تتعامل فرنسا والاتحاد الأوروبي مع التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على غزة ببطء شديد؛ فبالكاد يمكن أن يُسمع تصريح من هنا أو هناك، وكأن هذا المشهد أصبح مجرد روتين يتجنب الأوروبيون الحديث عنه، وهو ما وصفه المتخصص بالعلاقات الأوروبية- الشرق أوسطية بيوتر سمولار، اليوم الأربعاء، في صحيفة "لوموند"، بأنه "دراما يجد فيها كل ممثل دوره".
واعتبر الكاتب، أن المسجد الأقصى في المدينة القديمة المحتلة، أكثر الأماكن حساسية في الشرق الأوسط، فهو "القلب النابض للهوية الفلسطينية. صوره وملصقاته تزين تقريباً كل بيت عربي في القدس الشرقية. مكان للعبادة والتنشئة الاجتماعية (..) يجب أن تكون فاقداً للوعي لتجاهل ذلك".
وأضاف: "على الرغم من ذلك، وفي منتصف شهر رمضان، قامت الشرطة الإسرائيلية بتقييد الوصول إلى المسجد، ما أشعل فتيل أزمة وسط ركود سياسي تعيشه إسرائيل في أوقات عصيبة يمر بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".
وللبقاء على قيد الحياة سياسياً، باع نتنياهو ما وصفه الكاتب بـ"روح الديمقراطية الإسرائيلية" لليمين المتطرف المعادي للأجانب، فقام بتبييضها وتحويلها إلى شريك في الائتلاف.
وخلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، يرى الكاتب أن "ما تبقّى من حلم الدولة الفلسطينية أصبح "كومة من رماد".
وبحسب كاتب المقال، فإن ما قضى على هذا الحلم كان اتفاقيات التطبيع التي أبرمتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، واستبدلت القضية السياسية في فلسطين بقضية أحوال معيشية "فحولت الفلسطينيين إلى محتاجين محبطين ومنقسمين".
كما يرى أنه "مع وصول جو بايدن إلى رئاسة أميركا، فكل ما فعله كان أنه اعتنق إرث ترامب"، فردد بفتور "صدى لغة أوسلو لحل الدولتين. أعاد فتح باب التمويل لأونروا، لكنه اعتنق أيضاً إرث ترامب: الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل".
ورغم الفتور الرسمي، تشهد فرنسا بعد ظهر الأربعاء تظاهرة، دعا إليها نشطاء يساريون وجمعيات متضامنة مع القضية الفلسطينية، أمام مقر وزارة الخارجية للاحتجاج على صمت فرنسا تجاه الأحداث المتصاعدة في فلسطين.
في هذا السياق، قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، خلال مقابلة اليوم الأربعاء على قناة "فرانس 2"، إن الوضع "بحاجة إلى تدخل أميركي. من الواضح أنهم (الأميركيون) هم الذين ما زالوا يملكون الروافع الدبلوماسية الرئيسية حالياً، رغم أنه ينبغي لأوروبا أن تكون أكثر حضوراً".
وأضاف: "هناك تصعيد كبير ومن الضروري أن تتدخل الإدارة الأميركية، معنا".
وشدد على أنه "علينا أن ننخرط، أوروبيين وأميركيين، مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية لمحاولة إيجاد حل في الأيام المقبلة".
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان قد بحث مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، أمس الثلاثاء، الأوضاع في القدس. وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون ديرمول، أن المحادثات الهاتفية شددت على قلق الجانبين "إزاء العنف المستمر في القدس".
ودعت المحادثات إلى "ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن للحرم القدسي وساحة المسجد الأقصى"، في حين عبّر لودريان عن قلق بلاده من التهديد "الذي تشكله عمليات الإخلاء القسري التي تستهدف سكان حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة".