غادرت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي تايوان، مساء اليوم الأربعاء، مختتمة زيارة تاريخية مثيرة للجدل ردّت عليها بكين بالوعيد والمناورات العسكرية.
وحيّت المشرعة البالغة 82 عاماً شخصيات كانت في وداعها في مطار سونغشان، قبل أن تصعد إلى متن طائرة عسكرية أميركية أقلعت الساعة السادسة مساءً (10,00 بتوقيت غرينتش)، على ما أظهرت لقطات مباشرة.
🚨VIDEO: Pelosi leaves Taiwan pic.twitter.com/TaSVDbFy0A
— Breaking News (@NewsJunkieBreak) August 3, 2022
وأبلغت بيلوسي، في وقت سابق اليوم الأربعاء، رئيسة تايوان تساي إينغ وين، بأن زيارتها للجزيرة توضح بشكل لا لبس فيه أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن تايوان، في وقت أكدت إينغ وين أن بلادها "لن تتراجع في وجه التهديدات العسكرية".
وقالت بيلوسي لتساي، إن تضامن الولايات المتحدة مع تايوان أمر بالغ الأهمية الآن أكثر من أي وقت مضى، مضيفة أن عزم واشنطن على الحفاظ على الديمقراطية في تايوان وبقية العالم لا يزال صلباً لا يلين.
وأثارت زيارة بيلوسي لتايوان استياء الصين، التي هددت بـ"أعمال عسكرية محددة الهدف"، رداً على الزيارة، إذ تُعدّ بيلوسي أكبر مسؤول أميركي منذ 25 عاماً يزور الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، والتي تزعم الصين أنها جزء من أراضيها، ويجب ضمها بالقوة إذا لزم الأمر، وتعتبر زيارات المسؤولين الحكوميين الأجانب اعترافاً بسيادة الجزيرة.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة لن تخاف من تهديدات الصين أو خطابها العدواني، مشيراً إلى أنه ما من سبب يدعو إلى نشوب أزمة أو صراع جراء زيارة بيلوسي.
بدورها، أعلنت الرئيسة التايوانية أن بلادها "لن تتراجع"، بينما تستعد الصين لإجراء مناورات عسكرية بالذخيرة الحية حول الجزيرة، رداً على زيارة بيلوسي. وقالت تساي: "في مواجهة التهديدات العسكرية المتصاعدة بشكل متعمد، تايوان لن تتراجع (...)، وسنواصل تشبثنا بخط الدفاع عن الديمقراطية".
وشكرت رئيسة تايوان بيلوسي على عملها الملموس لدعم تايبيه في هذه اللحظة الحرجة، وأخبرتها بأنها واحدة من أكثر أصدقاء تايوان إخلاصاً، وشكرتها على دعمها الثابت على الساحة الدولية. وأضافت تساي أن تايوان شريك موثوق به للولايات المتحدة، وستواصل العمل معها لتعزيز التعاون في مجالات الأمن والتنمية الاقتصادية وسلاسل التوريد.
وكانت بيلوسي قد التقت أيضاً نائب رئيس البرلمان التايواني تساي تشي-تشانغ، وقالت خلال الاجتماع: "نأتي بدافع الصداقة إلى تايوان، والسلام للمنطقة".
تايوان: التدريبات العسكرية الصينية تحدٍّ للنظام الدولي
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، اليوم، أن التدريبات العسكرية الصينية التي أُعلنت رداً على زيارة بيلوسي لتايبيه تنتهك المياه الإقليمية للجزيرة.
ولفت المتحدث باسم وزارة الدفاع التايوانية سون لي-فانغ في مؤتمر صحافي، إلى أن "بعض قطاعات المناورات الصينية تتداخل (...) مع المياه الإقليمية لتايوان"، مشدداً على أن "ذلك عمل غير عقلاني يهدف إلى تحدي النظام الدولي". ونقلت "رويترز" عن الوزارة تأكيدها أن تدريبات الصين حول تايوان تظهر نيتها تدمير السلام والاستقرار الإقليميين، مشيرة إلى أن الجيش يراقب الموقف من كثب، وقد عزز مستوى التنبيه، وسيتفاعل في الوقت والشكل المناسبين.
وأكدت الوزارة أن لدى الجيش مجموعة كاملة من الأنشطة الجوية والبحرية بالقرب من تايوان، وهو قادر على صيانة الأمن الوطني.
بدورها، أعربت اليابان عن قلقها لبكين بشأن المناورات العسكرية الصينية المقررة في المياه المحيطة بتايوان، وفق ما أفاد به متحدث باسم الحكومة اليابانية اليوم الأربعاء.
وقال المتحدث هيروكازو ماتسونو للصحافيين، إن "المناطق البحرية التي أعلن الجانب الصيني أنها ستستخدم في المناورات العسكرية (...) تتداخل مع المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان. وبالنظر إلى طبيعة التدريب بالذخيرة الحية لهذا النشاط العسكري، أعربت اليابان عن مخاوفها للجانب الصيني".
تحذير روسي: مستوى التوتر لا ينبغي الاستهانة به
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن زيارة نانسي بيلوسي لتايوان محاولة متعمدة من جانب واشنطن لإثارة غضب الصين. وقال لافروف في زيارة لميانمار: "لا أرى مبرراً آخر لإثارة مثل هذا الانزعاج دون أي سبب تقريباً، مع العلم جيداً بما يعنيه ذلك لجمهورية الصين الشعبية".
إلى ذلك، شدد الكرملين، اليوم الأربعاء، على أن مستوى التوتر الذي أثارته زيارة بيلوسي لتايوان "لا ينبغي الاستهانة به".
ورداً على سؤال حول عما إذا كان العالم أقرب إلى الحرب، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين إنه لا يؤيد استخدام هذه الكلمة، لكنه أكد أن الزيارة كانت "استفزازاً"، مشيراً إلى أنه "لم يجرِ التخطيط لإجراء اتصالات إضافية بين الرئيس فلاديمير بوتين والزعيم الصيني شي جين بينغ في ضوء الزيارة".
وعقب هبوط طائرة بيلوسي في تايوان مساء أمس الثلاثاء، قالت وزارة الخارجية الصينية في بيان إن "الولايات المتحدة... تعمل باستمرار على تشويه وإخفاء وتفريغ مبدأ صين واحدة"، مضيفة: "هذه الخطوات، مثل اللعب بالنار، بالغة الخطورة. وإنّ من يلعبون بالنار سيهلكون بها".
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تسيان، في بيان استنكر فيه الزيارة، إن "جيش التحرير الشعبي الصيني في حالة تأهب قصوى وسيشنّ عمليات عسكرية محددة الهدف للرد على ذلك، وللدفاع بحزم عن السيادة الوطنية ووحدة الأراضي، وإحباط التدخل الخارجي ومحاولات استقلال تايوان".
وبعيد وصول بيلوسي، أعلن الجيش الصيني إجراء تدريبات جوية وبحرية مشتركة قرب تايوان، واختبار إطلاق صواريخ تقليدية في البحر شرق الجزيرة، وفق وكالة شينخوا الرسمية الصينية، التي أشارت إلى أن التدريبات بالذخيرة الحية وتدريبات أخرى ستُجرى حول تايوان من الخميس حتى الأحد.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، إن زيارة بيلوسي تضرّ كثيراً بالسلام والاستقرار في مضيق تايوان، ولها تأثير خطير في الأساس السياسي للعلاقات الأميركية الصينية، وتنتهك بشكل خطير سيادة الصين وسلامة أراضيها.