من المقرّر أن يُجري حزب المحافظين البريطاني الحاكم، اليوم الإثنين، تصويتاً على حجب الثقة عن رئيس الوزراء بوريس جونسون، قد يطيحه كرئيس وزراء لبريطانيا.
وأشار موقع "يوغوف" الإحصائي إلى أن 42 في المائة من المحافظين يؤيّدون التصويت لعزل جونسون، مقابل 53 بالمئة يؤيّدون عدم التصويت لصالحه، وبالتالي عزله من منصبه.
في حين قال مسؤول الحزب غراهام برادي إنه تلقى رسائل كافية من مشرعين يطالبون بالتصويت على قيادة جونسون.
وإذا خسر جونسون التصويت وسط 359 مشرعاً من حزب المحافظين، فسيُستبدل بصفته زعيما محافظا ورئيسا للوزراء. ولكن إذا فاز، فسيكون في مأمن من تحدٍّ آخر لمدة عام.
ويكافح جونسون من أجل طيّ صفحة أشهر من الفضائح الأخلاقية، وأبرزها بشأن الحفلات المخالفة للقواعد داخل المباني الحكومية خلال عمليات الإغلاق لاحتواء جائحة كوفيد-19.
وكانت هذه الخطوة متوقّعة منذ أيام، حيث واجه جونسون الكثير من دعوات الاستقالة من نوّاب محافظين خلال العطلة البرلمانية.
وعلى الرغم من انشغال المملكة المتحدة باحتفالات اليوبيل البلاتيني لجلوس الملكة إليزابيث الثانية على العرش، والتي استمرّت أربعة أيام، لم تتوقف ردود الفعل الغاضبة من جونسون.
وكان التصويت على حجب الثقة يحتاج إلى إرسال 54 خطاباً لرئيس لجنة 1922 في الحزب غراهام برادي، أي ما لا يقلّ عن 15 في المائة من أعضاء البرلمان الحاليين، وعددهم 359 نائباً محافظاً.
وكان جونسون قد واجه صيحات استهجان أطلقها المتجمهرون أمام كاتدرائية القديس بولس خلال احتفالات اليوبيل البلاتيني قبل يومين. وإن قلّل بعض "المحافظين" من أهمية هذه الصيحات "المتعارف عليها تاريخياً ضد المسؤولين"، إلا أن بعضهم الآخر لمس فيها مؤشّراً على ما سيكون عليه مستقبل زعيمهم السياسي.
وسيتعيّن على جونسون الحصول على 180 صوتاً لينجو من حجب الثقة، على افتراض أن كل نائب محافظ سيدلي بصوته، ولن يمتنع أحد عن التصويت، ولو فاز في هذه الحالة، فسيبقى محصّناً لمدة عام من تصويت آخر لحجب الثقة. إلا أن الفوز لن يكون ساحقاً في حال حصل على أغلبية قليلة من الأصوات، كما حدث مع تيريزا ماي التي فازت في ديسمبر/ كانون الأول 2018 في تصويت مشابه بنسبة تبقيها في منصبها، لكن تكشّف لها أن أكثر من ثلث النوّاب المحافظين لا يريدونها في منصبها زعيمةً لهم، ما دفعها للاستقالة بعد ستة أشهر.
وإن خسر جونسون مساء اليوم، فسيشهد الحزب منافسة على القيادة، يُمنع فيها من الترشّح.
ومن المقرّر أن يبدأ التصويت السرّي في السادسة مساء بتوقيت غرينتش، وينتهي في الثامنة.
واعتبر مصدر في "داونينغ ستريت"، في تصريح للصحافة، أن التصويت سيكون "فرصة لإنهاء تكهّنات استغرقت أشهراً".
وحتى الآن، أعلن أكثر من 30 نائباً دعمهم رئيس الوزراء، بينهم وزيرة الخارجية ليز تروس ووزير الصحة ساجد جاويد.
