جدّدت الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية أخرى، التأكيد على موقفها الرافض لأي تطبيع مع النظام السوري أو المساعدة بإعادة الإعمار، حتى يتم إحراز تقدم حقيقي في الحل السياسي، ودعت إلى محاسبة رئيس النظام بشار الأسد على ما ارتكبه من جرائم مروعة ضد المدنيين.
وحث بيان مشترك أصدرته الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، أمس الخميس، على محاسبة النظام السوري على "فظائع ارتكبها"، مؤكدة أنها لن تطبع علاقاتها مع النظام ولن ترفع العقوبات عنه، وذلك بمناسبة الذكرى الـ12 لاندلاع الثورة السورية.
وشدد البيان على رفض المشاركة في تمويل إعادة الإعمار في سورية قبل الوصول إلى حل سياسي مستدام، داعياً في الوقت ذاته المجتمع الدولي إلى "العمل معاً لمحاسبة نظام الأسد وجميع مرتكبي الانتهاكات والفظائع".
وذكرت الدول الأربع أن ما جرى في سورية، "خلق بيئة ملائمة لمهربي المخدرات الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم المخاطر وتهديد الاستقرار الإقليمي". ورحبت بجهود المحاكم الدولية التي تحقق بالجرائم التي وقعت في سورية ومحاكمة مرتكبيها، وطالبت بالإفراج عن أكثر من 155 ألف معتقل في سجون النظام، وتوضيح الحقيقة بشأن مصيرهم ومكان وجودهم.
وجاء البيان الرباعي تزامناً مع زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى موسكو، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأطلق مواقف تشير إلى ارتمائه الكامل في "حضن روسيا" التي تواجه عقوبات غربية مشددة بسبب حربها في أوكرانيا. كما يتزامن ذلك، مع تعثر انعقاد الاجتماع الرباعي بين تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري والذي كان مقررا في 15 و16 مارس/ آذار الجاري، لبحث خطوات التطبيع بين النظام وتركيا.
ويرى مراقبون أن النظام السوري المعزول عربياً ودولياً منذ العام 2011، بسبب قمعه الوحشي للاحتجاجات ضده، يحاول استغلال كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سورية وتركيا في 6 فبراير/ شباط الماضي، من أجل استعادة العلاقات السياسية والإفلات من العقاب، تحت ذريعة إيصال المساعدات الإنسانية للمنكوبين.
ومن جهته، أكد الممثل الأعلى للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، موقف الاتحاد المعارض للتطبيع مع نظام الأسد "ما لم ينخرط في حل سياسي حقيقي يتماشى مع القرار الأممي رقم 2254".
وقال البيان بمناسبة الذكرى السنوية الـ 12 لاندلاع الثورة السورية، إن النظام السوري "قمع الاحتجاجات السلمية في جميع أنحاء سورية بوحشية، ما أثار صراعاً مستمراً حتى يومنا هذا"، مضيفاً أن "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، من قبل جميع أطراف النزاع، ولا سيما من قبل نظام الأسد وحلفائه، ما تزال ترتكب".
وأضاف: "أن المدنيين في سورية يواجهون دماراً ثانياً كبيراً بسبب الزلزال الذي ضرب المنطقة، وذلك بعد الدمار الفظيع الذي ارتكبه الأسد وحلفاؤه في العديد من المناطق داخل البلاد"، مشيراً إلى أنهم الآن يسعون إلى تضميد جروح الزلزال من خلال مؤتمر المانحين المزمع عقده في 20 الشهر الحالي. ولفت الى أن الاتحاد "أكبر مزود للمساعدات الدولية، ويقدم المساعدة الإنسانية وتحقيق الاستقرار والصمود داخل سورية وفي البلدان المجاورة".
ولفت إلى أنه "في مؤتمر بروكسل العام الماضي، تعهد الاتحاد بتقديم 2.6 مليار يورو لسورية والمنطقة للعام 2022 وحده".
وشدد ممثل الاتحاد الأوروبي على أن سورية تظل "أولوية" في سياسة الاتحاد، داعياً المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود للتوصل إلى حل سياسي دائم وشامل.
وكانت الخارجية الأميركية أكدت في بيان مماثل بمناسبة الذكرى 12 لانطلاق الثورة السورية وقوف الولايات المتحدة "إلى جانب الشعب السوري، وجددت التزامها بالحل السياسي للأزمة السورية، معبرة عن "حزنها على كل من فقدوا أرواحهم من أجل الحرية والكرامة".
تقرير الآلية الدولية بشأن الانتهاكات في سورية
في غضون ذلك، أصدرت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة بشأن سورية، التابعة للأمم المتحدة، أمس الخميس، تقريرها التاسع للمساعدة في التحقيق مع الأفراد المسؤولين عن أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي التي ارتكبت في سورية ومحاكمتهم بموجب القانون الدولي.
وجاء في تقرير الآلية الدولية أنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير "واصلت الآلية تحقيقها الهيكلي، وقدمت مزيداً من الدعم لعمل الولايات القضائية التي تحقق في الجرائم المرتكبة في سورية، وملاحقة مرتكبيها قضائياً".
وأضاف أن الآلية تسعى إلى "زيادة تطوير قدرتها التشغيلية في المقر وعلى المستوى الميداني، بغية توفير أقصى قدر ممكن من المساعدة التي يمكن أن تقدمها متى سنحت فرصة لتحقيق العدالة في المستقبل، خاصة بشأن توضيح مصير الأشخاص المفقودين وأماكن وجودهم".
وحث التقرير الضحايا والناجين على "القيام بدور فعال لتحقيق العدالة الشاملة للجميع".
وأعلنت الأمم المتحدة عن تأسيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المعنية بسورية عام 2016، بغية التحضير لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سورية.
وتعمل الآلية الدولية على جمع وتخزين وتحليل الأدلة بشأن الجرائم المرتكبة في سورية منذ عام 2011، بهدف المساعدة في محاكمة مرتكبي هذه الجرائم، حيث عملت منذ تأسيسها على جمع مئات آلاف الوثائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سورية منذ العام 2011.