وصف رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، اليوم الخميس، تقرير لجنة الامتيازات بـ"الاغتيال السياسي المستمر والمطوّل"، وطعن مجدّداً في مصدقيتها وفي "حسن نيّتها".
وتأتي تصريحات جونسون بعد أن نشرت اللجنة اليوم نتائج تحقيقها المنتظر الذي بدأته قبل عام بشأن سلوك الزعيم المحافظ وخرقه للقوانين و"تضليله" المتعمّد لمجلس العموم السنة الماضية.
وردّاً على التقرير، الذي يتّهمه "بإعادة كتابة القواعد التي فرضها هو بنفسه على ملايين البريطانيين ومنحها تفسيرات جديدة بما يلائم أدلّته الخاصة"، اعتبر جونسون أن رئيسة اللجنة النائبة عن "حزب العمال" المعارض هارييت هارمان "تلوّث الحقيقة".
وقال جونسون إن اللجنة أرادت أن يكون تقريرها "طعنة السكين الأخيرة في عملية اغتيال سياسي مستمرّة ومطوّلة". وقد ترنّ جملته هذه في آذان معارضيه من "حزب المحافظين" ومن خارجه، التوّاقين إلى تلك "الطعنة الأخيرة" التي ستبعده عن العمل السياسي إلى الأبد.
وتحدث جونسون عن "الطعنة الأخيرة" التي جاءت، حسب قوله، عبر التوصية التي صدرت عن اللجنة بمنعه من الحصول على "تصريح الدخول" الذي يُمنح عادة لأعضاء البرلمان السابقين، ما قد يقيّد وصوله إلى مجلس العموم مستقبلاً.
من جهتها، سارعت إحدى المجموعات التي تمثل العائلات الثكلى بسبب وباء كورونا إلى القول إن على جونسون أن "يُمنع بشكل مطلق من الترشّح لأي مناصب عامة في المستقبل"، بينما اعتبر زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي إد ديفي، أن جونسون "كاذب ومخالف للقانون" وأنه تعامل مع الناخبين "بازدراء تام".
وكانت استقالة جونسون من مجلس العموم قبل أيام أشبه بالمسرحية، حيث استبق نتائج التحقيق الذي يدينه بشدّة، مفضّلاً الانسحاب قبل أن يُطلب منه ذلك، متّهماً اللجنة بـ"التحيّز" ضدّه وبالتآمر عليه، ومشدداً على أنه لم يضلّل البرلمان.
لجنة الامتيازات: جونسون قام بترهيب اللجنة
وأعلنت اللجنة أنها كانت ستوصي بتعليق عضويته لـ90 يوماً، لو أنه لم يستقل من البرلمان، بسبب ما وصفته بـ"الازدراء المتكرر والسعي لتقويض العملية البرلمانية".
وخلص التقرير أيضاً إلى أن الزعيم المحافظ لم يكتف بتضليل البرلمان عمداً، بل قام أيضاً بـ"ترهيب اللجنة"، وخاض ضدّها "حملة إساءة" عندما طعن في عمل اللجنة، وهي واحدة من أهم المؤسسات الدستورية في البرلمان.
وذهب تقرير اللجنة أبعد من ذلك، إذ أعاد التذكير بأنه "لا توجد سابقة لدى أي من رؤساء الوزراء في بريطانيا بتضليل البرلمان عمداً"، لافتة إلى أن جونسون ضلل البرلمان "مراراً وتكراراً بشأن قضية ذات أهمية قصوى لمجلس النواب وللناخبين معاً".
ويتزامن عيد ميلاد جونسون الـ59 الاثنين المقبل مع "تصويت حر" سيجري في البرلمان حول موافقة النواب على التحقيق والتوصيات الناتجة منه. ومن المتوقع أن يرفض الكثير من النوّاب الموالين للزعيم السابق نتائج التحقيق، إلا أن ذلك لا يعني أن النجاة ما زالت متاحة بعد أكثر من عام على "الفضائح" المتلاحقة.
تجدر الإشارة إلى أن "نجاة" جونسون هذه المرة هي بشكل أو بآخر نجاة الحزب الحاكم وقدرته على الصمود حتى الانتخابات العامة المقبلة والمقررة بعد عام ونصف على أبعد تقدير، حيث إن "السمعة السيئة" لم تعد محصورة بشخص رئيس الحكومة، بل بـ"حزب المحافظين" الحاكم منذ 13عاماً، والغارق في الانقسامات والمعارك الشخصية والجانبية، والعاجز أيضاً عن تلبية مطالب الناخبين وإيجاد الحلول، وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة وموجة إضرابات لم تشهدها البلاد منذ عقود.
سوناك يتأهب لخوض انتخابات فرعية صعبة
من جانبه، لم يعلن رئيس الحكومة الحالي ريشي سوناك، ما إذا كان سيشارك في التصويت بداية الأسبوع المقبل، إلا أنه ليس في موقع أفضل من جونسون حالياً، وقد استقال من حكومته أكثر من 3 وزراء خلال 6 أشهر فقط بسبب "فضائح" الفساد والتهرّب الضريبي والتنمّر، بينما خسر حزبه مقاعد أساسية في الانتخابات المحلية الأخيرة، وها هو يستعدّ لخوض انتخابات فرعية صعبة بعد استقالة جونسون واثنين من حلفائه: نايجل آدمز ونادين دوريس.
وتنطوي هذه اللحظة التي انتظرها الكثيرون لأكثر من عام، على مخاطر إضافية سيتعين على سوناك التعامل معها، حيث إن خطته لإعادة توحيد صفوف الحزب باءت بالفشل وتصدّعت في الأيام الأخيرة بشكل خاص، مع استقالة جونسون، وما خلّفه ذلك من اصطفافات جديدة وتحزّبات متعددة في قلب الحزب الواحد.
وتشير استطلاعات الرأي التي تجريها شركة "ستاتيستا" منذ فبراير/ شباط الماضي، إلى استمرار زعيم "حزب العمال" المعارض كير ستارمر في تفوّقه على ريشي سوناك بسبع نقاط كأكثر شخصية مناسبة لمنصب رئيس الوزراء، بينما لم يحظَ جونسون ولا خليفته ليز تراس بأيٍّ من الأصوات.