اتخذ المجلس الأوروبي، الخميس، قراراً جاء فيه أن أنقرة "خرقت" قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المتعلق بإطلاق سراح رجل الأعمال عثمان كافالا، الأمر الذي انتقدته تركيا واعتبرته تدخلاً "بعمل القضاء المستقل".
وجاء قرار المجلس الأوروبي بعد انتهاء المهلة الممنوحة لأنقرة من أجل تطبيق القرار، حيث انتهت المهلة اليوم الخميس، لتصوت اللجنة الوزارية، وهي الجهاز التنفيذي للمجلس في استراسبورغ، في جلسة اليوم بأغلبية الأعضاء البالغ عددهم 47 عضواً، وهم الممثلون الدائمون لبلدانهم، بإخلال أنقرة بقرار المحكمة الأوروبية، على أن يصدر القرار رسمياً غداً الجمعة.
وتشمل مرحلة فرض العقوبات على أنقرة توضيحاً من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لتركيا عن كيفية تطبيق القرار المتخذ بإطلاق سراح كافالا فوراً، على أن يتم انتظار 19 كانون الثاني/يناير المقبل، حيث تعقد جلسة لمحاكمة كافالا في 12 من الشهر نفسه.
وستتناول اللجنة الوزارية الموضوع مرة أخرى في الثاني من شباط/فبراير المقبل، وبحال لم يتم الإفراج عن كافالا ستواصل مرحلة فرض العقوبات، وتقديم طلب للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بذلك، وعندها سيتم تفعيل المادة 46 المرتبطة بتنفيذ القرارات المتخذة، وسيتم الاستماع لمحامي كافالا وللقضاء التركي للتأكد من تطبيق القرار.
وعند تأكد المحكمة الأوروبية من عدم تطبيق القرار سيتم إرسال الملف للجنة الوزارية لتقييم فرض العقوبات، وإذا تم الإفراج عنه سيتم إغلاق القضية، التي اتخذ القرار فيها بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر من العام 2019 المُطالِب بالإفراج الفوري عن كافالا باعتباره سجين رأي.
وخلال الفترة من 30 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، و2 كانون الأول/ديسمبر الحالي، اجتمعت اللجنة الوزارية تحت عنوان "التحقق من تطبيق قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" وذلك في مدينة استراسبورغ الفرنسية.
وبناء على القرار الأوروبي، أصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً اعتبرت فيه أن القرار من قبل اللجنة الوزارية "يحمل سمة التدخل بعمل القضاء المستقل".
وجاء في بيان وزارة الخارجية "أعلنت اللجنة الوزارية في المجلس الأوروبي نيتها إرسال مسألة تطبيق قرار المحكمة الأوروبية بالإفراج عن كافالا إلى المحكمة للتأكد من تطبيق القرار من عدمه، وانطلاقاً من مبدأ احترام المرحلة القضائية في تركيا، فإننا ندعو المجلس الأوروبي للابتعاد عن الاستمرار في القرارات التي تحمل طابع التدخل بالقضاء المستقل".
وأضافت "يجب على اللجنة الوزارية في المجلس الأوروبي والجميع احترام المرحلة القضائية المتواصلة من قبل المحكمة المستقلة والثقة بها، حيث إن تركيا تدرك مسؤولياتها تجاه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وبما أنها عضو مؤسس في المجلس الأوروبي، فإنها تؤكد أن تركيا طبقت حتى الآن 3674 قرارا صادرا من المحكمة حتى الآن، من بينها 128 قرارا هذا العام فقط".
وشددت الوزارة على أن "اللجنة الوزارية في المجلس الأوروبي لديها كثير من الملفات المتعلقة بتطبيق قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهناك ملفات عديدة أقدم من ملف كافالا تمس دولاً أخرى لم تطبق تلك القرارات، وبدلا عن متابعتها يتم الإصرار على طرح قضية كافالا، الأمر الذي يعتبر مقاربة غير صادقة".
ولفتت إلى أنه "بدلاً من تطبيق اتفاقية حقوق الإنسان وفق الآليات الناظمة المستندة للحقوق والفهم العادل، يتم تفعيلها ضد دول محددة وفق ملاحظات سياسية فقط، وهو ما يؤدي لأضرار تصيب اعتبار المجلس الأوروبي".
وختمت وزارة الخارجية بالقول "إذا كانت اللجنة الوزارية تريد مواصلة تأثيرها على نظام حقوق الإنسان فعليها ترك أسلوبها الانتقائي والمتحيز، وعليها تناول موضوع تطبيق قرارات المحكمة الأوروبية من قبل كل الدول الأعضاء بشكل محايد".
وقضت محكمة تركية، الجمعة الماضي، باستمرار حبس كافالا، المتهم بارتباطه بأنشطة ضد الحكومة وتظاهرات في العام 2013، وبالمحاولة الانقلابية في العام 2016، حيث أثارت قضيته جدلا بعد مطالبة دول غربية بالإفراج عنه مقابل رفض تركي.
وكانت قضية كافالا قد اكتسبت زخماً قبل نحو شهرين، عندما صدر بيان عن سفراء كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية والدانمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا والسويد وكندا والنروج ونيوزيلاندا في 18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، انتقدوا فيه اعتقال رجل الأعمال كافالا ودعوا إلى الإفراج عنه، واعتبروا فيه أن القضية المستمرة بحقه تلقي بظلالها على الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا، داعين إلى الإفراج عنه.
ومثل كافالا عدة مرات أمام القضاء، بعدما واجه تهماً بالارتباط بجماعة "الخدمة" وبعلاقته مع مستشار المخابرات الأميركية السابق الأكاديمي هنري باركي، ووجهت النيابة العامة لرجل الأعمال تهم "الشروع في استخدام القوة لإلغاء النظام العام المفروض وفق الدستور التركي"، و"تسريب وثائق أمنية وسياسية تحمل صفة السرية لأمن البلاد والتجسس العسكري"، مطالبة بالحكم عليه بالسجن المؤبد مرتين.
وظل كافالا في السجن منذ اعتقاله في أكتوبر عام 2017، على الرغم من مطالبة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والعديد من الجماعات الحقوقية بالإفراج الفوري عنه وإسقاط جميع التهم المنسوبة إليه، مشددة على عدم وجود دليل يدعم هذه الاتهامات.