دان البرلمان المصري بغرفتيه، النواب والشيوخ، السبت، الإعلان المشترك لحكومات 31 دولة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حول الانتهاكات الحقوقية واسعة النطاق في مصر، والمتورط فيها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي ضد معارضيه، في ظل إفلات مستمر من العقاب.
ورأى مجلس النواب، في بيان، أن "الإعلان المشترك تضمن العديد من المغالطات المغايرة للواقع والداخل المصري، معرباً عن استياء أعضائه البالغ بشأن ما تضمنه من عبارات مسيسة، ونهج غير متوازن، هدام ومغرض، واعتماده على اتهامات مُرسلة وأكاذيب وادعاءات مضللة، بناءً على ما يُبث من بعض وسائل الإعلام التي تقف وراءها أطراف خبيثة".
وأضاف مجلس النواب: "كان من الأولى بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن يستقي معلوماته وبياناته من مصادر رسمية، لم تألُ الحكومة المصرية جهداً يوماً في إيضاحها، وبيانها، وأن ينظر نظرة موضوعية للجهود المصرية في حفظ الأمن والاستقرار ليس على المستوى الداخلي فقط، وإنما على المستوى الإقليمي كذلك، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب في ظل ظروف إقليمية شديدة الاضطراب والتعقيد".
وجاء في البيان أن الإعلان الأممي تجاهل الجهود المصرية الواضحة والعميقة لتحسين معيشة المواطن المصري، في ضوء ما تشهده الدولة من طفرة تنموية لم تتوقف حتى في أثناء مجابهة جائحة كورونا، داعيا الدول المشاركة في صياغته إلى عدم تنصيب أنفسها وصية على مصر، والنأي عن تسييس قضايا حقوق الإنسان لخدمة أغراض سياسية أو انتخابية، والنظر بموضوعية لواقع الأمور في مصر.
كذلك طالب بـ"تبني معلومات وبيانات مجلس حقوق الإنسان من المصادر الرسمية للدولة المصرية، وليس مما يُبث من خلال وسائل الإعلام الخبيثة، والابتعاد عن ازدواجية المعايير"، مستطرداً بقوله: "كثيراً ما يشوب هذه الدول من انتهاكات لحقوق الإنسان في تعاملها مع مواطنيها، أو مواطني دول أخرى، ومنها بشكل خاص التمييز والعنصرية، وهي أعلى انتهاكات إنسانية، وتتناقلها وسائل الإعلام المختلفة، بما ينبئ عن ازدواجية واضحة في المعايير، وعدم موضوعية وانتقائية مغرضة في التعامل لتحقيق أهداف وضغوط سياسية ليس لها أي علاقة بحقوق الإنسان"، على حد زعمه.
بدوره، استنكر مجلس الشيوخ المصري الإعلان المقدم من سفيرة فنلندا لدى الأمم المتحدة بجنيف، نيابة عن 31 دولة أمام مجلس حقوق الإنسان، إزاء مسار حقوق الإنسان في مصر، مدعياً أنه "ابتعد كل البعد عن الشفافية والموضوعية، وتناول الملفات التي أشار إليها بسطحية، وتحدث عن ادعاءات بعبارات فضفاضة لا وجود لمعناها العام على أرض الواقع".
وأضاف المجلس: "لم تستخدم الدولة المصرية قوانين مكافحة الإرهاب، إلا ضد من ارتكبوا بالفعل جرائم إرهابية - بوصفها المتفق عليه عالمياً - ولم تطبقه على أي من الفئات التي ادعى البيان أنها طبقتها على أفرادها. كما لا يوجد أي محامٍ أو صحافي أو حقوقي قيد الحبس، ما لم يكن قد ارتكب جريمة تبرر ما اتخذ ضده من إجراءات"، على حد وصف البيان.
وادعى المجلس أن البيان الأممي "أغفل عمداً الإشارة إلى ما بذلته مصر في السنوات الماضية القريبة من جهود مشهودة في ملف حقوق الإنسان، بما يتوافق مع المعايير الدولية، رغم أنه أشاد على استحياء بقانون المنظمات غير الحكومية (قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي)، بوصفه يضع إطاراً قانونياً جديداً أكثر ملاءمة لعمل منظمات المجتمع المدني".
إلى ذلك، تعقد لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري اجتماعاً، غداً الأحد، في حضور وزير الخارجية، سامح شكري، لتنسيق الرؤى المشتركة بشأن ملف حقوق الإنسان في مصر، واستعراض جهود اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان في نقل الصورة الحقوقية في مصر بمختلف المحافل الدولية.
ودعت دول غربية مصر، أمس الجمعة، إلى وضع نهاية لملاحقة الناشطين والصحافيين، ومن تعتبرهم معارضين سياسيين، بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، كما حثت القاهرة على الإفراج عنهم من دون قيد أو شرط.
وكانت الولايات المتحدة، التي تتمتع بوضع مراقب في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، من بين 31 دولة وقعت على البيان المشترك بشأن مصر، وهو الأول منذ عام 2014، والذي دعا الحكومة إلى رفع القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع. وصدر الإعلان المشترك عن حكومات 31 دولة، بينها أهم 5 دول دعمت السيسي هي أميركا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وبريطانيا.
وسلط الإعلان المشترك الذي ألقته فنلندا بالإنابة، ضمن فعاليات الجلسة الـ46 لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الضوء على "القيود المفروضة على حرية التعبير والحق في التجمع السلمي، والتضييق على المجتمع المدني والمعارضة السياسية"، كما دان "استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لمعاقبة المعارضين السلميين".
يذكر أن وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت رفضها التام لما تضمنه البيان المشترك، وادعت الوزارة أن البيان المشترك "تضمن أحاديث مُرسلة تستند إلى معلومات غير دقيقة".
وأعربت الخارجية المصرية عن "شديد الاستغراب والاستهجان لعدم الاستعانة بما يتم توضيحه لهذه الدول، من حقائق ومعلومات حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر"، مشددة على ضرورة المراجعة المدققة لمثل هذا الكلام المرفوض. وطالبت هذه الدول بـ"التوقف عن توجيه اتهامات تعبر فقط عن توجه سياسي غير محمود يتضمن مغالطات من دون أسانيد".