مع انقضاء اليوم الخامس عشر لبدء العملية العسكرية المشتركة للقوات العراقية والمليشيات المساندة لها، على مدينة تكريت بغية استعادتها من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، لم تفلح الجهود في دخول المدينة التي تبلغ مساحتها 41 كيلومتراً مربعاً، على الرغم من تحقيق تلك القوات انتصارات واضحة من خلال السيطرة التامة على محيط المدينة وضواحيها والقرى المحيطة بها. إلا أن تكريت المعزولة عن العالم الخارجي لا تزال الهدف الأسمى للعملية التي تحظى بدعم إيراني مباشر وعلني لأول مرة منذ سقوط الموصل في العاشر من يونيو/حزيران الماضي.
وأعلن مسؤول عسكري عراقي لـ"العربي الجديد" عن تعليق عمليات اقتحام تكريت بشكل مؤقت بعد هجوم معاكس لتنظيم "داعش" على مواقع للقوات المشتركة سيطرت عليها أخيراً في محيط تكريت.
وأوضح المسؤول، الذي يشغل منصباً رفيعاً في قيادة عمليات صلاح الدين العسكرية، أن "التوقف جاء لإفساح المجال أمام سلاح الجو لقصف مواقع تواجد وتجمع تنظيم "داعش" لتلافي الخسائر البشرية في قواتنا أو القوات المساندة لنا"، مشيراً إلى أن "عدد قتلى معركة تكريت وضواحيها من القوات المشتركة بلغ 228 مقاتلاً، من بينهم 67 جندياً وضابطاً في الجيش النظامي، والآخرون من عناصر المليشيات بينهم 5 إيرانيين، كما أصيب نحو 400 آخرين أكثرهم بحالة مستقرة حالياً، وتم نقل الحالات الحرجة منها إلى إيران وتركيا للعلاج على نفقة الدولة".
في المقابل قُتل وأصيب أكثر من 300 مقاتل من تنظيم "داعش" غالبيتهم سقطوا خلال القصف الجوي والصاروخي، بحسب المسؤول نفسه، الذي لفت إلى أن القوات المشتركة "حقّقت تقدماً كبيراً منذ بدء العمليات، إذ تمت استعادة بلدات العلم والدور والبو عجيل، وهي الضواحي الجنوبية والشرقية والشمالية لمدينة تكريت، وهذا بحد ذاته إنجاز مهم"، معتبراً أن "سرعة وتسرّع القادة ومسؤولي الحكومة بالإعلان عن دخول تكريت أو تحريرها قريباً أحرج الجميع وشكّل ضغطاً على القوات المهاجمة"، مرجّحاً "ألا تنتهي المهمة قريباً".
اقرأ أيضاً: العراق: قاعدة أميركية معزولة في عين الأسد
إلى ذلك، كشف وزير الدولة لشؤون المحافظات العراقية أحمد عبدالله الجبوري، عن "تعليق عملية تحرير مركز مدينة تكريت مؤقتاً" بسبب كثرة العبوات الناسفة التي زرعها تنظيم "داعش" في الطرق الرئيسية وتفخيخ المنازل، ما يعيق تقدّم قوات الجيش العراقي والشرطة في تكريت.
وقال الجبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "القوات العراقية المسلّحة علّقت العمليات العسكرية لتحرير أحياء مدينة تكريت بسبب كثرة العبوات الناسفة التي زرعها مسلحو داعش في الشوارع وتفخيخ المنازل، الأمر الذي يعيق حركة القوات العسكرية في تحرير المنطقة"، مؤكداً أن "العمليات العسكرية تسير وفق ما هو مخطط لها".
ولفت الى أن "القوات العسكرية تسيطر الآن على 80 في المائة من مجمل أراضي المحافظة، فيما وجود "داعش" بات محصوراً في أحياء المدينة السكنية وهي مغلقة أمام خروج أي مسلح"، مؤكداً أن "القوات العسكرية أحكمت قبضتها على مداخل ومخارج المدينة لمنع فرار المسلحين خارجها".
وشدد وزير الدولة لشؤون المحافظات على أن "داعش سينتهي خلال الأيام المقبلة القليلة، وأن القوات العسكرية ستُعلن النصر النهائي بعد فرض السيطرة الكاملة على أراضي تكريت"، موضحاً أن "آلاف الأطنان من المتفجرات زرعها مسلحو التنظيم على أعمدة الكهرباء وعلب الهواتف وفتحات مجاري المياه، وهذا دليل على أنهم عصابة جاءت لتخرب صلاح الدين"، مشيراً إلى "أننا سنحتاج إلى جهد هندسي كبير لرفع هذه المتفجرات وتأمين المناطق لتسهيل عودة النازحين إليها بعد انتهاء المعارك".