وكانت سياسة جونسون في مواجهة جائحة كوفيد-19، والدعم الذي قدّمه لأوكرانيا ضد الغزو الروسي، من بعض الأسباب التي أعلن عنها النوّاب المحافظون المتضامنون معه، إضافة إلى سياسته في ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
من جهته، اعتبر النائب جيسي نورمان، في رسالته المطوّلة لجونسون، أن "خطة رواندا بشعة للغاية، وستأتي بنتائج عكسية، إضافة إلى أنها غير شرعية بشكل كامل"، مضيفاً أنه كان قد منح جونسون دعمه الكامل خلال كل حياته السياسية، إلا أن "الأحداث الأخيرة تنهيني عن الخدمة في حكومة تقودها أنت".
ومن المتوقع أن يواجه جونسون لجنة 1922 في مجلس العموم مساء اليوم قبل التصويت السرّي، كما أنه سيمضي اليوم في محاولات حثيثة لإقناع أعضاء حزبه بالتصويت لبقائه.
من جهته، أعلن النائب جون بينروس استقالته في رسالة موجّهة إلى جونسون، أعلن فيها عن خيبته من أداء الحكومة في الكثير من القضايا، منها قانون الجرائم الاقتصادية الأخير، والتغاضي عن معاقبة بعض المنتمين إلى الأوليغارشية الروسية. كما احتجّ بينروس، باعتباره مسؤولاً عن مكافحة الفساد، على التعديل الذي أجراه جونسون قبل أسبوع تقريباً على القانون الوزاري، ما يتيح للمسؤولين الاكتفاء بالاعتذار إن خرقوا القواعد، بدل أن يضطروا إلى التخلّي عن مناصبهم.
I’m sorry to have to resign as the PM’s Anti-Corruption Tsar but, after his reply last week about the Ministerial Code, it’s pretty clear he has broken it. That’s a resigning matter for me, and it should be for the PM too. Here’s my letter to him explaining why. pic.twitter.com/0Wi6QWsMbI
— John Penrose (@JohnPenroseNews) June 6, 2022
أما جيريمي هانت، وهو أقدم نائب محافظ ممن طالبوا بعزل جونسون، فدعا النّواب إلى التصويت ضد رئيس الوزراء قائلاً إن "قيادة جديدة للحزب مطلوبة إذا ما أراد المحافظون البقاء في السلطة في الانتخابات المقبلة"، مضيفاً أن قرار التصويت مساء اليوم إما يفضي إلى التغيير أو إلى الخسارة. واعتبر هانت أن المحافظين يعرفون في سرّهم أن هذه الحكومة لم تمنح الناخبين ما يستحقّون، ولم تقدّم لهم لا النزاهة ولا الكفاءة.
Anyone who believes our country is stronger, fairer & more prosperous when led by Conservatives should reflect that the consequence of not changing will be to hand the country to others who do not share those values. Today’s decision is change or lose. I will be voting for change
— Jeremy Hunt (@Jeremy_Hunt) June 6, 2022
وكانت صحيفة "تلغراف" المقرّبة من حزب المحافظين ذكرت، اليوم الإثنين، أن "رئيس الوزراء، على الرغم من انشغاله بتصويت حجب الثقة المقرّر مساء اليوم، إلا أنه أجرى اتصالاً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي صباح اليوم، لبحث مستجدّات الغزو الروسي".
وإن كانت أوكرانيا عامل إجماع على كفاءة جونسون في إدارة البلاد، إلا أن ملفّات أخرى، ليست أقلّ خطورة، استخدمها كلا الطرفين المعارض لجونسون والداعم له لإثبات صحّة رأيه، فقد اعتبرت وزيرة الخارجية ليز تروس أن الأولوية اليوم للنمو الاقتصادي ولأزمة المعيشة، في حين اعتبر نوّاب محافظون أن تكلفة المعيشة تلك هي أحد الأسباب التي يجب على جونسون التنحّي من أجلها. هذا إضافة إلى بروتوكول أيرلندا الشمالية وخطة رواندا المثيرة للجدل أكثر فأكثر، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية قبل أيام أنها سترحّل المجموعة الأولى من طالبي اللجوء في 14 يونيو/ حزيران الحالي.
وكما صرّح "داونينغ ستريت" في وقت سابق من صباح اليوم، فإن هذا المساء سيشكّل فرصة لإنهاء أشهر من التكهّنات حول مستقبل جونسون السياسي، وسيسمح للحكومة بالمضي قدماً في أزمات محلية هي الأشدّ خطورة منذ عقود، كأزمة المعيشة.