنان، ونحن نبهنا الحزب بأن لا يراهن عليها فالحرب ستكون طويلة، ولن تكون نزهة وليست كحرب تموز 2006 ولا شيء سيوقفها إلا للأسف معادلة قوة على الأرض وهي مفقودة في لبنان ومحفوظة جزئياً على الأرض". لكنه لفت في المقابل إلى أن "اليوم ليس وقت اصطفافات داخلية فهناك حرب ومحاولة احتلال ونحن ملزمون بالدفاع عن أرضنا والحفاظ على السيادة والاستقلال وبعدها نختلف بالداخل، كما أن نزع السلاح لا يحصل بقلب المعركة".
ودعا باسيل إلى "تعميم التفاهم بين إيران والمملكة العربية السعودية، فالتفاهم الإيراني السعودي هو المنطق"، مشدداً على أن "إيران أولويتها أمنها القومي ومصالحها وعلى اللبنانيين الاتعاظ من هذا الشيء ومعرفة أنه يجب ألّا تتدخل إيران بشؤوننا"، مضيفاً "لا نوافق على ما قاله وزير الخارجية الإيراني وليتكلم باسم بلاده وليس باسم لبنان". ولفت باسيل إلى أن "إسرائيل ليست بحاجة إلى ذريعة لشن عدوان على لبنان، وهي دائماً ما تعتدي على لبنان منذ ما قبل وجود حزب الله، لكن لبنان أسقط حجة الدفاع عن نفسه"، مشدداً على أن "المجتمع الدولي يجب أن يسمح بتسليح الجيش اللبناني وتعزيز دوره حتى يقوم بواجبه كاملاً"، لافتاً إلى أن القرار 1701 لم ينفذ من الجهتين، "وهو يتحدث عن ترتيبات أمنية في جنوب الليطاني، وفي المقابل يشير إلى التزامات على إسرائيل بوقف اعتداءاتها على لبنان وصولاً إلى تنفيذ القرارات الدولية وحتى مزارع شبعا، والتطبيق يفترض من الجانبين".
ووقع أكثر من خلاف بين حزب الله والتيار الوطني الحر، لكنه ظهر إلى العلن أكثر بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية (السابق) ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022. وظهر خلاف بين الطرفين حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها نجيب ميقاتي في ظلّ الشغور الرئاسي، فكان الاعتراض على حضور وزراء حزب الله الجلسات الوزارية والتي قاطعها وزراء التيار ولا يزالون إلا بحالات استثنائية.
وتوالت الخلافات لتظهر أكثر على مستوى ملفات نيابية، وجلسات البرلمان التشريعية، لإقرار مشاريع قوانين اعتبرها التيار تعدياً على صلاحيات رئيس الجمهورية والموقع المسيحي في ظل الشغور الرئاسي. كما ظهر خلاف حول التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون الذي يرفضه باسيل، ويرفض أيضاً دعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية، إلى أن تجسد الخلاف أكثر حول ملف رئاسة الجمهورية بعد إعلان حزب الله وحركة أمل (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) دعم ترشيح "منافس" باسيل، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وصولاً إلى اعتراض التيار اليوم على فتح حزب الله جبهة الإسناد اللبنانية.