عادت الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" المغربي إلى عبد الإله بنكيران، بعد انتخابه رسميّاً، اليوم السبت، لزعامة الحزب الذي قاده في السابق للفوز بأول انتخابات تشريعية عقب الإصلاحات الدستورية في البلاد.
وانتخب المؤتمر الاستثنائي لحزب "العدالة والتنمية"، ليل السبت، بنكيران بالأغلبية الساحقة، ليخلف رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، بعد منافسة مع عضو الأمانة العامة المستقيلة عبد العزيز العماري، ورئيس المجموعة النيابية عبد الله بوانو.
وبعد نحو 5 ساعات من التداول بين أعضاء المجلس الوطني ومداخلات تجاوزت الـ80 مداولة، أعلن رئيس المؤتمر، جامع المعتصم، عن اختيار بنكيران أميناً عاماً جديداً لـ"العدالة والتنمية"، بحصوله على 1112 صوتاً من أصل 1252 صوتاً، بنسبة 89 في المائة من الأصوات، مقابل 231 صوتاً لعضو الأمانة العامة المستقيلة عبد العزيز العماري، و15 صوتاً لرئيس المجموعة النيابية للحزب عبد الله بوانو.
وفي أول تصريح له عقب انتخابه، حرص بنكيران على بعث رسائل طمأنة إلى خصومه داخل الحزب، بالتأكيد أنه ليس للقيادة الجديدة، التي يمثلها، مصلحة في تصفية حسابات هذه المرحلة. وقال مخاطباً أعضاء حزبه "اليوم هو يوم المستقبل، يجب أن نكون يداً واحدة".
واعتبر أن العدالة والتنمية "مرّ بمرحلة صعبة وقاسية، وسيئة، واستطاع أن يتجاوزها، على الرغم من أنها كانت فيها مؤاخذات من هنا ومن هناك"، مضيفاً: "ها نحن نحافظ على مبادئنا التنظيمية، وديمقراطيتنا الداخلية، وهذا شيء عظيم".
وكان التنافس على منصب الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" قد انحصر قبل بدء التصويت بين المرشحين الثلاثة من أصل 6 أعضاء حصلوا على أكثر من 10 في المائة من أصوات عدد أعضاء المجلس الوطني، بعد اعتذار ثلاثة مرشحين هم رئيس المؤتمر الاستثنائي جامع المعتصم، ورئيس المجلس الوطني إدريس الأزمي الإدريسي، وعضو الأمانة العامة الرئيس السابق لحركة "التوحيد والإصلاح" (الذراع الدعوي للحزب) محمد الحمداوي.
وكان المؤتمر الوطني الاستثنائي قد عبّد الطريق لعودة بنكيران بعد أن أسقط مشروع قرار تأجيل المؤتمر الوطني العادي التاسع مدة سنة كاملة، وهو المقترح الذي تقدمت به الأمانة العامة المستقيلة عقب نتائج انتخابات 8 سبتمبر/ أيلول، واشترط الأمين العام السابق للحزب عبد الإله بنكيران إسقاطه للقبول بالعودة إلى قيادة الحزب.
ولم يحظ المشروع الذي قدمته الأمانة العامة للحزب بتأييد غالبية أعضاء المؤتمر الوطني الاستثنائي، إذ صوّت لصالح رفضه 901 مؤتمر، مقابل 374، من أصل 1275 مصوتاً. وكانت الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" قد اقترحت تأجيل المؤتمر الوطني العادي للحزب مدة سنة كاملة، وحسمه المجلس الوطني، قبل أن يرفعه للمؤتمر الوطني، الذي عقد اليوم وشهد غياب الأمين العام السابق للحزب عبد الإله بنكيران.
ويسود اعتقاد واسع داخل حزب "العدالة والتنمية" بأنّ عودة بنكيران إلى الأمانة العامة للحزب، بعد أن تولاها عام 2008 وأُعيد انتخابه في 2012، قد تكون عاملاً مهماً في وقف خطر الانهيار الشامل وإعادة بناء الحزب، على اعتبار أنه هو الوحيد الذي لديه القدرة على إعادة تجميع "العدالة والتنمية" وهيئاته، لتجاوز الأزمة الداخلية التي يعيشها منذ هزيمته في الانتخابات العامة التي جرت في 8 سبتمبر/ أيلول الماضي. في حين يرى البعض أن عودته خطأ على اعتبار أنه أحد أسباب الأزمة داخل بيت الإسلاميين.
وكان بنكيران قد اختار، في السنوات الأخيرة، الانزواء في بيته، بسبب إبعاده في عام 2017 عن رئاسة الحكومة المغربية، وتزايد الهوة بينه وبين سعد الدين العثماني في المؤتمر الوطني الثامن لـ"العدالة والتنمية"، وكذلك جراء الخلافات الحادة مع قيادات حزبه التي كانت تعتبر تصريحاته مسيئة إليها، ومسيئة كذلك إلى شركاء الحزب في الحكومة والأغلبية البرلمانية السابقة.
ولم يمتنع بنكيران، في أكثر من مناسبة، عن إبداء رأيه في العديد من القضايا التي أثارت جدلاً داخل "العدالة والتنمية"، من قبيل المصادقة على قانون الاستعمالات الطبية لنبتة القنب الهندي، وتوقيع العثماني على اتفاق استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل.