على الرغم من التعقيدات التي فرضها الصراع على السلطة بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد "قوات الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو (حميدتي) والاشتباكات المسلحة، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتهدئة المخاوف والحدّ من الانتقادات الموجّهة للحكومة البريطانية، على خلفية ما اعتبر "تقصيراً" منها في إجلاء رعاياها ومنحها الدبلوماسيين الأولوية في ذلك.
وحتى منتصف يوم الاثنين لم تكشف الحكومة البريطانية عن عدد مواطنيها المحاصرين في السودان وسط تضارب في الأرقام، حيث صرّح وزير التنمية أندرو ميتشل أن الرقم المسجل لدى وزارة الخارجية زاد خلال اليومين الماضيين، وبلغ ما يقارب ألفي مواطن، بينما تعتقد رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان أليسيا كيرنز أن الرقم يراوح بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف، بينهم ألف مواطن على الأقل تواصلوا بالفعل مع حكومة بلادهم يطلبون المساعدة لمغادرة الأراضي السودانية.
أما النائب المحافظ ورئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم توبياس إلوود، فقال إنه لا يعرف عدد حاملي جوازات السفر البريطانية في السودان بدقة، لكنه على علم بأن "أكثر من ألف شخص قد سجّلوا أسماءهم في وزارة الخارجية وأكثر من ألفي شخص لم يقوموا بأي تواصل بعد". ودعا الوزراء إلى التوصل سريعاً لـ"خطة واضحة حول كيفية إخراج حاملي جوازات السفر البريطانية"، قائلاً إن "عدم توافر خطة سيفقد الرعايا ثقتهم بحكومة بلادهم".
وكانت كيرنز قد وجّهت انتقادات صريحة للحكومة البريطانية، قائلة إن تعامل وزارة الخارجية مع قضية الإجلاء تشي بأنها لم تتعلم الدروس من أفغانستان. وحثّت الحكومة خلال لقاء على "بي بي سي" على "التواصل مع الرعايا البريطانيين وإبلاغهم بعدم قدرتها على إنقاذهم كي يستطيعوا تقرير مصيرهم"، مشيرة إلى "الالتزام الأخلاقي الذي يستدعي التواصل سريعاً مع المواطنين العالقين هناك".
وكان حزب العمّال المعارض قد انتقد أداء الحكومة، مطالباً بمعرفة ما يقوم به المسؤولون لمساعدة الرعايا البريطانيين في السودان. وقال وزير العمل والمعاشات التقاعدية في حكومة الظل جون أشوورث، إن سلوك الحكومة البريطانية يطرح "سؤالاً مشروعاً" عن أسباب هذا التقصير.
من جانبه، حذّر وزير الخارجية جيمس كليفرلي، من أن مساعدة المملكة المتحدة للبريطانيين العالقين في السودان "ستكون محدودة للغاية" حتى يجري التوصل إلى وقف لإطلاق النار، واصفاً عملية إجلاء الدبلوماسيين البريطانيين وعائلاتهم البارحة الأحد بـ"المعقدة والسريعة"، في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية وغياب الكهرباء وشح إمدادات الغذاء والمياه بالنسبة إلى الكثيرين.
أما وزير الدفاع البريطاني بن والاس، فلم يسهب في الحديث عن الترتيبات التي ستتخذها الحكومة لإجلاء رعاياها، مكتفياً في تصريح لـ"بي بي سي" بالحديث عن "عمليات إنقاذ الدبلوماسيين نهاية الأسبوع بمشاركة الجيش البريطاني والبحرية الملكية وسلاح الجو الملكي".
وكان رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك، قد أجرى البارحة اتصالاً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمناقشة الأوضاع في السودان و"التنسيق بين البلدين والشركاء الدوليين الآخرين، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي، بشأن الجهود الدبلوماسية العاجلة لتأمين وقف إطلاق النار ودعم الانتقال إلى حكومة مدنية مستقرة". وشكر سوناك السيسي على "الدعم الذي قدمته حكومة بلاده في عملية إجلاء موظفي السفارة البريطانية من الخرطوم البارحة الأحد".