- اللقاء شهد مناقشات حول قانون الأحزاب الجديد، التحديات السياسية، وتعديلات القانون الانتخابي، في جو من الجدية دون تغطية صحفية، بحضور رئيس الحكومة.
- يعكس اللقاء سياسة الانفتاح والحوار لتبون رغم الانتقادات حول الإقصائية السياسية، مما يشير إلى تأثير محتمل على مواقف الأحزاب تجاه الانتخابات المقبلة وتعزيز الحوار الوطني.
بدأ اللقاء الموسّع الذي يجمع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع قادة الأحزاب الجزائرية السياسية، الممثلة في المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة. ويعتبر اللقاء مع قادة الأحزاب الجزائرية، الذي بدأ اليوم الثلاثاء، هو الأول من نوعه منذ تولي تبون السلطة في 2019، بعد سلسلة من اللقاءات المنفردة، ويهدف إلى مناقشة قضايا ومسائل سياسية محلية وإقليمية، ويأتي عشية استدعاء الرئيس الجزائري في الثامن من يونيو/ حزيران المقبل الهيئة الناخبة لإجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل.
وبعد تأخر دام عامين، جرى عقد اللقاء بين الرئيس الجزائري والأحزاب الجزائرية الممثلة في المجالس المنتخبة. وفي 16 مايو/ أيار 2022، أعلن تبون في لقائه الجالية الجزائرية المقيمة في تركيا خلال زيارته إلى أنقرة، عزمه عقد لقاء موسع مع قادة الأحزاب السياسية. لكن هذا اللقاء تأخر في ظلّ تغير السياقات السياسية، قبل أن يقرر تبون عقده اليوم عشية بدء المسار الانتخابي للرئاسيات المقبلة، واختار أن يلتقي قادة الأحزاب حول مائدة مستديرة.
ويجري اللقاء بحضور رئيس الحكومة نذير العرباوي، ونقل التلفزيون الرسمي حصراً صوراً أولى لبداية اللقاء، في حين لم يسمح للصحافة بالتغطية، وضم وفد كل حزب سياسي ثلاثة أعضاء (رئيس الحزب وعضوين).
لقاء تبون وقادة الأحزاب الجزائرية: جملة أفكار
وقال مسؤول سياسي مشارك في اللقاء - رفض الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إنه "جرى تنسيق بين بعض الأحزاب المشاركة في اللقاء بشأن التوافق على جملة أفكار يتم طرحها خلال اللقاء مع الرئيس تبون". وأشار إلى أن ذلك يأتي بالإضافة إلى طرح المسائل المرتبطة بالتحديات التي تواجهها البلاد محلياً والسياقات الإقليمية، ومسألة الانتخابات الرئاسية المقبلة.
كما سيجري نقاش، بحسب المسؤول، بشأن قانون الأحزاب، الذي تستعد الحكومة لإصداره، وترفض غالبية الأحزاب صيغته التمهيدية بسبب قيود على العمل الحزبي وتدخل الإدارة في قضايا نظامية تخص الحزب السياسي، ومشروع تعديلات القانون الانتخابي، (خاصة في ظل حديث عن إمكانية محتملة لإجراء انتخابات برلمانية ومحلية مبكرة عن موعدها العام القادم). وسيجري أيضاً طرح أفكار بشأن مسائل اتخاذ خطوات تخص تعزيز الحريات وإعادة الاعتبار إلى الممارسة السياسية ورفع التضييق على وسائل الإعلام، بحسب المصدر ذاته.
ويأتي لقاء الرئيس بالأحزاب في سياق محلي يتسم بالتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة، وضمن سياق إقليمي يتسم بتوترات حادة في الجوار والساحل، ويرسّخ من جانب آخر سياسة انفتاح وحوار أبداها الرئيس تبون منذ تسلمه السلطة في ديسمبر/ كانون الأول 2019، تجاه القوى والأحزاب السياسية، بما فيها القوى المعارضة التي تتبنى مواقف حادة ضد سياساته كجبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال وحركة مجتمع السلم. وأجرى تبون قبل لقاء اليوم أكثر من 37 لقاء منفرداً مع قادة الأحزاب السياسية، في محطات ومناسبات سياسية مختلفة، إضافة إلى استقباله عدداً آخر من الشخصيات السياسية المستقلة.
ولم توجه الرئاسة الدعوة إلى أحزاب سياسية نشطة، لكنها لا تحوز منتخبين عنها في البرلمان أو المجالس المحلية، سواء لكونها قاطعت الانتخابات النيابية والمحلية السابقة أو لأنها أخفقت في الحصول على مقاعد.
وأكد رئيس حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية عثمان معزوز لـ"العربي الجديد" أن الرئاسة لم توجه الدعوة إلى حزبه، بمبرر أنه لا يحوز تمثيلاً في المجالس المنتخبة، لكنه يعتبر أن "هذا مؤشر على إقصائية سياسية في ظرفية وطنية من حياة الأمة والبلد، كانت تستدعي الدعوة إلى حوار وطني مفتوح وشفاف ومسؤول".
ويؤكد معزوز أن غياب أي نقاش حول اللقاء "مؤشر غير إيجابي على طبيعة المشهد السياسي الذي فرضته السلطة، وعدم قيام الأحزاب السياسية بدورها باطلاع الرأي العام على أية خطوات تتم تخص المسائل والقضايا الوطنية وذات الصلة بالتحديات التي تواجهها البلاد.
وكان الرئيس الجزائري قد وجه في 11 مايو الماضي دعوة إلى أكثر من 30 حزباً سياسياً تحوز تمثيلاً في المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة، للمشاركة في لقاء تشاوري، "لاستعراض مختلف القضايا المتعلقة بالشأن العام الوطني، ولا سيما على ضوء الاستحقاقات السياسية الهامة المقبلة، فضلاً عن الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة".
اللقاء الأول الموسع مع قادة الأحزاب الجزائرية منذ 1998
وأبقت الرئاسة "جدول الأعمال مفتوحاً للأفكار وقابلاً للإثراء". ويعد لقاء الرئيس تبون مع قادة الأحزاب الجزائرية السياسية، الأول من نوعه في الجزائر، منذ آخر لقاء مماثل كان عقده الرئيس الأسبق ليامين زروال مع قادة الأحزاب في أكتوبر تشرين الأول 1998.
ويسبق هذا اللقاء بأيام قليلة اجتماعات المجالس المركزية لعدد من الأحزاب السياسية التي ستقرر موقفها من الانتخابات الرئاسية، مثل حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية وحركة البناء الوطني وصوت الشعب وجيل جديد. ويتوقع مراقبون أن تحدث مخرجات اللقاء تأثيراً على هذه الاجتماعات وحسم الموقف في ما يخص هذه الأحزاب.
وقال المحلل السياسي توفيق بوقاعدة في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "توقيت لقاء الرئيس بالأحزاب يجعله مرتبطاً بالسياق الانتخابي، وقد يكون لمخرجاته والنقاشات التي تتم خلاله تأثير محتمل على مواقف بعض الأحزاب والقوى السياسية باتجاه دعم الرئيس عبد المجيد تبون لولاية رئاسية ثانية في انتخابات أيلول المقبل".
ونبه بوقاعدة إلى أنّ هذا اللقاء يأتي قبل حسم الأحزاب لموقفها، وغالبيتها ليس في مقدورها تقديم مرشح قادر على منافسة الرئيس تبون، ما يعني أنها قد تكون مضطرة إلى إعادة تقدير موقفها.