بدأت في الجزائر سلسلة مشاورات سياسية تقودها "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم أحزاب المعارضة في البلاد، في سياق مبادرة سياسية تستهدف فتح حوار وطني والوصول إلى توافقات لتصحيح الخيارات القائمة من قبل السلطة، ووقف التضييق على الممارسة السياسية والحد من الإكراهات في مجال الحريات.
والتقى وفد يترأسه السكرتير الأول للجبهة يوسف أوشيش، أمس الأربعاء، قيادة "حركة مجتمع السلم" المعارضة ورئيسها عبد العالي حساني شريف.
وأفاد بيان للجبهة بأن اللقاء يأتي في "إطار المشاورات التي باشرتها جبهة القوى الاشتراكية مع الأحزاب السياسية، بهدف الوصول بصفة جماعية إلى أرضية توافقية حول القضايا والمسائل الوطنية ذات الأهمية البالغة والأولوية وبلورة رؤية مشتركة عنها".
وعرض أوشيش على قيادة أكبر الأحزاب الإسلامية والمعارضة في البلاد رؤية ومبادرة القوى الاشتراكية، وضرورة "تنسيق العمل الحزبي المشترك في إطار حوار جدي وصريح، بغية مواجهة التحديات التي تعترض الطبقة السياسية وبهدف إعادة الاعتبار للسياسة وإحياء النقاش الوطني حول القضايا والمسائل الوطنية ذات الأهمية".
وتبدي كل من "جبهة القوى الاشتراكية" و"حركة مجتمع السلم" توافقا كبيرا في تقدير الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد، ويعتبر الحزبان المعارضان أنه وضع مخالف لما تصدره السلطة، خاصة في علاقة "بالأوضاع المعيشية والقيود الكبيرة على النشاط السياسي والحريات في البلاد، واستمرار السلطة في تهميش الأحزاب السياسية أو السعي إلى استبدالها بمجتمع مدني افتراضي، وتحييد كافة قنوات التعبير السياسي".
وتجري قيادة "جبهة القوى الاشتراكية" سلسلة لقاءات مع قادة الأحزاب لطرح مبادرتها الهادفة إلى صياغة وثيقة توافق وطني حول القضايا السياسية والخيارات الاقتصادية والمقاربات الأمنية القائمة المنتهجة، وإعادة تقييم الوضع القائم في البلاد.
وتتمحور مبادرتها حول خمسة ملفات تخص حزمة "إصلاحات سياسية... لتجسيد ديمقراطية حقيقية وإعادة الاعتبار إلى العمل السياسي واحترام الحريات، والاتفاق على خطة إصلاحات اقتصادية هيكلية لاقتراحها من أجل تسريع عملية تنويع الاقتصاد مع الحفاظ على أسس الدولة الاجتماعية وضمان التوزيع العادل للثروات الوطنية"، وكذا "البحث عن آليات مشتركة لتقوية الجبهة الوطنية وتحييد التهديدات التي تستهدف الدولة الوطنية، والتوافق على الفصل بين الدفاع ضد كل أشكال التخريب والتفرقة والتدخل في شؤون بلادنا".
وتأتي المبادرة السياسية للقوة السياسية المعارضة في مقابل مبادرة سياسية أطلقتها قوى الموالاة، بعنوان "تعزيز التلاحم الوطني وتأمين المستقبل"، شاركت فيها أحزاب الحزام الحكومي والقوى السياسية والمدنية ونقابات موالية للسلطة، لكن هذه المبادرة سريعا ما شهدت تصدعا بين القوى المشاركة فيها، بعد انتقادات وجهت إلى "حركة البناء الوطني" (حزب إسلامي) بالتسرع واحتكار إدارة المبادرة.
ورد رئيس "حركة البناء" عبد القادر بن قرينة على تلك الانتقادات خلال مؤتمر للحزب، مساء أمس، في منطقة أدرار جنوبي الجزائر، وقال إن "المبادرة ناجحة بعكس ما تمناه البعض، وهي مبادرة من أجل الجزائر وليست من أجل الأشخاص أو الأحزاب أو المكونات".
وأضاف: "مع الأسف الشديد، هناك بعض الأطراف، التي لا تزال حبيسة في الماضي وفي الحسابات الضيقة، تشكك في كل شيء وترتاب من كل شيء، ونحن من هذا المقام نجدد الدعوة لها كي تراجع حساباتها"، مشيرا إلى أن مبادرة قوى الموالاة يمكن أن "تنفتح على كل المبادرات الوطنية مهما تعددت، ويمكن إقامة حوار المبادرات".
وكان لافتا عدم تفاعل السلطة مع المبادرات السياسية التي تطلقها مختلف القوى السياسية في الجزائر، بما فيها مبادرة قوى الموالاة نفسها التي وجدت صدا سياسيا لدى رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، والذي قال، في افتتاح الدورة البرلمانية، إن فكرة لم الشمل وتحصين الجبهة الداخلية هي فكرة ومشروع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بحيث لا يمكن لأي حزب أو كتلة نسبها إليها.