قال وزير الخارجية الباكستاني، بيلاوال بوتو زرداري، لـ"العربي الجديد"، إن بلاده كانت من بين أكثر عشر دول تأثرت سلباً بتبعات التغيير المناخي على هذا الكوكب، وإن 33 مليون باكستاني يدفعون الثمن سواء بحياتهم أو طريقة معيشتهم (بفعل الفيضانات) نتيجة التطور الصناعي في البلدان الكبرى.
وأضاف: "لم تسبب باكستان أو الشعب الباكستاني الأزمة المناخية التي وقعنا ضحايا لها. ناتجنا الكروبوني العالمي 0.8%. ما نسعى إليه ليس صدقة، ولا سلاحاً، ولا مساعدات، بل العدالة. العدالة لشعبنا، والعدالة كذلك للبلدان الأخرى المتضررة من تغييرات المناخ".
وشدد زرداري على ضرورة اتخاذ إجراءات عالمية لحل أزمة انبعاث الكربون من طريق العمل والتنسيق العالمي، فيما أعرب عن ترحيبه بجهود الأمين العام للأمم المتحدة لخلق إجماع دولي حول مسألة الخسائر والأضرار الناجمة عن التغيير المناخي.
وبحسب زرداري، فإن باكستان "دعت كرئيسة لمجموعة الـ77+ الصين، إلى إدراج مسألة الخسائر والأضرار على جدول أعمال "كاب 27"، وهو ما دعت إليه الصين كذلك. ونشعر بتفاؤل، أننا سنجري مناقشات صحية للقضايا المتعلقة بالخسائر والأضرار في المستقبل".
وقال الوزير الباكستاني خلال مؤتمر صحافي عقده على هامش اجتماعات الجمعية العامة رفيعة المستوى في نيويورك، إن بلاده "ما زالت تدرس حجم الدمار الذي خلفته الفيضانات الأخيرة، وخاصة أن جزءاً كبيراً من المناطق ما زال تحت المياه".
وأضاف: "سيستغرق الكثير من الوقت كي تتمكن تلك المناطق من التعافي". وشدد على أن الدمار الذي تشهده باكستان نتيجة الفيضانات يمكن أن يشكل فرصة لإعادة البناء والإعمار لتلك المناطق بطريقة أفضل و"خضراء" وتأخذ بالاعتبار مقاومة المناخ.
وحول ما إذا كان يريد أن تدفع الدول الصناعية والمسببة للأزمة المناخية تعويضات للدول النامية والمتضررة من التغيير المناخي قال: "أعتقد أن الدعوة لتعويضات مناخية، تطلق في الغالب من قبل النشطاء ليس فقط في باكستان، بل كذلك في جنوب آسيا وفي جميع أنحاء العالم. ولكن في ما يتعلق بالأمر دبلوماسياً أو سياسياً أو كممثل للحكومة، نحن لا نسعى بشكل فعال لتعويضات مناخية، لكننا نريد إجراء حوار حول العدالة المناخية وكيف يمكننا العمل معاً لمعالجة هذه المشكلات".
وتابع: "في ما يتعلق بالتعويضات، أعتقد أنه لم ينجح أحد حتى الآن بالحصول على تعويضات، في مختلف مجالات الحياة، لذلك أعتقد أن هذا عبء علينا، وقد يحتاج إلى الكثير من العمل. ولكن على المستوى الواقعي، محادثاتنا في الموضوع تتعلق بالعدالة المناخية، وقد يمكننا تحقيقها من طريق مقايضة الديون".
وتطرق وزير الخارجية الباكستاني إلى اجتماع مجموعة الـ77+ الصين وحضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، للاجتماع وملاحظاته على النظام المالي الدولي، قائلاً: "لقد أعاد (غوتيريس) تأكيد ضرورة إعادة تقييم كيفية عمل الأطر المالية الدولية ومؤسساتها وجعلها أكثر عدالة مستقبلاً، وتحدث عن إفلاس النظام المالي أخلاقياً، وأشار إلى حقيقة أن العديد من الدول الأفريقية مثلاً لم تكن جزءاً من تشكيل هذه المؤسسات الدولية المالية".
وفي هذا السياق، وحول الوضع الإنساني والاقتصادي المتأزم في باكستان، وفي الكثير من الدول النامية، وما إذا كان يريد أن يتمّ إلغاء للديون الخارجية أو جزء منها، قال: "عندما تبدأ الحديث عن إلغاء الديون، يبدأ الناس بالقلق بشأن التخلف عن سدادها، وهنا تجدر الإشارة إلى أن باكستان ليست قريبة من سيناريو من هذا النوع. لا نسعى بالضرورة لإلغاء الديون، ولكن في ظل الظرف الذي نمرّ به حالياً، أي الكارثة (الفيضانات) قد نسعى لنوع من الوقف الاختياري مع شركائنا الثنائيين".
وأضاف: "في ما يخص السياق الأوسع، للخسارة والأضرار، تحدث الأمين العام للأمم المتحدة عن فكرة مقايضة الديون، بمعنى أن نقوم، نحن في الدول النامية، مثل باكستان، بدلاً من سداد تلك الديون للبلد المستحق، باستخدامها للإنفاق على أهداف التنمية المستدامة، أو لمقاومة التغيير المناخي وبناء البنية التحتية".
وحول علاقة بلاده مع "طالبان" قال: "أعتقد أنه من أجل تحقيق هدف الاعتراف بالحكومة في أفغانستان، على (طالبان) أن تفي بالتزاماتها تجاه الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي والمنطقة، ومن بينها تلك المتعلقة بحقوق المرأة، كالتعليم، وعدم السماح للإرهابيين باستخدام أراضيها لأنشطتهم أو عبور الحدود".
وأكد أن حكومة بلاده ستستمر بالتعاون مع "طالبان" على أمل تحقيق تقدم في تلك المجالات "لأن ذلك في مصلحة الجميع"، مشيراً إلى تأزم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في أفغانستان.
وقال: "نخشى انهياراً اقتصادياً، وإذا لم يتحرك المجتمع الدولي ويفي بالتزاماته تجاه الاقتصاد، سنرى انهياراً كاملاً لاقتصادهم، فعندئذٍ قد نرى كما يحدث في الأنظمة الأوتوقراطية، استمراراً لتراجع حقوق المواطنين. ولذلك فإن باكستان، ودولاً أخرى، تواصل الدعوة للتعامل مع (طالبان)، بل كذلك لجهد دولي مشترك لضمان مصالح الشعب الأفغاني في الوقت الذي نتعامل فيه مع الوضع الاقتصادي الهش".