شن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الجمعة، هجوما حادا على جبهة "البوليساريو" الانفصالية، في أول تعليق رسمي على التوتر الذي شهده معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا، بعدما عمد محسوبون على الجبهة، أول أمس الأربعاء، إلى إغلاقه.
وقال وزير الخارجية المغربي، خلال مؤتمر صحافي عقده اليوم الجمعة في مدينة الداخلة، ثاني أكبر حواضر الصحراء، "إن من يمارس الاستفزازات يخرج عن الشرعية الدولية، ويضع نفسه في مواجهة مع الأمم المتحدة والقانون الدولي، وهذا ليس بغريب على جماعات تشتغل بمنطق العصابات".
وأوضح بوريطة، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيريه من غينيا بيساو كارلا باربوزا، ومن غينيا الاستوائية سيميون أويونو إيسونو أنج، عقب افتتاح قنصليتي بلديهما بالداخلة، أن المغرب كان موقفه على الدوام أنه "لا مسار سياسياً مع عصابات، لا مسار سياسياً مع قطاع الطرق، لا مسار سياسياً مع من هو فاقد للمصداقية، ومن يشتغل كجماعات مسلحة وكعصابة".
وتابع الوزير المغربي هجومه على جبهة البوليساريو بالقول: "اليوم، نرى قطاع طرق بالمعنى الحقيقي.. هذا لا يمكن أن يكون مخاطبا للمغرب، ولا يمكن أن يشكل أساسا لأي مسار سياسي"، معتبراً أن "أعمال قطاع الطرق لن تؤثر على المسار الذي اتخذه المغرب، والذي يمشي فيه بقناعة الدول، وبالشرعية الدولية، وبالمواقف الواضحة للأمم المتحدة حول هذه الاستفزازات وحول عدم شرعيتها، سواء من قبل مجلس الأمن في قراراته في 2017، أو من قبل الأمين العام للأمم المتحدة".
وتأتي مهاجمة وزير الخارجية المغربي في ظل عودة أجواء التوتر إلى منطقة المعبر الحدودي "الكركرات"، الرابط بين المغرب وموريتانيا، بعدما عمد محسوبون على "جبهة البوليساريو"، أول أمس الأربعاء، إلى إغلاقه، رغم التحذير الذي كان قد أطلقه، أخيرا، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ودعوته إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس ونزع فتيل أي توتر.
ومنذ بداية سبتمبر/ أيلول الماضي، كثّفت "البوليساريو" تحركاتها من خلال توجيه زعيم الجبهة رسالة تحذيرية إلى الأمين العام للأمم المتحدة يطالب فيها بضرورة اتخاذ إجراءات وصفها بـ"الملموسة والجادة من أجل التنفيذ الصارم لخطة السلام"، لـ"تمكين الصحراويين من ممارسة تقرير المصير".
وبالتزامن مع التلويح بالمرور إلى مرحلة تصعيدية جديدة، والتخلي عن المسار الأممي لحل القضية، كان لافتاً تعزيز الجبهة لوجودها في منطقة ما وراء الجدار، وتخطيطها لبناء مزيد من المنشآت هناك، وكذا محاولتها فرض تحدٍ في وجه المغرب بقرار ما يُعرف بـ"انفصاليي الداخل"، بتأسيس هيئة جديدة أطلق عليها "الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي".
من جهة أخرى، اعتبر بوريطة أن افتتاح ثلاث قنصليات (بوركينا فاسو، غينيا بيساو، غينيا الاستوائية) اليوم بمدينة الداخلة يكتسي أهمية خاصة بالنسبة للمغرب، لأنه "إشارة قانونية تأتي في إطار تبادل الوثائق ومعاهدة فيينا حول العلاقات القنصلية لسنة 1963"، مشيرا إلى أن فتح سبع قنصليات حتى الآن بمدينة الداخلة، عشية تخليد الذكرى الـ45 للمسيرة الخضراء، "يعكس هذه التطورات الإيجابية، خاصة فيما يتعلق بدعم مغربية الصحراء من قبل دول شقيقة وصديقة".
وتراهن الرباط، في سياق تحركاتها الدبلوماسية في القارة الأفريقية، على فتح المزيد من القنصليات قبل متم العام الحالي، بعد أن كانت قد تمكنت، خلال الأشهر الماضية، من افتتاح عشر قنصليات بمدينتي العيون والداخلة، وهو الهدف الذي حددته لسنة 2020.
وعلى نحو لافت، بدا أنّ الدبلوماسية المغربية تستغلّ مرحلة الجمود التي يمرّ بها ملف الصحراء، لتسجيل نقاط على خصومها، وتحديداً جبهة البوليساريو، بفضل استراتيجيتها القائمة على حثّ الدول على الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، وتأكيد الأمر على أرض الواقع من خلال خطوات قانونية تتمثّل بفتح قنصليات.