اجتمع وزيرا الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والصيني وانغ يي، في لقاء نادر اليوم السبت في بالي، في محاولة جديدة لمنع خروج التوتّر الشديد بين بلديهما عن السيطرة.
وأكدت وزارة الخارجية الصينية أن وزيري الخارجية توصلا إلى "توافق" بشأن تحسين العلاقات، خلال محادثات على هامش اجتماعات مجموعة العشرين، في وقت تسعى القوتان لخفض التوتر بينهما.
وقالت وزارة الخارجية في بيان بشأن اللقاء "توصل الجانبان على أساس المعاملة بالمثل والمنفعة المتبادلة، إلى توافق بشأن تعزيز مشاورات مجموعة العمل الصينية الأميركية لتحقيق المزيد من النتائج".
وقال بلينكن بعد اللقاء إنه دعا الصين إلى إدانة "العدوان" الروسي على أوكرانيا، مشيراً إلى أنها "اللحظة التي نحتاج فيها جميعاً إلى النهوض كما فعلت دول مجموعة العشرين الواحدة تلو الأخرى، لإدانة العدوان والمطالبة، من بين أمور أخرى، بأن تسمح روسيا بالوصول إلى الغذاء العالق في أوكرانيا". وأضاف أنه لا يرى أي "إشارة" إلى تعاون من جانب روسيا.
من جهته، أبلغ وزير الخارجية الصيني نظيره الأميركي بأن العلاقات بين بلديهما مهددة "بالانحراف" أكثر عن مسارها بسبب قصور في نظرة الولايات المتحدة للصين.
ونقلت وزارة الخارجية الصينية عن وانغ قوله في بيان عقب اجتماعه مع بلينكن، "يعتقد كثير من الناس أن الولايات المتحدة تعاني من نوبة خطيرة ومتنامية من رهاب الصين"، مشيراً إلى أنه يتعين على واشنطن أن تلغي التعريفات الجمركية الإضافية المفروضة على بكين في أقرب وقت ممكن، وأن تكف عن فرض عقوبات أحادية الجانب على الشركات الصينية، وذلك في المباحثات التي وصفها البيان بأنها كانت "متعمقة" و"صريحة".
وقال وانغ إنه بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على الجانب الأميركي توخي الحذر في أقواله وأفعاله في ما يتعلق بتايوان، ويجب ألا يرسل أي إشارات خاطئة للقوى المؤيدة "لاستقلال تايوان".
وبحسب البيان، تبادل الجانبان أيضاً وجهات النظر حول "قضية أوكرانيا"، دون أن يذكر تفاصيل.
وكان بلينكن أعرب قبيل اللقاء عن أمله في أن تكون المحادثات مع نظيره الصيني وانغ يي "بنّاءة". وقال بلينكن: "في علاقة معقّدة ومهمّة مثل العلاقة بين الولايات المتّحدة والصين؛ هناك أشياء كثيرة يجب مناقشتها"، مضيفاً: "نتطلّع إلى حوار مثمر وبنّاء".
من جهته، قال وانغ يي في مستهلّ الاجتماع، إنّ على الصين والولايات المتحدة "العمل معاً" لمحاولة تخفيف التوتّر بينهما. وأضاف: "الصين والولايات المتحدة بلدان كبيران، لذا من الضروري أن تحافظ الدولتان على تبادلات طبيعية" بينهما. وتابع: "يجب أن نعمل معاً لضمان أن تستمر هذه العلاقة في التقدّم على المسار الصحيح"، داعياً إلى "الاحترام المتبادل".
وفي ظلّ عزل الغرب لروسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ووسط تزايد حال عدم اليقين المحيطة بالاقتصاد العالمي؛ اتّخذت كلّ من الصين والولايات المتّحدة خطوات حذرة للسيطرة على خلافاتهما التي لا تُعدّ ولا تُحصى.
وقال دانييل كريتنبرينك، كبير الدبلوماسيّين الأميركيّين لشؤون شرقي آسيا، إنّ بلينكن سيسعى إلى إيجاد "حواجز حماية" في العلاقة بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأوضح لصحافيّين أنّ الولايات المتّحدة ستسعى "لبذل كلّ ما في الإمكان، لضمان أن نتجنّب أيّ سوء تقدير قد يؤدّي بدون قصد إلى نزاع".
ومنذ الشهر الماضي، أجرت الولايات المتّحدة والصين أيضاً محادثات جمعت قادة قطاعات الدفاع والمال والأمن القومي من البلدين، فضلاً عن كبار القادة العسكريّين.
وكتبت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينيّة المعروفة بانتقادها للولايات المتحدة، أنّ زيادة التفاعل بين البلدين "تؤكّد إجماع الجانبين على تجنّب تصعيد المواجهة".
لكنّ التوتّر لا يزال شديداً، خصوصاً في ما يتعلّق بتايوان، إذ أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من تصعيد الصين الضغوط على الجزيرة التي تعتبرها جزءاً من أراضيها.
وازدادت صلابة وجهات نظر الولايات المتّحدة تجاه الصين في السنوات الأخيرة، وحافظ بايدن إلى حدّ كبير على جوهر النهج المتشدّد، الذي اعتمده سلفه دونالد ترامب، والمتمثّل في النظر إلى بكين باعتبارها المنافس العالميّ البارز للولايات المتحدة.
لكنّ بلينكن أوضح في خطاب ألقاه في الآونة الأخيرة، أنّ الولايات المتّحدة لا تسعى إلى "حرب باردة" جديدة، رغم الانتقادات التي تشمل اتّهام بكين بارتكاب إبادة جماعيّة بحقّ شعب الإيغور.
ويُتوقّع أن تُخفّف إدارة بايدن قريباً بعض الرسوم الجمركيّة التي فرضها ترامب على السلع الصينيّة، في خطوة يمكن أن تخفّف من التضخّم المرتفع الذي أصبح يمثّل عبئاً سياسياً كبيراً في الولايات المتّحدة.
(فرانس برس، رويترز)