قالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، الجمعة، إنّ ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد سيجري، قريباً، زيارة قصيرة إلى القاهرة للقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تتضمن التباحث، على مائدة إفطار، حول القضايا العالقة بين البلدين خلال الفترة الحالية، واستعراض حلول مقترحة لحل بعض المشكلات التي طرأت على العلاقات الثنائية مؤخراً.
وأضافت المصادر أنّ هناك رابطاً قوياً بين زيارة بن زايد المرتقبة للقاهرة والمبادرة الأخيرة التي أعلنتها الإمارات لحلحلة قضية سد النهضة، والتي تحفظت عليها مصر والسودان، الشهر الماضي، ثم عاد وزير الري السوداني ياسر عباس اليوم للحديث عن بعض ملامحها، مشيراً إلى إمكانية تحويل السد إلى استثمار مشترك بين الدول الثلاث بعد ضخ أموال من الإمارات والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وذكرت المصادر أنّ المباحثات ستتناول أيضاً الشأن الليبي، وتطور العلاقات المصرية التركية، والاستثمارات الإماراتية في مصر.
وخلال الشهر الماضي، بذلت الإمارات جهوداً سرية لإقناع مصر والسودان بحلول فنية غير جذرية تمكن إثيوبيا في كل الأحوال من الملء الثاني للسد، وتحقق حالة مؤقتة من عدم الإضرار بالسودان ومصر، تنتهي بنهاية فترة الفيضان الحالية، مع عدم التوصل إلى اتفاق نهائي وملزم لجميع الأطراف يضع قيوداً على التصرفات الإثيوبية المستقبلية، لكن القاهرة استطاعت استمالة الخرطوم والإعلان مؤخراً عن رفض هذه الحلول، التي كان أبرزها الاكتفاء بتبادل المعلومات.
والخلاف بين مصر والإمارات في هذا الملف ما زال لم يخرج للعلن، لكن مؤشرات التوتر الواضحة كانت لها مقدمات على صُعُد مختلفة على مدار العامين الماضيين اللذين شهدا شداً وجذباً مكتوماً بين القاهرة وأبوظبي على خلفيات سياسية واقتصادية عديدة، أبرزها الخلاف حول طريقة التعامل مع الملف الليبي الذي أصبح المصريون يرون أنّ المواقف الإماراتية ورطتهم فيه لسنوات دون طائل، وإقدام المستثمرين الإماراتيين على الانسحاب من عديد المشروعات، خاصة في العاصمة الإدارية الجديدة، وسحب الاستثمارات التي كانوا قد وعدوا بها سابقاً أو التباطؤ في تطويرها، بحجة سوء الإدارة المصرية لها، وأخيراً تقاعس الإمارات في مد يد العون لمصر في أزمة كورونا الأخيرة بالتباطؤ الواضح في إرسال اللقاحات، وتصاعد الحديث عن التعاون مع دولة الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ مشروعات تنموية لوجستية ستؤثر سلباً على المقومات المصرية وأهمها قناة السويس، وذلك كله على الرغم من القشرة التي تغلف هذا الملف من تبادل لعبارات المحبة والإعزاز بين السيسي ومحمد بن زايد، والاتصالات والمشاورات المستمرة في جميع الملفات.
وحاولت الإمارات تجاوز حالة التوتر مع القاهرة، إعلامياً، بواسطة سياسة دعائية مكثفة عبر وسائل الإعلام، المملوكة لها، لصالح السيسي، تروج لإنجازاته وتهاجم معارضيه، بصورة يمكن أن تكون أكثر تطرفاً من وسائل الإعلام المصرية المحلية ذاتها، لكن هذه السياسة -التي تبدت في الاحتفالات المبالغ فيها بالقنوات الإماراتية بانتهاء أزمة قناة السويس- تفشل في إخفاء التوجهات الحقيقية للإمارات.
لكن في الوقت ذاته؛ تلعب هذه الوسائل دوراً مغايراً بنشر أنباء وشائعات تحاول تعطيل التقارب المصري التركي تحديداً، وتعيد التركيز على نقاط الخلاف، في الوقت الذي تظهر فيه القاهرة وأنقرة حريصتين أكثر من أي وقت مضى على إحراز تقدم في المفاوضات، ولا أدلّ على ذلك من الإعلان المشترك عن الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية البلدين هذا الأسبوع، ووقف بعض البرامج المعارضة للنظام المصري في القنوات التي تبث من أنقرة واسطنبول.